الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تبات ونبات ... وصبيان وبنات

رينا الحناوي

2015 / 12 / 24
الادب والفن


أتذكر اول فيلم امريكى أثر فيّ من ناحية الفكرة ، وكنت وقتها حديثة السن ، حيث أن قصة الفيلم كانت تحكى عن مقاطعة بعيدة قليلاً عن المدنيّة والعمران بالقرب من الغابات ، وكان هناك حيوان مفترس أو وحش يشبه الذئب ، دائماً ما يهاجم أهل هذه المقاطعة ودائما ما يتصيّد الاطفال أو أى شخص يمشى وحيداً ، وتعدى الأمر به بعد ذلك إلى مهاجمة المنازل ليلا ، ووصل به الذكاء إلى أنه يختار ضحيته دائماً بحيث يكون وحيداً حتى لو كان داخل المنزل ،،،،
أهل القرية بالكامل كانوا مصابين بالذعر والرعب من ازدياد عدد القتلى والمصابين ، ولا أحد قادر على اصطياده حتى جاء لهم العون من المدينة ، لكن فريق من الشرطة ، وبعد أحداث كثيرة ومشاهد متعبه ومرعبه فى الفيلم ، وبعد مقتل أفراد من فريق الشرطة وإصاباتهم تمكن أخر ضابط وضابطة من عمل فخ متقن لهذا الحيوان المفترس والقضاء عليه وقتله ،،،،

أخر مشهد من الفيلم كان الضابط يقف بجوار جثة الحيوان المفترس المقتول وإلى جواره زميلته تجلس على الارض منهكة القوى تتنفس الصعداء ، وعربة إسعاف تقف تحمل جثامين باقى الفريق ... ويلتف حولهم أهل القرية وهم فى قمه الامتنان والسعادة لخلاصهم من هذا الكابوس اللعين الذى أرّق حياتهم ومنعهم النوم...

ووسط أصوات الناس وفرحتهم ، والتى تعلوها صوت عربه الشرطة فى شىء من النصر والزهو بأضوائها الملونة ، وصوت عربة الاسعاف وهى تستعد للرحيل تبتعد الكاميرا رويدا رويدا عن هذا الحشد المنتصر السعيد وتذهب داخل الغابة ببطء شديد حيث تقترب من جُحر صغير ونرى أمامنا فجأة أطفال الوحش القتيل وهى تخرج من الجحر مُصدره اصواتها الطفوليه الممزوجة بالبراءة والتوّحش معلنه استكمال مسيرة الوحش المقتول .
انتهى الفيلم ...

و لن أنسى ما حييّت هذا المشهد والذى يعبر بمنتهى البساطة واليسر عن ثقافة تفهم الحياة جيدا وتستوعبها وانه لا يوجد نهاية أبدية لشىء انما هى دوائر و مراحل حياة ....تخيل معى لو ان هذا فيلما عربيا لانتهى بمقتل الوحش وبأن البطل والبطلة يتزوجان ، ويعيشان فى تبات ونبات ، ويخلفان صبيان وبنات ،،،، وان كل حاجة حلوة وجميلة واننا خلاص عايشين فى امان الى الابد .... هذه الثقافة الساذجة هى واقعنا بالفعل فنحن دائما ما نعتقد فى النهاية السعيدة وننسى مايحمله لنا المستقبل
كل هذا يظهر بمنتهى الوضوح فى افعالنا وافكارنا الحياتية.....
فلقد هزمنا اسرائيل فى معركة منذ عشرات السنين ولا نزال نعيش على أطلال هذا النصر ولا نرى ماوصلوا هم إليه الآن ،،،،، هزمنا الجماعات المتأسلمة فى معركة ولا نزال معتقدين انهم خلاص على كده ومش حتقوم لهم قومه تانى مع ان هذا منطقيا غير حقيقى ......
أتحداك أن تذكر اسم فيلم أمريكى انتهى بالنصر على الشر ولم يترك لك مشهدا أخيراً بالفيلم يدلك على أن الشر باق لمرحلة جديدة حين يستعيد انفاسه ......
اما نحن فأدمغتنا وعقولنا خاوية من فكرة دورة الحياة ،،،،
إن انتصارك فى وقت لا يعنى احتفاظك بهذا النصر إلى الابد ،،،، وان فرحتك اللحظية لا يجب ان تنسيك واقع الحياة حتى تجد نفسك تحت أقدام من انتصرت عليهم مرة أخرى.
رانيا الحناوى









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أسرة الفنان عباس أبو الحسن تستقبله بالأحضان بعد إخلاء سبيله


.. ندى رياض : صورنا 400 ساعةفى فيلم رفعت عينى للسما والمونتاج ك




.. القبض على الفنان عباس أبو الحسن بعد اصطدام سيارته بسيدتين في


.. تأييد حكم حبس المتسبب في مصرع الفنان أشرف عبد الغفور 3 سنوات




.. عاجل .. إخلاء سبيل الفنان عباس أبو الحسن بكفالة 10 آلاف جنيه