الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لااصدقاء لنا

جوتيار تمر
كاتب وباحث

(Jotyar Tamur Sedeeq)

2015 / 12 / 23
مواضيع وابحاث سياسية


ساد في الكثير من الفترات فكرة ان الكورد ليس لهم اصدقاء ولا حلفاء، وتناولت كتب كثيرة هذه الفكرة واعتبرت ان وطنهم كوردستان بجبالها ووديانها كانت وستبقى الصديق الوحيد لهم، وعلى اختلاف ماورد في تلك الكتب من معطيات تاريخية وتفصيلية فانها اعطت رؤية واضحة وقَيَّمة حول ماهية الوجود الكوردي وماهية العلاقات التي تربط هذا الشعب بالاخرين لاسيما بالدول المجاورة، فعلى سبيل المثال ذكر تورد فالستروم وهو كاتب وصحفي سويدي ولد عام 1928، صاحب كتاب "ليس لنا اصدقاء من غير الجبال" في كتابه انه "ما إن عدت من كوردستان عام 1975 حتى كتبت وبسرعة ريبورتاجي الطويل هذا بهدف التحدث بصدق ووضوح عما عايشته وشاهدته، وربما بهذا العمل أردت المساهمة في إيقاظ ضمير العالم. لم أكن متفائلاً... فبرغم من كل شيء، هو مجرد كلمات لا اكثر....نحن نرى ان مطالبكم عادلة. نحن متأثرون بكفاحكم ولكن وضعكم ميئوس منه ولا نستطيع مساعدتكم..."، و استطرد قائلاَ ايضاً " لكني ومع ذلك آمنت في أعماقي بحل ما. لقد عرفت بأن كوردستان، هذه البلاد الرائعة يمكنها أن تتحول إلى واحة للسلام وملاذ للحرية في هذا الجزء المتوتر من العالم، وان مستقبل هذا الشعب العظيم يجب أن يكون شيئاً آخر غير القتال من اجل الحياة ضد الظالمين والمستغلين والطغاة..."، بهذه الكلمات التي قد يراها البعض بانها لم تأتي بجديد لكنه استطاع بها ان يلخص المأساة التي يعيشها الكورد منذ ازمنة طويلة ماضية، ومستمرة الى وقتنا الحالي.
لم يكن فالستروم الوحيد الذي تناول هذه المسألة فقد خصص كل من هارفي موريس و جون لوج كتاباً خاصاً ايضاً حول الموضوع نفسه ( لا اصدقاء سوى الجبال) التأريخ المأساوي للاكراد.. وعلى الرغم من ان الرؤية في هذا الكتاب اختلفت من حيث الطرح باعتباره يؤكد على ان الكورد عبر تاريخهم الطويل نادرا ما نعموا بفترة سلام واستقرار، كما انهم عبر تاريخهم لم يستطيعوا ابداً أن يجدوا حلفاء مخلصين لانفسهم . فقد كانوا على الدوام ضحايا انقساماتهم على أنفسهم، وأيضا ضحايا لتنافس القوى الخارجية والمجاورة.. الا انها اجمالاً ايضا تركزت على كون الكورد ليس لهم لا اصدقاء ولا حلفاء.
وفي الحقيقة ان الواقع اثبت رؤية اصحاب الكتابين بشكل لايختلف عليه اثنين، فالواقع الحالي مثلا خير دليل على ان الكورد لااصدقاء لهم بالاخص من دول الجوار، حيث ان كل من تركيا وايران والعرب في العراق وسوريا مازالوا يبذلون كل جهد ممكن وكل وسيلة متاحة من اجل الابقاء على الكورد خاضعين لهم، وغير مستقرين في مناطقهم ومدنهم وقراهم، بل ان الادهى والامر بأنهم يمارسون النفاق الواضح والصريح مع الكورد من حيث ابداء الاستعداد لمساعدتهم ومن ثم طعنهم كما في كل مرة من الخلف.. كما حدث ويحدث في معركة الكورد ضد الارهاب الداعشي.
لقد اثبتت التجارب الحالية بأن الكورد قضيتهم لاتحل بمساعدة هولاء بالذات.. ( ربما بمساعدة غيرهم) لان هولاء اصحاب نفوس ضعيفة لاتلبث ان تصل بهم الاحوال احيانا الى بيع انفسهم من اجل تحقيق مصالحهم الخاصة، حتى لو كان على حساب الاخر الجار بل المشارك معه في العملية السياسية، او الاقتصادية، بل حتى ان كان بينهم وبين الكورد اواصر وصلات اجتماعية موحدة، كما يحصل الان في المستنقع المسمى بالعراق، و في ايران وتركيا، فهولاء جميعاً يبذلون الغالي والنفيس من اجل طمس معالم الازدهار الحاصل في الكثير من الاصعدة في كوردستان، كما انهم يسعون دائما الى اثارة الفتن داخل الصف الكوردي من اجل اضعافه داخلياً، والصور واضحة فالكورد كلما وصلوا الى مرحلة متقدمة من تحقيق اهدافهم تظهر فئات غوغائية تطبق اجندات خارجية لتعمل على زعزعة الاوضاع الداخلية.
ومن ناحية اخرى تدعم الفئات الخارجية المعادية للكورد وتمدها بالعون والمال كي تبقى على صراع وحرب مع الكورد مما يعني بالتالي عدم تفرغ الساسة الكورد والحكومة الكوردية في كوردستان بان تبحث عن مصالحها وتصل باهدافها الى مستويات عالمية تتناسب وحجم القضية من جهة، وحجم المساهمة الفعلية للكورد " البيشمركة" في التحالفات الدولية ضد الارهاب الذي يهدد العالم كله وليس الكورد وحدهم، ولعل الغريب بأن دول الجيران التي تعاني من هذه الحرب نفسها، تنسى اضرارها وتنسى تهديد امنها واستقرارها داخلياً في سبيل الابقاء على الكورد منشغلين في هذا الصراغ الدموي المقيت.
ان ممارسة العهر النفاقي مع الكورد امر بات مؤكداً من هذه الدول، وامر بات لايختلف عليه الا من يمثل اجنداتهم حتى وان كانوا كورداً.. لكن الامر برمته يصب بنظري في مصلحة القادة والساسة الكورد الذين بات عليهم فقط الان الاعتماد على انفسهم وتحالفهم مع بعضهم من اجل ايصال رسالتهم الى المستويات المطلوبة لوضع حل مناسب لقضيتهم بعيداً عن التداولات الاقليمة المنغمسة في حقدها والملوثة ايديها بدماء شبابنا الكوردي.. فنحن عبر كل الازمنة لم يكن لنا سوى بعضنا.. ولم يكن معنا لا اصحاب المذاهب الدينية ولا القومية.. فقط كنا لوحدنا.. ولم يكن لنا سوى جبالنا اصدقاء نحتمي بها من شر هولاء وحقدهم النابع من صميم عقيدتهم وعنصريتهم المذهبية و القومية الشوفينية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تعرف على السباق ذاتي القيادة الأول في العالم في أبوظبي | #سك


.. لحظة قصف الاحتلال منزلا في بيت لاهيا شمال قطاع غزة




.. نائب رئيس حركة حماس في غزة: تسلمنا رد إسرائيل الرسمي على موق


.. لحظة اغتيال البلوغر العراقية أم فهد وسط بغداد من قبل مسلح عل




.. لضمان عدم تكرارها مرة أخرى..محكمة توجه لائحة اتهامات ضد ناخب