الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التطرف : كلنا بالهوا سوا.....

احمد عسيلي

2015 / 12 / 21
مواضيع وابحاث سياسية


هل التطرف أو الإرهاب مشكلة اسلامية ؟
أتفق تماما مع كل الآراء التي تدعوا إلى تحديث الإسلام فقها و خطابا ، و أعتقد أننا نعيش واقع مؤلم نتيجة تقاعس النخبة في العالم الإسلامي عن القيام بهذا التحديث و تفعيله داخل العقلية الإسلامية ، لكن و بعيدا عن أي رد فعل مستعجل ، و بكل صراحة و مسؤولية ، هل الإرهاب هو مشكلة عالمنا الإسلامي فقط ؟
لغة الإعلام العربي ( المصري و السوري خاصة ) كما لغة الإعلام الغربي ، تردد نفس الأسطوانة دائما ، لكن للواقع حقائق أخرى !!!!
ربما يكون من قام بالهجمات الإرهابية في باريس مسلما ، و قام بهذه الهجمات لدوافع دينية ، لكن هل هذه الهجمات هي الأولى و الفريدة من نوعها ؟
أنسيتم ( يا سادتي يا كرام ) المواطن السويدي أنطون لوندين بترسن ، الذي هجم على مدرسة للآطفال في السويد و قتل شخصين بريئين على أسس عرقية ، وفقا لتصريحات الشرطة في السويد ؟
أنسيتم فورا أحداث عام 2011 في النرويج ، و قبل حلول مشكلة اللاجئين أصلا ، حين قام المواطن (النرويجي الأبيض ) اندرس بريفييك بفتح النار على 77 شخص ؟
ماذا تسموا هذه العمليات ؟
أليس الارهاب هو القتل على اسس دينية أو عرقية أو الموقف السياسي ؟
إذن هذه العمليات هي إرهابيية و بكل المعايير و قام بها أشخاص أوربيون من أصول أوربية ، و قد تلقوا تربية أوربية ، بل و في أرقى دول أوربا أيضا .
لماذا لم نر الإعلام ، لا العربي و لا الأروبي ، قد تناول قضية الإرهاب اليميني كما يتناول قضية الإرهاب الإسلامي ؟
لماذا لم نر الإعلام يسلط الضوء على الإرهاب اليهودي ، بعد قيام أحد المستوطنين اليهود بقتل طفل فلسطيني عمره سنة و نصف ؟؟
ماذا نسمي الشخص الذي يعتدي على طفل بعمر السنة و النصف و على أسس عرقية و دينينة ؟
أليس إرهابيا و تطرفا ؟
ماذا تسموا هذا المتطرف اليهودي الذي طعن فتاة بعمر الورد في مسيرة للمثليين في اسرائيل ؟
أليس متطرفا إرهابيا يهوديا ؟
لماذا لم نسمع أبدا أي حديث عن التطرف الأوربي ولا اليهودي ؟
حتى لغة الأرقام تؤكد ذلك ، فوفقا لما نشره موقع روسيا اليوم ، فإن أوربا في عام 2013 ، شهدت 152 هجمة إرهابية ، 84 منها قام بها أوربيون على أسس عرقية و انفصالية ، و 2 منها فقط على أسس دينية .
لكن الأغرب و الأكثر غرابة هو تحليل الأسباب التي أدت الى صعود اليمين المتطرف الأوربي و اليهودي .
فالجميع يتفق على أن سبب هذا الصعود هو أزمة اللاجئين و ما تحمله من عبئ اقتصادي و اجتماعي أثر سلبا على حياة المواطنين في أروبا ؟
أنا أتفق معكم تماما يا سادتي ، فالتغيرات السلبية في طبيعة الحياة ، تدفع الإنسان الى التطرف ، و هذا مثبت تماما في علم النفس الإجتماعي ، لكن ما رأيكم في التغيرات التي حصلت في حياة شعوبنا ؟
ما رأيكم بالقصف الكياوي لدوما ، و بتحول نصف الشعب السوري الى لاجئين ؟
ما رأيكم في الأزمة الإقتصادية في مصر ؟ من متوسط للرواتب لا يتجاوز المئة يورو شهريا ؟
ما رأيكم في المواطنين السوريين الذين يرون طيران العالم كله ، شرقه و غربه و خليجه ، يحوم في الأجواء السورية قاصفا الأحياء و المدن و موقعا يوميا عشرات الشهداء ؟
نعم ، أتفهم تماما تطرف الأوربي نتيجة توافد عشرات آلاف اللاجئين إلى بلاده و مقاسمته رزقه و حياته !! لكن كيف سيكون ردة فعل السوري الذي لم تبق بلد في العالم إلا و استعرضت عضلات طيرانها فوق أجوائه و قصفت أهله و أكثر الأماكن قربا الى قلبه ؟
كيف سيكون موقف المصري الذي يرى قوات الأمن في بلاده تقتل المواطنين في الشارع و بمباركة دولية ؟
كيف سيكون موقف السوري الذي فقد كل شيئ و العالم ما زال يتحدث عن ضرورة الحل السياسي ؟
نعم هناك تطرف إسلامي عنيف جدا ، لكنه ليس صناعة اسلامية ، بل صناعة دولية .
القاعدة نفسها و بن لادن نفسه صناعة أمريكية خليجية ، القاعدة لم تكن نتاج فقهي إسلامي ، بل نتيجة لعب مخابراتية دولية ، و إن تبعها لاحقا بعض المتغيرات في المجال الفقهي ، لكنها صناعة دولية أصلا
و كلنا كسوريين نعرف ، أن محافظة الرقة ، مركز داعش الحالي ، لم تكن يوما حاضنة للتطرف ، بل كانت مدينة ليبرالية ، أهلها مثقفون مسالمون ، و كانت هي و طرطوس ، المدينتين السوريتين الوحيدتين اللتين تطبقان مبدأ التعليم المختلط ، أي أن الطلاب من الجنسين يدرسون معا ، و لا توجد مدارس للبنات و أخرى للصبيان ،
الرقة لم تكن أبدا بيئة حاضنة للتطرف و التربة بها لم تكن أبدا تربة داعش ، لكن داعش فرضت فرضا عليها ،
بالمختصر ، التطرف الحالي مشكلة أوربية يهودية إسلامية ، و يجب أن نتعاون جميعا على القضاء على هذا الوباء الدولي ، و بمشاركة دولية واسعة ،
و يجب على الأوربيين أن لا يكرروا حماقة الأنظمة الدكتاتورية العربية ذاتها ، بتضييق الخناق على جميع الإسلاميين و حشرهم في الزوايا الضيقة ، فعواقب هذه التصرفات ستكون وخيمة على الجميع ، و لا أعتقد أن الوضع في بلادنا يشجع أي دولة أخرى على تكرار تجارب التعامل مع الشعوب كما تتعامل أنظمتنا مع شعوبها ، فالنتيجة واضحة و صارخة .
نعم التطرف مشكلة دولية ، لكن أولى الخطوات القضاء على هذا التطرف ، هو مساعدة المسلمين على بناء أنظمة ديمقراطية حقيقية ، و إحداث تغييرات عميقة في بنية العقلية اليهودية المتطرفة ، و العمل على المستوى التربوي من أجل تخليص الجيل الأوربي الناشئ من عقلية التطرف اليميني .
هكذا يصبح عالمنا أجمل ، هكذا نستطيع بناء حضارة تفتخر بها الأجيال القادمة.......








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كيف تتطور أعين العناكب؟ | المستقبل الآن


.. تحدي الثقة بين محمود ماهر وجلال عمارة ?? | Trust Me




.. اليوم العالمي لحرية الصحافة: الصحافيون في غزة على خط النار


.. التقرير السنوي لحرية الصحافة: منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريق




.. بانتظار رد حماس.. تصريحات إسرائيلية عن الهدنة في غزة