الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رأيت يسوع- قصة خيالية

طوني سماحة

2015 / 12 / 23
الادب والفن


استيقظت من نومي منتصف الليل وهرعت مذعورا كي أفتح الباب. نظرت يمنة ويسرة. نظرت في كل مكان ولم أجد أحدا. وحده القمر كان يلمع ويضحك في وسط السماء وكأنه يمازح النجوم والغيوم. عدت الى سريري وانا متيقن أني كنت تحت تأثير حلم. كنت أحلم أن يسوع يطرق الباب كي يزورني تلك الليلة.

كان عيد الميلاد قريبا على الابواب. عندما استيقظت صباحا أخبرت زوجتي بالحلم. كان لدينا شعور مشترك أن يسوع يريد أن يزورنا ليلة العيد، لذلك لا بد ان يكون الاحتفال هذه السنة مميزا وسوف يكون هو ضيف الشرف. بدأنا بالتحضير للعيد. اقتطعت أفضل شجرة في الحرش القريب. أتيت بها الى المنزل وثبتها في مكانها. ساعدني الاطفال في تزيينها. علقنا عليها أضواء العيد وأشخاصا حقيقية مثل الملائكة والرعاة والغزلان وقطع القطن التي تمثل الثلج المتساقط واشخاصا خياليين مثل سانتا كلوز او بابا نويل ومساعديه الذين يرتدون الزي الاخضر. وضعت نجمة العيد المضيئة في اعلى الشجرة، فيما صنع الاطفال مغارة في اسفل الشجرة وضعوا فيها الطفل يسوع مع والديه والرعاة والمجوس وحمارا وبعض الاغنام يدفإنه في المزود. أضأنا الشجرة ونظرنا اليها. كانت كضرب من السحر مع أضوائها المتعددة الالوان والتي تومض مثل النجوم.

انهمكنا زوجتي وانا بالتحضير للحفل. فلا بد ان يكون العيد هذه السنة مميزا وان يكون يسوع ضيف الشرف. بدأنا بشراء الهدايا لكن المعضلة كانت في ما ترانا نشتري ليسوع؟ أي هدية ترى تليق به؟ ذهبنا الى الاسواق التجارية ولم تتبدد حيرتنا. أتراه يستسيغ بذة وربطة عنق؟ بدت الفكرة غريبة إذ لم نعتد رؤية يسوع في الصور إلا بثوبه الابيض الفضفاض. أنشتري له أفضل أنواع العطور. سمعت صديقي مرة يقول ان زوجته اشترت له سيارة. لكن المشكلة في ان يسوع ليس مواطنا من بلدي وهو لا يمتلك رخصة قيادة. وصلنا الى متجر لبيع الكتب المقدسة فوجدنا فيه صليبا مرصعا بالذهب. كان غالي الثمن، لكنه يليق بيسوع ويحمل رمزية خاصة، إذ أن يسوع مات على الصليب. اشترينا الصليب وانهينا شراء كل الهدايا للمدعوين ولافراد العائلة وعدنا للبيت. عندما وضعنا الهدايا تحت الشجرة وأضأنا الانوار، بدت الشجرة مثل تحفة سحرية حيث ان الاطفال وقفوا أمامها مشدوهين.

حل يوم العيد. كان منزلنا أشبه بقصر سحري من نسج الخيال. كانت زينتنا أفضل زينة في الحي الذي نسكن فيه. كنا على يقين ان يسوع سوف يبهر بالزينة التي امضينا ما يقارب الشهرعلى إتمامها. وضعنا على مدخل المنزل تمثالا مطاطا لسانتا كلوز مع غزلانه ومساعديه الخضر. حل المساء وقارب موعد وصول المدعوين. انتظرنا مجيء يسوع، لكنه لم يحضر. قالت لي زوجتي انه لا يمكن ليسوع ان يحضر ما لم نوجه له دعوة رسمية تماشيا مع التقاليد. تساءلنا "أين نستطيع يا ترى ان نجده كيما نقدم له دعوة؟" اجتاحني شعور بالقلق "ماذا لو يا ترى قدم احدهم دعوة ليسوع قبلي وقبلها؟" وضعت قبعتي وارتديت معطفي فاستوقفتني زوجتي "أين تراك ذاهب؟" قلت لها " أعرف أين أجد يسوع". لففت الشال على عنقي واتممت "لا بد وان يكون الآن في الكنيسة". وخرجت.

وصلت الى الكنيسة. فتحت الباب ودخلت. وجدت بعض العجائز راكعات يصلين بصمت، فيما القس والجوقة يتممون التحضيرات لليلة العيد. لم أر يسوع. اتجهت لباب الهيكل الذي لا يدخله الا رجال الدين، فاستوقفني القس "أتراك تبحث عن أحد يا بني؟" قلت له "نعم، أبحث عن يسوع، أرأيته؟" توقف أعضاء الفرقة الموسيقية عن الغناء والعزف وانقطعت كل ضوضاء ونظر اليّ الجميع باستغراب. أمسكني القس بيدي واقتادني للخارج برفق وقال لي "يسوع يسكن في السماء. أنا لم أره مطلقا في الكنيسة. ميلاد مجيد، يا بنيّ".

خرجت من الكنيسة حائرا. أتراني غبيّ؟ رنّ هاتفي الجوال. كانت زوجتي على الطرف الآخر من الخط. كانت مرتبكة. كان المدعوون قد بدأوا بالوصول وانا غائب عن المنزل. أخبرتها عما حصل. قالت لا بد من العودة للبيت مع يسوع او بدونه، إذ ماذا يا ترى يكون موقفنا من الناس لو أنا أمضيت الوقت خارجا أبحث ربما عن حلم. مشيت في الشارع الرئيسي للبلدة حائرا. لم أرد العودة للمنزل كي لا يصاب الجميع بالخيبة مثلي. أشعلت سيجارة وبدأت أنفخ دخانها في الهواء. كيف لمثلي أن يصدق حلما؟ أنا على درجة عالية من الذكاء ومع ذلك خلطت الحلم بالواقع. ماذا تراني أقول لزوجتي واطفالي؟ ماذ سوف يقول عني المدعوون للحفل؟ لا شك أنهم سوف يرون فيّ أبلها. نظرت الى السماء. بدا لي وكأن القمر يضحك ساخرا مني. سحبت نفسا من التبغ عندما لمحت في البعيد في ضوء القمر رجلا يلتحف ثوبا أبيض فضفاضا. أغمضت عيني وفركتهما. أتراني أصبت بالهلوسة. أما يكفي ما حصل معي حتى الآن. فتحت عيني، كان الرجل منحنيا على الارض وكان يبدو ثمة رجل آخر ممدا قربه. اعتراني احساس اني لا بد مصاب بالارهاق والاعياء وانه عليّ العودة للمنزل بأسرع وقت، لكن ثمة ما جذبني للمشهد أمامي. رميت سيجارتي واقتربت من الرجل. رأيت عجوزا ممددا على الارض. كانت ثيابه مهترئة وكانت لحيته متشابكة مما يدل على انه مضى عليه زمن دون ان يمشطها. رأيت يسوع ينهض بالرجل، يجلسه على مقعد قريب في الحديقة العامة. صرخت بأعلى صوتي "يسوع، نحن ننتظرك في البيت. زوجتي وأولادي في لهفة شديدة لرؤيتك والمدعوون لا شك قد وصلوا". نظر إليّ يسوع نظرة غريبة، لكنه أدار وجهه وقال للعجوز "اليوم تكون معي في الفردوس". أغمض العجوز عينيه فيما رأسه متكأ على صدر يسوع ونام. نظرت ليسوع وقلت له "تعال سيدي، أعددت لك غرفة في منزلي، واشتريت لك هدية نادرة، والجميع يريد رؤيتك". لكن وقبل ان انهي كلامي، اختفى يسوع.

أصبت بالارتباك. لا، لن أعود للمنزل دون يسوع. مشيت حائرا في حيّ لم أطرقه مرة في حياتي. كانت المنازل عتيقة ويبدو عليها الفقر. الشبابيك تهتز مع صفير الريح وتترك البرد يدخل الى المنزل بسهولة. نظرت يمنة فوجدت يسوع يطرق على باب منزل قديم. فتحت له امرأة. كانت تبكي في ليلة العيد. حن عليها يسوع ودخل الى البيت. دخلت وراءه إذ لم يكن أحد يعيرني اهتماما. كانت ثياب المرأة رثة وكانت كثيرة الاختلاف عن زوجتي التي ارتدت للعيد أغلى الحلل واجملها. كان اطفال المرأة الاربعة نياما على أريكة ممزقة وقد غلبهم الجوع والنعاس. كانت آثار البكاء ما تزال عالقة على خدودهم الطرية. أخذ يسوع كسرة خبز وكوب ماء ووضعهما على الطاولة. أيقظت المرأة أطفالها واطعمتهم. ناموا تلك الليلة جياعا لأن والدهم تركهم كيما يمضي ليلته في أحضان الغواني وصالات القمار. نظرت الى يسوع وقلت له "ارجوك، سيدي، تعال إلينا. نحن ننتظرك." قال لي "حيث يكون أخوتي أكون أنا هناك أيضا." فهمت انه كان يقصد المرأة واولادها. قلت "أرجوك، تعال وهم أيضا مدعوون لقضاء الليل معنا". نظر يسوع وابتسم. كانت المرة الاولى التي أراه يبتسم فيها تلك الليلة. أخذت الجوال واتصلت بزوجتي قلت لها "وجدت يسوع، لكنه ربما لن يأتي الينا ما لم ندع آخرين معه." امتعضت زوجتي، فالبيت قد امتلأ بالمدعوين والجميع ينتظر عودتي. قالت "حسنا، تعال وات بالمدعوين". لم أرد أن أخبر زوجتي عن حالة المرأة وأولادها. فنحن نعطي الفقراء صدقة أحيانا، لكننا لا ندعوهم لزيارتنا لأن ثياب أولئك الناس قد تكون ممزقة او قد يكونوا لم يستحموا منذ زمن بعيد. بعدها قال يسوع "هيا بنا". فرحت إذ أن يسوع أخيرا سوف يزورنا.

بعدما سند يسوع روح تلك العائلة خرج من المنزل واستدار يمنة. ربتُّ على كتفيه وقلت له أن طريق البيت على اليسار. قال لي "بل، على اليمين." قلت في نفسي ربما هو يعرف طريقا أقصر وسرت خلفه. مشينا في وسط المدينة. كانت زينة العيد تضيء الليل وكأنه نهار. كانت حانات اللهو والمطاعم تضج بالمحتفلين. كانت أغاني الميلاد تصدخ في كل مكان. قلت له "أنت نجم العيد، فالكل يحتفل بك ويغني لك". ابتسم وقال لي "العيد ليس لي. فلا العيد لي ولا انا للعيد". لم أفهم قصده. كان يسوع يبدو لي غريب الاطوار. اتجه الى حانة. ارتبكت، فنحن تعلمنا ان يسوع لا يدخل الاماكن الرديئة. أتراه جاع واراد ان يحصل على بعض الطعام؟ قلت له "الطاولة مليئة بالاطعمة الشهية والجميع ينتظرك في البيت ضيف شرف. أرجوك، لا تشتري طعاما من هنا." نظر إليّ وقال "طعامي أن أعمل مشيئة الذي أرسلني". دخل يسوع الى الحانة. لم أرد أولا اتباعه الى الداخل. فأنا رجل محترم. ماذا لو رآني أحدهم وعرفني؟ تخيلت الشائعات تطولني، لكنني خشية ضياع يسوع تبعته الى الداخل. كان الهرج والمرج سيد الموقف في الحانة. رجال أسكرتهم الخمرة وتفجرت الشهوة في عيونهم الحمراء. نساء شبه عاريات يتلوين بين أذرع الرجال. دخان السجائر والمخدرات يملأ المكان مثل غمامة كثيفة. لم ينظر يسوع يمنة أو يسرة. مشى الى زاوية منفردة. تبعته. وجدت امرأة شبه عارية ممددة على الارض. كانت تبكي وتذرف دمعا غزيرا. لم تكن تقوى على النهوض بعدما أصاب الرجال منها رغبتهم ورموها مثل حيوان ميت. كانت تصرخ "إرحمني يا رب، أنا الخاطئ". خلع يسوع عنه معطفه الخارجي ولفها به. حملها بين ذراعيه واخذها الى الخارج. أجلسها على مقعد، أعطاها كوب ماء. شربت ومسح يسوع الدمع عن عينيها. نظرت اليه وبصوت متهدج رددت "إرحمني يا رب". قال لها يسوع "لا تخطئي بعد. مغفورة لك خطاياك." انفجرت المرأة بالبكاء وسجدت عند قدمي يسوع. نظرت الى يسوع. كان الوقت قد شارف على نصف الليل. ابتدأ صبري بالنفاذ كما ان زوجتي كانت تنهال علي بالمكالمة تلوى الأخرى وكنت استشعر الغضب في صوتها ونبرتها. قلت ليسوع "أرجول سيدي. زوجتي في حال انفعال شديد. وقد يؤثر ذلك علينا سلبا. أرجوك، أنقذنا." نظر الي يسوع ثم نظر الى المرأة التي كانت تجهش بالبكاء. فهمت قصده. صرخت بصوت شديد "لا، أرجوك لا. أتدري ماذا يعني وجود امرأة شبه عارية في منزلنا؟ أتعلم ردة فعل زوجتي؟ أتعلم كم الاشاعات التي سوف تطالنا؟ أتعلم ماذا سوف يقول الناس عني؟ وكيف لي أن أبرر لأطفالي الابرياء وجود امرأة شبه عارية في البيت؟ لا، أرجوك لا". أدار يسوع وجهه ومضى. صرخت "أرجوك توقف. حسنا. سوف أدعو هذه الزانية الى بيتي أيضا". نظر الي يسوع "هي ليست بزانية بعد اليوم بل هي ابنة ابراهيم".

كان في الشارع المقابل للحانة مشفى. اتجه يسوع اليه. تبعته وانا اصرخ "كفى". علينا بالعودة للمنزل. لقد جعلت مني أضحوكة. أنت تحتقر دعوتي لك. زوجتي حانقة عليّ بسببك وأطفالي غالبهم النعاس دون ان امضي معهم ليلة العيد. كفاك. إن لم تعد معي الآن سوف أعود للبيت وحيدا". دخل يسوع الى المشفى. كان المرضى يئنون في أسرتهم. اختار بعض الناس ان يمضوا ليلة العيد كلها او بعضها مع احبائهم. دخل يسوع غرفة كان فيها شيخ مسن. كان الشيخ وحيدا. نظر الينا الشيخ وقال لي "أعطني المطرقة." نظرت اليه باستغراب. أفهمني يسوع ان الرجل وحيد وأنه فاقد عقله. قلت للشيخ " وما حاجتك للمطرقة؟" نظر الي وكأني فقدت عقلي وقال لي "ألا ترى أني منهمك ببناء هذا الحائط؟ إن لم أنه العمل الليلة، قد يسبقنا الشتاء ويضرب البرد أولادي. أريد حمايتهم من البرد". نظرت الي يسوع وقلت له "أتترك المدعوين والحفل وتأتي لقضاء الليلة مع مجنون؟" أجاب يسوع "طوبي للمساكين للبر لأن لهم ملكوت السماوات". ثم نظر الي يسوع وقال "هوذا الرجل جائع". ثار حنقي وصرخت "لا لن تدعو مجنونا الى حفل الليلة. ألا يكفي مشردا، وفقيرة وأولادها الأربعة وغانية وها انت الآن تريدني ان ادعو مجنونا؟" قطعت الامل وهممت بالانصراف فقلت له "أنت تختلق الاعذار كي لا تزورني. أنت ترفض دعوتي". فقاطعني قائلا " لأني جعت فلم تطعموني. عطشت فلم تسقوني. كنت غريبا فلم تأووني. عريانا فلم تكسوني. مريضا ومحبوسا فلم تزوروني". استثارت كلمات يسوع غضبي فقلت له وأنا أمضي "متى رأيناك جائعا أو عطشانا أو غريبا أو عريانا أو مريضا أو محبوسا ولم نخدمك؟ فأجابني قائلا: الحق أقول لكم: بما أنكم لم تفعلوه بأحد هؤلاء الأصاغر، فبي لم تفعلوا". استوقفتني كلمات يسوع فنظرت اليه حائرا وقد فهمت قصده. لم أدر ماذا أفعل؟ نظرت الى الامام ثم نظرت الى الوراء. توقفت، فكرت مليا وقلت له "أتقبل دعوتي الآن إن أنا دعوت الرجل الشيخ والمرأة الزانية والمرأة الفقيرة والعجوز المشرد؟" نظر الي يسوع وقال "اليوم حصل خلاص لهذا البيت".

اتصلت بسائقي. أحضر سيارتين. مررنا على الرجل المشرد. كان نائما على المقعد. أخذنا المرأة واولادها الاربعة. أتينا بالزانية ثم بالشيخ المريض. وصلنا البيت. كان آخر المدعوين قد هم بالخروج. رأوني أدخل ضيوفي، فأخذوا بالضحك. سمعت واحدا يهمس في أذن صديقته "لا بد أنه قد اصيب بالجنون". قهقهت صديقته وخرجا. دخل ضيوفي السبعة المنزل. لم تفهم زوجتي ما الذي يحصل، لكنها حرصا على علاقتنا الزوجية لم تقل شيئا. ركض الاطفال وشاهدوا أولا الرجل الشيخ فذهلوا وصرخوا "جدي، جدي". أصبت بالذهول. فلقد رحل والدي عن هذا العالم السنة الماضية. لكنني فجأة رأيت الرجل الشيخ يشبه والدي الى حد بعيد. حتى زوجتي قالت بذهول "عمي، عمي!". أمسكت الرجل الشيخ وأجلسته على الطاولة حيث كان والدي يجلس. قبّله الاولاد وهم يصرخون "جدي، جدي" ويحيطونه بالعناق. اتجهت الى الرجل المشرد وأجلسته على الطرف الآخر من الطاولة. نظر اليه الاطفال وذهلوا. صرخوا "أبي، أبي، لقد أتيت بسانتا رجل الميلاد. لقد أتيت ببابا نويل". نظرت الى الرجل، فرأيت سانتا فيه. زادته قلنسوته الحمراء وبذته الممزقة وشعره الطويل ولحيته المشعثه رهبة. استفقت من ذهولي عندما رأيت زوجتي تفتح بعض الهدايا، تخرج منها ثوبا أنيقا وتعطيه للمرأة الزانية، ثم تدخل الى خزانتها تخرج منها ثيابا جديدة وتعطيها للمرأة الاخرى واطفالها بعدما عانقتهم. لم أستوعب ما الذي يحصل، فزوجتي كثيرة الاناقة وتترك مسافة بينها وبين الناس، فكيف ان كان اولئك الناس مشردين؟

نظرت الى يسوع، فلم أره. لم يكن موجودا، أين تراه ذهب. "لا،" قلت في نفسي وقد أصابني الذعر "لم يذهب ليأت بمشردين آخرين". لم يكن يسوع جالسا بيننا، لكننا كنا جميعا نشعر بوجوده. صلينا معا كيما نشكر على الطعام، لكن للمرة الاولى لم تكن صلاتنا تقليدا فحسب بل كانت كلاما خارجا من قلوبنا. قطعت لحم الحبش وأعطيت قطعة منه للموجودين. وضعت في صحن كل منهم ما توفر على الطاولة. أرادت زوجتي مساعدتي في سكب الطعام والخدمة، فأصررت ليلتها ان اكون الخادم. فيما كان الجميع يأكلون، كنت أنظر في البعيد فأرى رجلا يلبس ثوبا ابيض ويقول "تعالوا يا مباركي أبي، رثوا الملكوت المعد لكم منذ تأسيس العالم لأني جعت فأطعمتموني . عطشت فسقيتموني. كنت غريبا فآويتموني. عريانا فكسوتموني. مريضا فزرتموني. محبوسا فأتيتم إلي. فيجيبه الأبرار حينئذ قائلين: يا رب، متى رأيناك جائعا فأطعمناك، أو عطشانا فسقيناك ومتى رأيناك غريبا فآويناك، أو عريانا فكسوناك ومتى رأيناك مريضا أو محبوسا فأتينا إليك فيجيب الملك ويقول لهم: الحق أقول لكم: بما أنكم فعلتموه بأحد إخوتي هؤلاء الأصاغر ، فبي فعلتم".

ليلتها نظرت الى المغارة. كان الصليب الذهبي ما يزال موجودا. ذهب يسوع دون ان يأخذه معه. ليلتها تيقنت اني رأيت يسوع.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب


.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع




.. كل الزوايا - الفنان يحيى الفخراني يقترح تدريس القانون كمادة


.. فلاشلايت... ما الفرق بين المسرح والسينما والستاند أب؟




.. -بيروت اند بيوند- : مشروع تجاوز حدود لبنان في دعم الموسيقى ا