الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نحترم حقوق الانسان ولكن.........

وداد عقراوي

2005 / 11 / 6
حقوق الانسان


نحترم حقوق الانسان ولكن........ كانت هذه عبارة من العبارات التي وصلتني بعد قيامي بحملة ارسال مناشدات للتعبير عن القلق ولمطالبة السلطات السورية بضمان الاسراع في احضار معلومات بخصوص قسيسين اختفيا منذ عام 1990 خلال الحرب الاهلية في لبنان. بمجرد نشري للحملة انهالت عليَ الرسائل الالكترونية من كل نحو وصوب، سطور حملت العتاب والغضب بين طياتها، مطالبة بعدم القيام بمثل تلك الحملات. لا اريد هنا ان اذكر اسماء هؤلاء الاشخاص ولكنني ساستطرد مضمون بعض هذه الرسائل، لكي تشاركوني في تقييمها.
من بعض الجمل التي تضمنتها الرسائل:
احقاً تطالبين بحقوق الانسان لقسيسين؟
هل انت مسيحية؟ هل هذا هو السبب؟
المسألة متعلقة فقط بقسيسين، ليس الا....
مضى على الحرب سنين، انسي الموضوع...
لماذا هذا الحزم والصرامة في عملكم؟

بصراحة استغربت كثيراً من ردة فعلهم ولكن الغريب حقاً هنا هو ما تم ذكره من اسباب قد تكون دفعتني للقيام بالحملة وكذلك المبررات التي ذُُكرت لاقناعني بالعدول عن مثل هذه الحملات.
ساحاول ان اجيب على بعض تلك الاسئلة، ولكني اود اولاً التطرق الى الموضوع من وجهة نظر سياسية ومن ثم انسانية.

سياسياً:
بالرغم من ان الاغلبية العظمى من سكان الشرق الاوسط تابعوا مشاهد كثيرة من تلك الحرب البشعة ـ حالها في ذلك حال الحروب جميعاً ـ ولا زالوا يتذكرون صور الحرب التي استنزفت لبنان دبلوماسياً، اقتصادياً، سياسياً وعسكرياً فمن الملاحظ هنا ان الديانة حفزت هؤلاء الاشخاص لأتخاذ هذا الموقف من حملتي. يتجسد ذلك في نبرة كلماتهم، فيمكن تصنيفها الى نوعين:
أحدهما عدواني نابع من اشخاص نظرتهم للحياة نابعة من الدين أو المفهوم القومي وسيطرة احدهما او كلاهما على تفكيرهم. لا استطيع ان اجزم كيف كانت ستكون ردة فعلهم لو كان هذان الشخصان اللبنانيان من معتنقي الدين الاسلامي، ولكن هناك جملة من الاسئلة تطرح نفسها، منها: الا ينتمي القسيسين اللبنانين الى الامة العربية، وما الاهم... الدين ام الانتماء ام كلاهما؟.... ومتى احدهما ومتى كلاهما؟
ثانيهما منصح يمكن وصفه بأنه متردد قليلاً لعدم استيعابه الكامل لعمل منظمتنا. فالبعض اكد على ضرورة عدم القيام بمثل هذه الحملات لتلافي استغلال دول اخرى لهذه القضايا لمعاقبة سوريا اقتصاديا أو عسكريا وللحفاظ على النظام الامني اللبناني السوري.
انهم بذلك يريدون ان ننسى السجناء، وبينهم النساء والاطفال والعجز، ونتركهم للذل والتعذيب ولمصير معروف.... الموت. وهو ما يؤكد رؤية البعض للوضع الحالي في مجتمعات المنطقة، بأن الاغنياء، الاقوياء والمتسلطين يستغلون المواطن العادي الذي لو تفوه بكلمة واحدة تعاقبه الحكومات بيد من حديد.
ملاحظتي بعد امعانٍ عميق في عبارات هؤلاء السيدات والسادة تكمن في هذا الخلط المقصود او الغير مقصود تجاه سجناء هم بأمس الحاجة الى مدِ يد المساعدة لهم. فبدلاً من وضع الإصبع على الجرح واستيعاب ما يعانيه الشريحة الاكبر من الشعب، ومطالبة الحكومة بالالتزام بالمعاهدات الدولية، واطلاق سراح كل من اعتقل بغير حق، ودفع التعويضات لكل من تعرض للسجن والتعذيب ولعوائلهم ايضاً، وضمان حرية الرأي والتعبير والحركة للشعب السوري بصورة عامة وللاحزاب والقوى السياسية ومنظمات حقوق الانسان بصورة خاصة لتلافي مصير لا يحسد عليه احد، فهم يدفعون بشعب بكامله الى الهاوية.

لو شخصنا الواقع اللبناني السوري تشخيصاً دقيقاً سنرى بان التراكمات القديمة التي خلفتها الحرب اغرقت البلدين الجارين في سيل من الكره والحقد، وهذه التراكمات لا تزال جزءاً من المشهد السوري اللبناني، متمثلة بالقوى والاتجاهات السورية التي تحالفت مع اخرى في لبنان وشاركت بشكل او بأخر في عملية اغتيال الرفيق الحريري، علاوة على اغتيال صحفيين بارزين وشخصيات سياسية اخرى.
لو كانت اللجنة السورية اللبنانية التي تأسست في شهر مايو ايار عام 2005 والتي من مهامها الاساسية البحث عن مصير اللبنانيين المفقودين خلال الحرب الاهلية اللبنانية، لو كانت تلك اللجنة تأسست منذ سنين وبدأت القوى السياسية والدبلوماسية السورية اللبنانية بمحادثات جدية لكنا قد تداركنا الوضع السياسي الحالي المتأزم.

وهنا تتبلور اهمية هذه الحملة سياسياً، وذلك للم الجراح القديمة التي كان من المفوض ان تلتئم منذ اكثر من عقد من الزمن.

انسانياً:
الذي الاحظه في هذه الايام وهذا الزمن العجيب هو المطاطية في المعايير والمبادئ والمثل والقيم والايديولوجيات. فمتى تتقبل ان يمارس التعذيب ومتى تؤمن بحقوق الانسان او تحس بأهميتها؟ ايحق لنا ان نتمسك بها اذا انتفعنا منها ولننساها اذا كانت ستضر بنا لآنها تضر انظمة تمولنا؟
كتبت في مقالات سابقة نبذة مختصرة عن منظمة العفو الدولية وساعيد كتابة ذلك الجزء هنا وكذلك في جميع مقالاتي وحملاتي المستقبلية للتذكير بماهية واسلوب عملنا:
اعضاء منظمة العفو الدولية لا يساندون فقط عمل امنستي اقتصادياً ومعنوياً ولكن ايضاً يشاركون في فتح ابواب السجون لاي شخص قد يكون اعتقل بصورة غير قانونية، اعضاء المنظمة يحاولون ان يمنعوا ممارسة التعذيب والاعدام. المنظمة هي منظمة عالمية ليس لديها اي اتجاه حزبي ومبنية على اساس التضامن العالمي واحترام وتطبيق حقوق الانسان التي لا يمكن فصلها عن بعض. في كل سنة تقوم المنظمة بالعديد من الحملات والنتيجة تكون ايجابية في كثير من الحالات. كل عضو في المنظمة هو صوت للمطالبة بحقوق الانسان.

نعم، صدقتم، منظمتنا حازمة ولم ولن تكون في نهجها في يوم من الايام مطاطية في امور تتعلق بحقوق الانسان، وهذا يشمل اي انسان بغض النظر عن جنسيته، لون شعره أو بشرته، جنسه، افكاره، ارائه السياسية أو انتمائه الحزبي او القومي أو الذنب الذي اقترفه.
كلنا بشر وعلى اختلاف الواننا واشكالنا واراءنا فاننا جميعاً ننزف دماً احمر اللون عند حدوث خدش في اصبعنا.....

للعلم فقط، انا لست عربية ولكنني ساعدت عرب مسلمين، لست مسيحية ولكنني ساعدت مسيحين، لست روسية، نيبالية، افريقية، امريكية، اندونيسية، ايرانية، يمنية، باكستانية، كولومبية، صينية، سنغافورية........ ولكنني ساعدت عدد لا يحصى منهم، لآن حقوق الانسان تجري كالدم في جسدي.
المادة الاولى من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان تنص على: يولد جميع الناس أحرارا ومتساوين في الكرامة والحقوق. وهم قد وهبوا العقل والوجدان وعليهم أن يعاملوا بعضهم بعضا بروح الإخاء.
نص المادة الثامنة عشر:لكل شخص حق في حرية الفكر والوجدان والدين، ويشمل هذا الحق حريته في تغيير دينه أو معتقده، وحريته في إظهار دينه أو معتقده بالتعبد وإقامة الشعائر والممارسة والتعليم، بمفرده أو مع جماعة، وأمام الملأ أو على حده.
بينما نص المادة التاسعةوالعشرين:
اولاً على كل فرد واجبات إزاء الجماعة، التي فيها وحدها يمكن أن تنمو شخصيته النمو الحر الكامل.
ثانياً لا يخضع أي فرد، في ممارسة حقوقه وحرياته، إلا للقيود التي يقررها القانون مستهدفا منها، حصرا، ضمان الاعتراف الواجب بحقوق وحريات الآخرين واحترامها، والوفاء بالعادل من مقتضيات الفضيلة والنظام العام ورفاه الجميع في مجتمع ديمقراطي.
ثالثاً لا يجوز في أي حال أن تمارس هذه الحقوق على نحو يناقض مقاصد الأمم المتحدة ومبادئها.

انا اؤمن بكل هذا، فارجو ان تفهوا وتتفهوا الآن سبب اهتمامي بنشاطي هذا، وعلى غير عادتي فلا استطيع ان الَبي طلبكم، ولن اتوقف عن هذه الحملات، ورسائلكم اكدت لي اهمية الاستمرار بذلك...... ولكن تأكدوا بانني سأكون اول القادمين لنجدتكم اذا ضاقت بكم الدنيا واحتجتم لاحد للدفاع عن حقوقكم المغتصبة..... فانا وحقوق الانسان وجهان لعملة واحدة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بريطانيا تحطم الرقم القياسي في عدد المهاجرين غير النظاميين م


.. #أخبار_الصباح | مبادرة لتوزيع الخبز مجانا على النازحين في رف




.. تونس.. مؤتمر لمنظمات مدنية في الذكرى 47 لتأسيس رابطة حقوق ال


.. اعتقالات واغتيالات واعتداءات جنسية.. صحفيو السودان بين -الجي




.. المئات يتظاهرون في إسرائيل للمطالبة بإقالة نتنياهو ويؤكدون: