الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأكلُ يحترِق .. الوطنُ يحترِق

امين يونس

2015 / 12 / 20
مواضيع وابحاث سياسية


( حمودي الصغير ، تجاوزَ عُمره الخمسة سنوات ، ولم ينطُق بِكلمةٍ واحدة .. بحيث ان والدَيه ظّنا بأنهُ أبكَم ، وحتى بعد مراجعتهم للعديد من الأطباء ، الذين أكّدوا أن إبنهم الصغير ، ليس عندهُ مشاكل صحية في المناطق المسؤولة عن النُطق ، فأنهُ بقيَ صامتاً على طول الخَط . إلى أن كانَ في صباحٍ ما ، وحمودي جالسٌ في المطبخ ، كالعادة ، ووالدتهُ تقومُ بأعمال المنزل .. حيثَ قالَ حمودي ، بصوتٍ واضِح وكلماتٍ كاملة : ماما ماما .. أن الأكل يحترِق ! . سارعتْ الأم وأطفئتْ الطباخ .. ثم إنتبهتْ إلى أن إبنها تكلمَ أخيراً ، فقفزتْ من الفرحة وقالتْ : أنك تتكلمُ ياحبيبي .. لماذا لم تنطق شيئاً في السابِق ؟ .. رَدَ حمودي ببساطة : .. كانَ كُل شئ يسيرُ بِشكلٍ طبيعي وجيد ، فلماذا أتكَلَم ؟! ) .
.....................
أيها القابضونَ على السُلطة .. أيها المُتحكمونَ بِكُل مفاصل المال والتجارة والثروة والنفط .. أيها الجَشِعونَ أيها الحيتان ..
لطالما بقينا نحنُ آلاف الحموديين الصِغار ، صامتين لسنين طويلة . كُنّا نتغاضى بِغباء ، عن إنتهاكاتكُم .. كُنا نتعامى بِسذاجة ، عن فسادِكُم .. كُنّا حَمقى ولا نقولُ شيئاً ، عن أكاذيبِكُم وإدعاءاتِكُم .. ولكن أن تَصِل الأمور ، إلى حَد أن تتهاونوا وتستهتروا ، بحيث " تحرقوا الطِعام " ، فسوفَ ننطُق .. بل لن نتوقفَ عن الكَلام ، ونقولها بصراحةً وبوضوحٍ تام : كفى ... بصوتٍ هادرٍ يهُز أركانكُم : كفى .. فلقد تجاوزتُم كُل الحدود .
وأستعيرُ من الدكتور " فارس كمال نظمي " ( .. حينَ تأبى السُلطة الكومبرادورية ، ان تُمارِس حَداً أدنى من الإصلاح الإقتصادي والسياسي ، لصالح المحرومين ، وتصرُ على إستمرار تكديس الأموال في كَفة قادَتها وزبانيتها .. فعليها ان تُواجِه ، حَداً أعلى من طاقة الإحباط المُنفَلِتة لدى المحرومين ، ضمن جَدلِية إعادة توزيع الثروة .. ولكن بوسائِل الإنتقام والثأر وإعتبار الدولة غنيمةً مُستباحة ! ) .
كما أستعيرُ من الأستاذ " سعدون محسن ضمد " ( .. القَدَر الذي ، يجمع الوَعي والضمير ، في شريحةٍ من الناس ، والسُلطةَ والمال في غيرها .. قَدَرٌ أحْمَق ) .
................................
حمودي الصغير ، نطقَ أخيراً ، لأن الأكل كانَ يحترِق .
أما آنَ الوقتُ لنتكَلم .. حيثُ ان الوطنَ كلهُ يحترِق .
فَلَسنا مُجبَرينَ أن نقبَلَ بالقَدَر .. إذا كانَ القَدَرُ أحمَق .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - هذا الشعب الذي إرتضى المهانة وعشق خرافة الأديان
الحكيم البابلي ( 2015 / 12 / 20 - 23:41 )
صديقي الرائع .. تحية
ألم أقل لك سابقاً بأنك أروع كاتب في الحوار المتمدن!!؟
هكذا وبعدة كلمات وقصة من هنا ومَثَل من هناك وحكمة من فوق وعِبرة من تحت تصوغ لنا أجمل المواضيع الخفيفة على المعدة الفكرية التي لم تعد تهضم الكثير اللامُجدي على طاولة الوطن الفكرية
جميلُ مقالك، ولكن .. يا صديقي الحزين أشعر أحياناً بأن المفروض أن لا يقع اللوم على عاتق الحرامي الساختجي الذي ولد ناقصاً مشوهاً ومريضاً بكل أنواع الجرب والطاعون، بل المفروض أن نلقي اللوم على هذه المجاميع البشرية التي تنام على خجلها وضعفها في مواجهة الجلاد، بينما نراها تسير حافية جائعة وتتحمل الكثير وتلطم وتبكي وتُدمي نفسها في مسيرات مليونية من أجل خزعبلات دينية ورموز ماتت ونفقت منذ مئات السنين
يا عزيزي السيد أمين، الذنب ليس ذنب البائع البهلوان المُمخرق، بل ذنب الشاري الساذج الغبي الذي يقايض تراب وطنه ومعدة أولاده من أجل بضعة خرافات يبيعها له خرفان الدين والسياسة والبلطجية التي تعيش وتقتات على الجهل، ويا لكثرة الجهلاء في أرجاء هذا الوطن الذي تنخر فيه دودة الأديان اللئيمة
عيد ميلاد سعيد وسنة مباركة، دع الموتى تدفن موتاها
طلعت ميشو

اخر الافلام

.. تصاعد الدخان من حي الشجاعية في غزة وسط دوي الانفجارات واستمر


.. الإصلاحي بزشكيان يواجهة برلمانا محافظا بعد انتخابه رئيسا لإي




.. مستوطنون يشعلون النيران في سهل ترمسعيا قرب رام الله


.. لقطات زمنية لتطور حريق اشتعل بجبال سانتا باربرا في أميركا




.. مهمة إنقاذ ناجحة لرجل إطفاء محاصر في أميركا