الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حقوق الإنسان في العالم العربي الثقافة المهمشة

مصطفى المغراوي

2015 / 12 / 18
حقوق الانسان


أصبح موضوع حقوق الإنسان يشغل الرأي العام العالمي، لأنه ينطلق من نبذ الظلم مهما كان مأتاه، وهو بذلك يشكل سلسلة متطورة من عطاءات البشرية، في مختلف أوجه الصراع الذي خاضته عبر مسارها التاريخي الطويل، صراع يكشف في كل مرة عن حاجات متجددة ، وحقوق مصاحبة لها في بعدها الفردي أو الجماعي.
من هنا نستنتج أن ثقافة حقوق الإنسان، ليست وليدة مرحلة بعينها في تاريخ الإنسانية، بل هي نتاج موضوعي للتراكم الحاصل أثناء تعاقب حقب وفترات وعقود، بموازاة بروز متطلبات جديدة، تعمل جاهدة على انتزاع الضمانات الكافية، لتحويل المواثيق والعهود ذوات الصبغة النظرية، إلى ضوابط لها قوة إلزامية، تساعد على الانتقال إلى مستوى القاعدة القانونية، التي تمنح الأفراد أو المجتمعات قدرة على مواجهة الزحف المتزايد، لِزُمَرِ المشاكل بشتى أصنافها وأنواعها.
إن مفهوم حقوق الإنسان مفهوم حركي، يتطور مع اختلاف العصور وتعاقب الدهور، خاضعا للمستجدات التي يقتضيها كل زمان ومكان، وبالتالي فهو مفهوم لا يتسم بالجمود والسكون، لأنه قد يختلف تاريخيا كما قد يختلف جغرافيا أو سياسيا أو عرقيا... حيث نجده يخضع لمستوى الثقافة الديمقراطية السائدة في الشعوب، عاكسا بذلك التطورات التي مرت بها في فترات سابقة، ومن هنا ندرك إدراكا جازما أن البشرية قد قضت مراحل طويلة من تاريخها، قبل الاهتداء إلى تشريعات تحمي حقوق الإنسان منذ بداية الحضارات، كحضارة الأنهار وحضارة البحر الأبيض المتوسط والحضارات السماوية والحضارة الأوروبية في عصر النهضة وفي عصر الأنوار إضافة إلى الثورات الاجتماعية والسياسية المختلفة في أوروبا وأمريكا وغيرها من البقاع .
لكن الذي يستأثر بالاهتمام هو صعوبة حصر كل الحقوق ، لأنها بمثابة شبكة متشعبة ذات وشائج وعلاقات قائمة على التكامل فيما بينها، وجلها موجه لخدمة الإنسان والدفاع عن الإنسانية، ضد كل أشكال القهر والقسر والتعسف والظلم الجائر.
عند تأملنا لهذه الحقوق، نجدها تنبني على مجموعة من القيم وعلى رأسها قيمة الحرية، التي تعتبر جوهر هذه الحقوق وأعظم حق يناضل الفرد والجماعة من اجله ، ونقصد هنا بالحرية: حرية الكائن البشري في الرأي والتجمع والإضراب والانتماء واللجوء والمساواة... فهل يتمتع الفرد العربي داخل وطنه العربي بجزء من هذه الحقوق؟ وهل يمتلك ثقافة حقوقية؟ بل كيف السبيل إلى تلقينها للناشئة وأجيال المستقبل ليصبحوا قادرين على التمييز بين الحق والواجب؟
أسئلة كثيرة أجوبتها ضائعة داخل دهاليز الوزارات وحكومات الدول العربية ، والتي تنزع راغبة وقاصدة إلى جعل الحديث عن ثقافة حقوق الإنسان من الطابوهات المحظور تناولها وتداولها، لحرمان المجتمع من تعرف حقوقه اللازم التمتع بها، في ظل أنظمة لا تحرص على إعطاء العناية الخاصة لهذه الثقافة المنعدمة في البلاد العربية قاطبة، فهي لا ترى ولا تزن ولا تهتم كليا بهذا المطلب المشروع، لا من ناحية الثقيف أو من ناحية التطبيق، بل تناهض ذلك وتحارب من يدعو إليه، وهذا أمر يتعارض والمصلحة التي ينشدها الفرد داخل وطنه، والتي من شانها تعزيز الحس الوطني الذي اخذ يندثر بفعل التصرفات المشينة والمسيئة لكرامة الكائن البشري، ومرد ذلك يعود إلى عدم الوعي الحقيقي بهذا المطلب الإنساني، والرغبة في ممارسة التعتيم والصمت، لأن ذلك قد لا يخدم بعض المصالح الذاتية ويضر بها، معرضا إياها لمجموعة من المخاطر التي قد تعصف بمستقبلها إلى الأبد.
إن الأنظمة الحاكمة تلجا دوما إلى الاعتراف النسبي بحقوق على حساب أخرى، جاهلة أو متجاهلة أن هذه المنظومة لا يمكن تجزيئها، أو الأخذ يبعضها دون الآخر، لأنها تشكل فيما بينها كلا متماسكا متداخلا تحقيقا للتكامل المرغوب، و غير هذا من شانه أن يُفاقم الضرر الذي يتعرض له الشخص الطبيعي داخل مجتمع معين، والذي يُفتَرَض أن تخضع كرامته إلى عدد من القواعد القانونية الموحَّدة ، التي تضمن له الحماية اللازمة ضد كل الآفات ، لان حقوق الإنسان ترجع إلى الإنسان نفسه بصفته إنسانا، ومن هنا يكون هدفها صيانة الكرامة الإنسانية مهما تعددت وتنوعت طبائعها.
وعموما يمكن القول أن الوطن العربي ما زال بحاجة إلى كثير من البرامج والمشروعات، التي تعزز ضمان واحترام حقوق الإنسان، ومن أهمها ما يتصل بنشر ثقافة حقوق الإنسان بين كل الأفراد على اختلاف أجناسهم وأعراقهم و أوضاعهم، لان تَعَرّفَ الحقوق كاملة يدفع إلى تعرف الواجبات فتزدهر الأمم، الإنسان ويشيع السلام، وتُنشَر ألوية الود والمحبة، ويسود التضامن والتعاون، وتنبعث الضياء في عالم يفيض بالرخاء.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لأول مرة منذ بدء الحرب.. الأونروا توزع الدقيق على سكان شمال


.. شهادة محرر بعد تعرضه للتعذيب خلال 60 يوم في سجون الاحتلال




.. تنامي الغضب من وجود اللاجئين السوريين في لبنان | الأخبار


.. بقيمة مليار يورو... «الأوروبي» يعتزم إبرام اتفاق مع لبنان لم




.. توطين اللاجئين السوريين في لبنان .. المال الأوروبي يتدفق | #