الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الذريعة ومنافعها

ماجد ع محمد

2015 / 12 / 21
مواضيع وابحاث سياسية


لو لم تكن موجوداً لأوجدتك لأن لولا وجودك
لما توفر لدي المبرر لمحاربة من كان مثلك.
لا يخفى على من كان مطلعاً على تاريخ وأنشطة حزب العمال الكردستاني في تركيا معرفة أن هذا الحزب وبالرغم من أن تركيا على الدوام كانت تقول بأنه حزب إرهابي، وبموجب ذلك الوصم الجاهز والدائم تحاربه في السر والعلن، إلا أنها في الوقت نفسه ربما لم ترغب يوماً بإنهاء حياة الحزب المذكور، وذلك باعتبار أن الفصيل الأوجلاني كان ولا يزال أفضل ذريعة بيد تركيا لمحاربة أي تطلع كردي في المناطق الكردية في تركيا، وقد اعتقلت باسمه من تريد وحاربت مَن تريد، ومتى تريد أي نفرٍ من المثقفين الكرد بعد إلصاقهم تهمة الانتماء الى حزب العمال الكردستاني، ومن جهة أخرى ليحصل العقل العسكري في الدولة بناءً على الذريعة تلك على حق إلقاء القبض على أيٍ كان من النشطاء الكرد على امتداد خارطة تركيا، هذا إذا لم تتم محاربتهم بالحديد والنار كما فعلت في السنوات السابقة لأكثر من عشرين سنة، وما تقوم به الآن في ديار بكر (آمد) وغيرها من المناطق والمحافظات.
ويبدو أن السلطات التركية لا تزال تتعامل بنفس عقلية الذريعة تلك حتى بخصوص ما يتعلق بخارج حدودها وتحديداً بالوضع في المناطق الكردية في سوريا، وقد أكد النشطاء في مدينة كوباني بأن تركيا بذريعة ضرب داعش وبدلاً من قصف مواقع التنظيم الارهابي كانت تقصف مواقع وحدات الحماية الشعبية الجناح التابع لحزب الاتحاد الديمقراطي، وربما للتهيؤ المسبق للذريعة صرّح وزير الخارجية التركي منذ أيام مولود جاويش أوغلو، بأنّ "أكراد سوريا يناشدون تركيا لتخليصهم من عناصر تنظيم حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي، وأن الأهالي مستاؤون من ممارسات التنظيم الرامية إلى إرغامهم لتبني إيديولوجيته"، حقيقة بالرغم من المضايقات المتكررة لأسايش كانتونات حزب صالح مسلم إلا أن قصة طلب الاهالي قد تبدو من بنات خيال الوزير، لأن الأهالي الذين ضاقوا ذرعاً بتصرفات الجندرمة التركية على طول الحدود مع المناطق الكردية لا يمكن أن يستعينوا بمن يطلق النار عليهم لينجدهم من بني جلدتهم.
كما أن قول جاويش أوغلو بأنّ "الأهالي يؤكدون رغبة التنظيم الكردي في تشكيل مجتمع كردي ملحد، وأنّه يقوم بممارسة الظلم للفئات التي لا تتفق معه في التطلعات"، هو لا يمت للواقع بصلة لأن الحزب المذكور تدخله بالأمور الدينية هو مشابه تماماً ربما لتدخل الدول الاقليمية مثل سوريا وتركيا في ذلك الجانب، وأصلاً لا يعنيهم الدين بشيء، وكل ما يهمهم هو السيطرة على حكم المنطقة الى أجلٍ غير مسمى ومن ثم جني المال منهم وفرض الرسوم عليهم مثلما كانت تفعل الدولة العثمانية عام 1839، كما أن كانتوناتهم لم تغير شيء من النظام العام الذي كانت المناطق الكردية سائرة عليه قبيل الثورة السورية، إلا اللهم في بعض الجوانب الشكلية، وما تعلق بالجانب التدريسي وقصة حشر اللغة الكردية في المناهج الدراسية من باب الدعاية والترويج الحزبي، أما فيما يتعلق بممارسة السطوة فأيضاً الوضع ليس كما تحدث عنه الوزير أوغلو باعتبار أن ممارسة الأجهزة العسكرية التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي هي ليست قائمة على الهوى الحزبي، إنما هي قائمة على الهوى المصلحي لمن يمارسون السلطة، وظلمهم الاقتصادي الممثل بفرض الضرائب يطال كل فئات المجتمع وقد يشمل حتى البعض من أنصار حزبهم، ولكن يبدو أن وجود هذا الحزب خير ذريعة لتركيا حتى تتدخل بطريقةٍ ما بشأن المناطق الكردية في سوريا، علّها تضرب لاحقاً أي توجه قومي آني أو مستقبلي لأناس تلك المناطق، وذلك سواءً أكان من يدير تلك المناطق هو الاتحاد الديمقراطي أو غيره من التنظيمات، ويبدو أن الأهم بالنسبة لتركيا هو أن حزب الاتحاد الديمقراطي لايزال أيديولوجيا تابع لحزب العمال الكردستاني، والأخير ذريعة دائمة عند تركيا لضرب المناطق الكردية متى ما أرادت منذ أكثر منذ عقدين من الزمان، على غرار تنظيم القاعدة الذي غدا خير ذريعة لبعض الدول حتى تضرب بقوة كل من تراه خطراً عليها وذلك بحجة تبعيته لتنظيم القاعدة.
عموماً فالذريعة لا تزال لها منافعها الجمة لدى أغلب من يلعب بمصائر الناس في بلادنا، حتى أن المواطن العادي أيضاً صار يختلق الحجج ليفعل عكس ما يقوله، كما أن النظام الاسدي ومنذ انطلاقة شرارة الثورة وهو يقمع شعبه بالبراميل والصواريخ وكل ما توفر لديه من سلاح تحت ذريعة محاربة الارهابيين، والدول الغربية بذريعة الارهاب يتخلصون من حثالات المتطرفين في بلادهم عبر ارسالهم تباعاً الى منطقة الشرق الاوسط تحديداً الى سوريا والعراق، وفوقها يتخلصون من الذخائر المكدسة في مستودعاتهم، وتنتعش تجاربهم وتجارتهم الحربية بفضل التحالف الدولي ضد الارهاب، وحزب الاتحاد الديمقراطي هو الآخر فبذريعة حصار المتطرفين الاسلاميين للمناطق الكردية يزيدون يومياً من خناق المواطنين في مملكتهم المؤقتة، كما أن المثقف الكردي خاصةً والمواطن الكردي بوجهٍ عام راح بذريعة مضايقات الأجهزة الامنية التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي يبيع ممتلكاته ليحصل بموجبها على صك الايواء في مكانِ ما من خصر أو بطن المحروسة أوروبا، باعتبار أن الحزب المذكور صار خير ذريعة لمن يود أن يهاجر عن طيب خاطر، ولكن بحجة أنه مُطارد أو فار من قِبل أجهزة أمن سلطة الأمر الواقع في المناطق الكردية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إلى أين سيقود ستارمر بريطانيا؟ | المسائية


.. غزة .. هل اجتمعت الظروف و-الضغوط- لوقف إطلاق النار؟ • فرانس




.. تركيا وسوريا.. مساعي التقارب| #التاسعة


.. الانتخابات الإيرانية.. تمديد موعد التصويت مرتين في جولة الإ




.. جهود التهدئة في غزة.. ترقب بشأن فرص التوصل لاتفاق | #غرفة_ال