الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خارطة طريق

ييلماز جاويد
(Yelimaz Jawid)

2015 / 12 / 23
مواضيع وابحاث سياسية



النَّغِل ، كما الدواعش ، يعرفه أبواه ، وينكرانه ، ويقفان معه ، ويساندانه ويوفران له بالسر كلّ ما يمكّنه من الدوام والترعرع والبلوغ .
داعش ، خليفة القاعدة التي أسسها الأمريكان ، إبتداءً في أفغانستان ، بدعوى مكافحة الغزو السوفييتي لها ، ومن باب الدفاع عن الإسلام صار تمويلها وتكاليف تسليحها وكذا نشاطات تجميع المرتزقة من أرجاء العالم وتدريبها لغرض المشاركة في " الجهاد المقدّس " على عاتق السعوديين ، وصار أسامة بن لادن " السعودي " القائد الرمز لهذه " الحملة الجهادية " . وهكذا أصبحت هزيمة القوات السوفييتية وإنسحابها من أفغانستان تجربة ناجحة بالنسبة للولايات المتحدة جعلوا منها أسلوباً يمكن إستخدامه في مناطق أخرى في منهجهم للسيطرة على العالم .

صحيحٌ كان تنصيب بشار الأسد على سدة الحكم في سورية خلفاً لوالده حافظ الأسد بترتيب مبرمج ؛ حيث عُدّل الدستور ووضعت شروط لأهلية المرشح لتولّي رئاسة الجمهورية لا تتوفّر في غير بشار ، وصحيح أن بشاراً صار معتلياً للحكم لفترة طويلة ، و بغض النظر عن تقييمات جميع الجهات الأخرى ، داخلية كانت أو خارجية ، فإنّ القوانين الدولية لا زالت تعترف بأنه الرئيس الشرعي للبلاد ، وممثلوه في المنظمات الدولية همُ المعترف بهم كممثلين لنظام الحكم في سورية ، ولكن الظاهر أنّ التعنّت السوري في موضوع الصلح مع إسرائيل وعدم القبول بالمساومة على حلول وسط والتنازل عن أراض وحقوق سورية هو الذي دفع الولايات المتحدة إلى العمل لتغيير نظام بشار الأسد . وقد إستغلّت الولايات المتحدة السخط الشعبي وإستدرجت ، إبتداءً ، بعض الفصائل الوطنية ودفعتها للمطالبة بالحقوق ، فكانت التظاهرات السلمية ، وبعدها ألغمت تلك التظاهرات بفصائل عميلة ، شاركت في البداية في التظاهرات ثمّ إفتعلت الحجج لتصعيد الموقف إلى الحراك المسلّح والمطالبة بإسقاط النظام . وهكذا بدأت عملية إستنساخ درس أفغانستان في سورية ، والبدء بتجميع المرتزقة وخلق المنظمات الإرهابية ومنها " داعش " .

ما كان لداعش سوى شكل هلامي قوامه من الحاقدين على نظام الحكم ، سواء في سورية ، أو في العراق ، بضمنهم أيتام العهد البعثي ، بسبب إنزلاق أنظمة الحكم في البلدين إلى نوع من الأوليغاركية الدينية المذهبية أو العائلية ، وحرمان جموع الشعب من حقوقها ، وعدم تأمين أسباب العيش الكريم في ظل نظام حكم ديمقراطي سليم . لقد أصبحت هذه الجموع الحاقدة حواظناً لإيواء الكثير من الإرهابيين المرتزقة الذين تم إستيرادهم من بقاع العالم وتدريبهم على إرتكاب الأفعال الإجرامية التي يندى لها جبين الإنسانية ، وكل ذلك بإسم الدين وتحت راية " ألله أكبر " والله والدين من تلك الأفعال براء .

ما كان لداعش تلك القوة القاهرة التي تُدخل الرعب في القلوب ما لم تكن وسائل الإعلام الدولية ، مستنفَرة ، تنفخ في صورته وتظهره كأنه البعبع الذي لا يقهر ، فصارت قوات عسكرية مجحفلة تهرب أمامه هرعاً أو تستسلم بدون مقاومة وتقاد إلى المجازر كالنعاج التي لا حول لها و لا قوة .

ما كان لداعش تلك القدرة في الحركة والقابلية في التوسع ، ما لم تكن وراءها دول ومنظمات سياسية في داخل البلاد أو في دول الجوار توفر لها إحتياجاتها اللوجستية ، وتمدها بالأسلحة والعتاد ، والفنيين من ذوي الخبرة ، ليس في الأعمال القتالية فحسب بل في جميع المجالات منها عمليات إستخراج النفط وتسويقه بضمنها توفير آلاف وسائط النقل وتوفير الجهات المشترية للنفط المهرّب .

ما كان لداعش تلك السطوة ما لم تكن هناك خيانة داخل أنظمة الحكم ، وفي قمم هيئات إتخاذ القرار في التعامل مع الحدث ، فنرى وسائل الإعلام الرسمية وكذا المنخدعة بها تعمل على تضخيم خطر الدواعش ، مما خلق هلعاً واسعاً بين صفوف الشعب ، مضافاً إلى ذلك عدم وجود الشفافية بل وجود الأكاذيب والتعارض و حتى التنافر في تصريحات المسؤولين . إن صدور فتوى المرجعية الدينية العليا بخصوص " الحشد الشعبي " كان نتيجة لهذه الحالة وبغرض إيقاف حالة الإنهيار النفسي لدى أبناء الشعب .

من الخبل أن يأمل واهم أن يقوم أبَوا النغل بذبح إبنهم عندما يأتي منكراً ، كذلك من أن يتوهّم البعض أن تقوم الولايات المتحدة والتحالف الذي تقوده أو تقوم السعوددية وقطر وتحالفهم " العسكري " والإسلامي جداً " بمكافحة الدواعش . إن وسائل الإعلام التي كُرّست لنقل أخبار "المعارك" ضد داعش إنّما تنقل الجزء الظاهر فوق سطح ماء البحر من جبل الثلج ، أما الجزء الغاطس منه يظل مخفياً أو بالأحرى مستخبّاً ، حسب ما تراه الجهة الموجهة للإعلام .

كلّ قوة وقدرة وسطوة لداعش المتأتية من الأسباب التي ذكرناها أعلاه يمكن قهرها ، بالعودة إلى الشعب ، سواء في سورية أو العراق . و للحقيقة ، لا توجد حلول بدون ثمن ، وتقدير تكلفة الحل يعرفه أصحاب الشأن من المخلصين إلى الشعب والوطن ، فمصير الشعب والوطن يستحق دفع أغلى الأثمان بقلوب مؤمنة وقادرة على التضحية ، فذلك ، لعمري ، عمل الجال الشجعان فقط . العودة إلى الشعب هو إصلاح ما في البين ، عفوٌ عام شامل عن الجرائم ذات الصفة السياسية ، وإعطاء الأمان والسلام للجميع ، بدون إستثناء ، وتجميع الأسلحة ومنع تداولها وحصرها بيد الدولة وقواتها المسلّحة ، والإعتماد على عيون الشعب في مراقبة تطبيق القانون ، و لا شيء يحكم غير القانون . وبعد إستتباب الأمن في ظل حكومة قادرة يتم الإعداد لإجراء تعداد سكاني لا يفرق المواطنين عن بعضهم لأيّ سبب ، سواء كان عرقيّاً أو دينياً أو مذهبياً ، ويصار إلى مجلس تأسيسي يعدُّ مسودة دستور جديد يطرح للمناقشة العامة ومن ثمّ الإستفتاء عليه ، وتطبيق ما يستوجبه بخصوص خطوات تشكيل دولة عصرية مؤسساتية على أساس المواطنة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رغم المعارضة والانتقادات.. لأول مرة لندن ترحّل طالب لجوء إلى


.. مفاوضات اللحظات الأخيرة بين إسرائيل وحماس.. الضغوط تتزايد عل




.. استقبال لاجئي قطاع غزة في أميركا.. من هم المستفيدون؟


.. أميركا.. الجامعات تبدأ التفاوض مع المحتجين المؤيدين للفلسطين




.. هيرتسي هاليفي: قواتنا تجهز لهجوم في الجبهة الشمالية