الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فنجان قهوة

منير ابراهيم تايه

2015 / 12 / 20
الادب والفن


لماذا نكتب، وكيف نمتلك الجرأة على فعل الكتابة، وماذا تعني الكتابة لمن يمارس طقوسها، وهل تصلح أن تكون انيسا وصديقا وعشقا، ومتى ما تطلق سحرها في عقل ناسكها؛ فيصبح مهووسا بها.. يصاب بعشقها ولا يشفى أبدا...
وهل الكتابة فن صامت و خجول و لا يفهمه إلا العقلاء
واذا كانت الكتابة متعة... وانت لا تكتب لأحد، فقط لنفسك.. تكتب للهرب، للتخلص من إحساس بضيق أو اختناق..
انها ليست مسألة إلهام، ولكن فقط لتستطيع ان تتنفس، واذا كان هدف الكتابة التغيير، فهل من يكتب للناس يغيرهم ومن يكتب لنفسه يغيرها...
ولما كانت الكتابة تخفف عنك الشعور بالوحدة وتحافظ على توازنك النفسي وتعطيك مساحة آمنة لتفريغ مشاعرك والتعبير عنها... فهي اذن تحررك من سجن الواقع وتطلق العنان لخيالك لإعادة اختراع واقع من تصميمك او كما يقول الاديب الامريكي مارك توين "الكتابة لمن يريدون التواجد في مكان آخر " والمكان الاخر هذا من اختراع الكاتب، انها أفضل طريقة لتحويل آلامك وهمومك ومعاناتك إلى عمل فني يعطيك شعورا بالراحة النفسية .
لا تكتب بحثا عن مجد أو شهرة، ولكن أكتب كي تبحث عن حقيقة وجودية يقمعها الواقع، وتدمرها الحماقات.. فالكتابة هي عمل لإعادة عناصر هذه الحقيقة بشكل جمالي.. فالانسان وجد من أجل أن يؤدي دينا لصالح الإنسانية، و أن عليه مسؤولية ضمير ومسؤولية أخلاقية.. الكتابة مساحة لإعادة النظر في هذا العالم من حولنا ومحاولة تفسيره للخروج بفهم افضل لما يحصل فيه، انها وقفة مع الزمن ومساحة للتأمل والنظر في الاشياء والاحداث بطريقة اعمق واكثر تأملا بعد ان تعيد ترتيب الاحداث وتعيد تجميعها مرة اخرى للوصول الى الحقيقة او قريبا منها. أكتبُ لكي تتخيل الأشياء على نحو مختلف، وبتخّيل الأشياء بشكل مختلف.. ربما يمكن للعالم أن يتغير
سأل الأديب والكاتب التركي أورهان باموك هذا السؤال: لماذا تكتب. فقال: (أكتب لأن تلك رغبتي، أكتب لأنني لا أقدر على القيام بشيء آخر غير الكتابة، أكتب كي أشير أو أناقش بعض الآراء التي وردت في كتبي، أكتب لأنني غاضب منكم جميعا، من العالم كله. أكتب لأنه يروق لي أن أنزوي في غرفتي اليوم كله. أكتب لأنني لا أستطيع تحمل الحقيقة إلا وأنا أغيّرها، أكتب حتى يعرف العالم أجمع أي حياة عشنا، وأي حياة نعيش، أكتب لأنني أحب رائحة الورق والحبر، أكتب لأنني أؤمن فوق ما أؤمن به، بالآداب وبفن الرواية ومن ثم بالصحافة، أكتب لأن الكتابة عادة وشغف) ؟
اكتب لأن الكتابة تنفيس للعقل والقلب واستمطار للاراء وتلقيح للافكار... فالكتابة نوع من السياحة في جنبات الأرض، أكتب إذن أنا موجود. على عكس ما قاله سارتر: أنا أشك إذن أنا موجود. اتخذ من الشك منهجا، وليس نهاية أو نتيجة. فالشك يجعلك تعود لمظان كثيرة لتتاكد مما تشك فيه قبل أن تكتب. فالكتابة جزء من الوجود الفكري للكاتب وليس الشك وحسب
الكتابة تعطيك شعورا بحالة من التوحد مع نفسك، فتجد النفس تنصاع لك مسالمة رقيقة كالنسيم، تلمسها كالياسمين فتطرح عبيرا فواحا، الكتابة مصالحة مع النفس. لا يمكنك أن تكتب مخاصما نفسك، فالعشق أصل الكتابة
وانت لا تحتاج شيئا كي تكتب، لا تحتاج تعلم طالما لم تلزم نفسك مهاما أكبر من حدود تجاربك الذاتية، فحياة كل منا ثرية بالتفاصيل والمواقف، بعضها لا نقوى على تذكره إما لعاديته أو لأننا قررنا بشكل او آخر إسقاطه من حياتنا، والبعض الأخر نهر من الحزن والشجن والفرح حفرت في ذكرياتنا مجراها جديرة بأن تلون مياهها كتابات لتبقى وتخلد بعد أن تنتهي رحلتنا. فلن يستطع أحد أن يكتب ما تشعر أنت به فقط، قد يستطيع كتابته بشكل حرفي أمهر منك، لكن سيفتقد صدقك ومشاعرك.
للوهلة الاولى قد تظن ان الكتابة عملية صعبة ومعقدة، لكنها غير ذلك وإن بدت، وفي كل الأحوال الحل الوحيد لخوض غمارها هو الشروع فيها دون أي تردد.. فاكتب.. لا تتردد.. اكتب كي لا تكون وحيدا فالكتابة فعل انساني يغوص في حياة بشر من لحم ودم ومشاعر وقدرات متفاوتة من التفكير وتراكم الخبرات، فانت لا تكتب لنفسك..
أكتب لكي تتصالح مع الأشياء التي لا تستطيع السيطرة عليها فالكتابة تعطي شكلا من النظام لفوضى الحياه، انها تنظم الحياة
اكتب كي تواجه اشباحك.... اكتب لتتحرر من صمتك
واخيرا.. اكتب لتصنع الخيال








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. علي بن تميم: لجنة جائزة -البوكر- مستقلة...وللذكاء الاصطناعي


.. تسجيل سابق للأمير الشاعر بدر بن عبد المحسن يلقي فيه أبيات من




.. الفنانة غادة عبد الرازق العيدية وكحك العيد وحشونى وبحن لذكري


.. خلال مشهد من -نيللى وشريهان-.. ظهور خاص للفنانة هند صبرى واب




.. حزن على مواقع التواصل بعد رحيل الأمير الشاعر بدر بن عبدالمحس