الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حول الصراعات القبلية وإنتفاضة الأورومو فى أثيوبيا

رياض حسن محرم

2015 / 12 / 21
مواضيع وابحاث سياسية


ليس المعنى أننا نبحث أو نرحب بالشقاقات أو التقسيم فى أثيوبيا كحل لمشكلة سد النهضة التى تهددنا، ولكنها محاولة لفهم أبعاد ما يحدث فى هذا البلد الذى إرتبط بنا عبر التاريخ وإمتدت الحضارة الفرعونية لتشكل مرفأ على ضفافه وربطت الحضارة المسيحية بين شعبيه ووصلت قوات الخديوى إسماعيل المصرية الى أهم مدنه صانعة إمتدادا جغرافيا ما زالت آثاره باقية حتى الآن.
تتنوع الإثنيات والعروق فى أثيوبيا لدرجة يصعب حصرها حيث يسجل بها أكثر من 70 جماعة قومية لها أصول وأديان ولغات مختلفة ولعل من أهمها:
1- الآمهرة : يمثل الأمهرة بالإضافة الى التيجراى حوالى ثلث سكان الإقليم ويسكنون الهضبة الوسطى "الحبشة" ويعتبر الأمهريون السادة الأصوليين بدولة إثيوبيا وثقافتهم السائدة ويشكلون أغلب الطبقة الأرستقراطية فى البلاد ويعتنقون المسيحية الأرثوذكسية ولغتهم الأمهرية وهى اللغة الرسمية لأثيوبيا.
2- التيجراى: وتعد الإثنية المقابلة للأمهرية وتتشابه معها كثيرا وخصوصا فى إعتناق الأرثوذكسية ويتحثون اللغة التيجرانية ولهم "كما لمعظم القبائل" إمتدادت إفريقية ويعتبرون أنفسهم المنافس الأكبر للمهرة.
3- الأورومو: وهى أكبر إثنية فى أثيوبيا وتمثل حوالى 40% من مجموع السكان ويعتبرون أكبر تجمع قبلى بأثيوبيا ولهم لغتهم الخاصة "الأورومية" ومعظمهم يعتنقون الإسلام 60% على المذهب الشافعى، والمسيحيين يشكلون 30% بينما يشكل الوثنيين 10% ويتوزعون فى مختلف أنحاء البلاد.
4- الإثنيات الأخرى: ويشكلون أقليات مختلفة الأوزان وأهمهم السيدامو والشنكيلا والأوجادين والعفر والكوراج والفلاشا وغيرها.
ساهم الأورمو بفعاية فى الثورة الشعبية التى قامت لإسقاط النظام الإمبراطورى، وبعد سقوط النظام الشيوعى فى أثيوبيا بقيادة "مانجستو هايلاميريام" من خلال ثورة شعبية ضمت معظم القبائل وعلى رأسهم قبائل التيجراى بزعامة "ميلس زيناوى" متحالفة مع الجبهة الشعبية لتحرير إرتريا بقيادة " أسياس أفورقى" المدعومة من معظم الشعوب العربية وبعض القبائل الأخرى تولى زيناوى الحكم وسمح بإنفصال أريتريا وحاول تدعيم نظامه فى الداخل ولحم التناقضات بافتعال صراعات خارجية مع مصر حول مياه النيل وتوثيق علاقاته مع إسرائيل وقد نجح فى تحويل سد النهضة الى قضية قومية تجمع حولها معظم الأثيوبيين، وعقب رحيل زيناوى تولى "هيلا ميريام ديسالين" (الذى ينتمى الى قبيلة "ولايتا" الصغيرة فى الجنوب ومن الأقلية البروستانتينية) الحكم مع إستمرار تمسكه بمنهج زيناوى فى تصعيد الخلافات مع مصروالتركيز على إستكمال سد النهضة مع تصعيد النعرة القومية فى أثيوبيا متواكبا مع الحديث الفارغ من المضمون حول علاقة الصداقة المصرية الأثيوبية كنوع من المراوغة.
لاشك أن أثيوبيا بتشكيلها الحالى تمثل فسيفساء قبلى غير مستقر "كما هو الحال فى السودان ومعظم الدول الإفريقية"، وتشكل قبائل التيجراى الممتلكة للسلطة الآن حوالى 10% فقط من إجمالى السكان ومن المفارقات أن المنطقة المقام عليها سد النهضة تسكنها أقلية عرقية "بنى شنقول" وتطالب بالإنفصال عن أثيوبيا وتعادى النظام القائم هناك، بينما تتواصل الإنتفاضة الشعبية لقبائل الأورومو والتى تقابل بالقمع العنيف من قبل السلطة وتستمر المظاهرات فى قلب العاصمة "أديس أبابا" رافعة الأعلام المصرية وصور عبد الناصر بينما أعلنت قبائل أخرى الإنضمان الى الإنتفاضة منها الأوجادين وبنى شنقول بينما أعلن البرلمان الأثيوبى موقفا متعاطفا مع المتظاهرين، وكشف تقرير لمنظمة العفو الدولية "أمنستى" و "هيومان رايتس ووتش" أن السلطات الأثيوبية تمارس القمع والتعذيب والإعتقالات ضد المتظاهرين، ومن المعروف أن قبائل الأورومو يرتبطون بمصر عاطفيا ويعتبرون أن لهم أصول نوبية، وقد بدأت هذه الإحتجاجات فى منطقة "جينكى" التى تبعد عن أديس أبابا بحوالى 50 ميلا وكانت مطالبهم فى البداية رفض الإستيلاء على أراضيهم وضمها للعاصمة ومصادرة الغابات لصالح المستثمرين الأجانب، بينما هم يطالبون الآن بحق تقرير المصير والإنفصال عن أثيوبيا بقيادة "جبهة تحرير الأورومو التى تأسست عام 1973 ويرأسها حاليا داوود أبسا" بينما يقول الناطق الرسمى الحكومى أن ما يحدث ما هو الاّ عمليات تخريب وإرهاب مدفوعة بمؤامرة خارجية.
على الرغم من مرور أكثر من قرن على ضم الإمبراطور "منليك الثانى" إقليم أورومو الى امبراطورية أثيوبيا ما يزال الأروميون يحتفظون بلغتهم وموسيقاهم وثقافتهم المستقلة ويعتبرون أنفسهم من نسل " أرم بن كوش بن حام بن نوح" ويعتبرون أن النجاشى هو جدهم الأكبر، كما يقاطعون مدارس الحكومة ومحاكمها ويلجؤون الى القضاء العرفى ويعلون من شأن الأزهر الشريف وتتبنى الجبهة الموقف المصرى من سد النهضة ويقللون من قيمة السد الإقتصادية ويعتبرون إقامته موقفا سياسيا فى محاولة للسيطرة على مياه النيل، وكان الطلاب الأروميون هم أول من أطلق شرارة الثورة ضد النظام الإمبراطورى فى 1974 وانضم إليهم الفلاحون فى ثورة عارمة ضد الإقطاع الأثيوبي بينما إستمرت ثورة الأورومو ضد العنف والإضهاد منذ 2005 وحتى الآن بقيادة جبهة تحرير أورومو التى تتخذ من أسمرة مقرا لها ضد النظام الحاكم الذى يصادر أراضيهم ويقمعهم بشدة، وقد سقط فى الإنتفاضة الأخيرة التى بدأنت منذ حوالى الشهر أكثر من 75 قتيلا حتى الآن ومازالت ثورتهم مستمرة بينما أعلن الجيش الأثيوبى حالة الطوارئ القصوى وقطع الكهرباء والإنترنت عن المناطق الثائرة فى المقابل قرر الثوار تعطيل الدراسة فى الجامعات وقطع جميع الطرق المؤدية لسد النهضة وهددوا بالزحف الى السد لتحطيمه كما هددوا باجتياح أديس أبابا.
ختاما فإنه يجب أن تتخذ الحكومة المصرية منتهى الحكمة مما يحدث فى أثيوبيا الآن وعدم التورط فى تأييد ما يجرى هناك وأن تنتظر تطور الأحداث بعد أن تم سد جميع المسارات التفاوضية حول سد النهضة وتبين ميوعة وتواطؤ الموقف السودانى.. لننتظر ونرى.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. على حلبة فورمولا 1.. علماء يستبدلون السائقين بالذكاء الاصطنا


.. حرب غزة.. الكشف عن نقطة خلاف أساسية بين خطة بايدن والمقترح ا




.. اجتماع مصري أميركي إسرائيلي في القاهرة اليوم لبحث إعادة تشغي


.. زيلينسكي يتهم الصين بالضغط على الدول الأخرى لعدم حضور قمة ال




.. أضرار بمول تجاري في كريات شمونة بالجليل نتيجة سقوط صاروخ أطل