الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قصه قصيره

عبد شاكر

2005 / 11 / 6
الادب والفن


الجزائر ليس بلدي .. انه الجحيم .. يحاول دائما ان يمسك حلمه , الذي قضم نصفه الترقب . استحضر في توسلاته , ارواح الاحبه , والملائكة التي يؤمن انها تظلله حينما يرفع راسه صوب السماء باكيا , بصوت اشبه بالنواح , وبألم يعتصر كله المتكور على لحظة اليأس , ممسكا بكل تاريخه الشخصي , الذي يفخر انه معبأ بشذرات من الزهو . لكن كلما اعتصر الحرمان منافذ الروح , يرمي نفسه الى متاهات حلم يخبو , حتى أدمن معاقرة المذله ! العمر يهرول به , كغول يحاول ان يجثم فوق طفل لم يتقن مهارة الاختباء , حلم تسربل في رجولة تبعثرت في محن الزمن , لحروب شرسه , طحنت به لهفة الابوة , وفي مأزق التبدد لهذا العمر , قرر ان يهدي زوجته , الطفل - الحلم - بعد ان اصبح متسكعا , حين توقفت ماكنة القتل, هكذا توهم انه يمكن ان يؤسس مملكته , تلك التي أنشأها في عمق الامنية , بعد ان قتل في داخله الكثير من الامنيات , يوم كانت السماء حبلى ! والفرسان يمتطون الريح . . الزهد الذي صاغه لحياته , جعل امنياته تتواضع , حتى يتمكن العيش لبرهة بلا ضغط مدوي لنداءات التشرد , المتغلغله في شظايا حلمه , بعد ان فقد القدرة على ترتيب امنياته , على النحو الذي يستطيع من خلالها ان يسبق زمنه . الا انه انصاع الى الانزواء فوق أرصفة الفقر , حاملا فرشاته والوانه , يداعب الفكرة التي تولد , يهدهدها , تتمطى , يحتضن ثوبها , يرسم خيباته اسفل البطن التي , تكورت , بعد ان يأس رحمها من حبات الطلع زمنا , لان الطيور هجرت المضاجع , منذ سقوط اول شهيد في حضن بغداد المتوجعة .. الوحم شيئ جديد في قاموس اللون , لايمكنه ان يتلمس انبثاق الروح , لنطفة في الظلمه , مدججه بكم هائل من مشاعر الولاده, تتشهى تلك التي لاتعرف لغز الانتظار , انه اوان التجذر في قعر الحياة , بصرخة مشرد آخر , لايشبه اية ولادة ! فقط العودة معافى من أوار مطحنة بشرية عمياء , ويتمنى انه لن يرى خيباته تتكرر , او هكذا خيل له , لكنه محض هراء , الجحيم يتناسل هنا وهناك .. تتوحم بالأناناس , ثمرة غير مألوفة , تذكر انه حشرها في احدى لوحاته لأحد الاثرياء , لكنه كيف يعثر عليها , ولابد ان تحصل عليها , والا فقد يخرج ورأسه على شكلها , او يكون كفه على شكل ثمرة أناناس ! عندها لن يستطيع ان يمسك فرشاته ؟ لابد ان يورثه تاريخه بكل خيابته ! كان محشورا وسط كتل بشرية تتدافع صوب شارع الجزائر , وهو من الشوارع المترفة في البصرة , تعاطف البصريين مع عروبتهم , ووسموه بالجزائر يوم كانت رمزا , قبل ان تبتلى بالدم وقطع الرؤؤس , الى ان زحف هذا الوباء الى مدينة السلام .. معبأ في صناديق الآناناس ! . نسيم خريف المدينة الاستوائية العليل , وأماسي رمضان , ونداءات العيد , أخرج الجميع من جوف البيوت الهاجعة على مأساة الترقب , بوجع يوشم الملامح المتشابهة , والمجهول قد يكون يرفرف فوق رؤؤسهم , أو في جوف بطن سيارة جاثمة بمحاذاة الروح ! تتوعد أندفاعهم الى فضاء لم تألفه مدينتهم , منذ سقوط بغداد المروع ! أطفال ونساء .. ضحكات طفولية , ثرثرة نسوة حول البضائع المصلوبة على واجهات المحال . ضجيج السيارات , صيحات ناشزة لباعة الارصفة , رجال الشرطة مدججون بالاسلحة والتوتر . وسياراتهم اللاهثه بالاضواء التحذيرية , هذه البانوراما أصابته بالقلق والغثيان , انه منظر يشبه الى حد ما _ يوم الحشر - ! . لامتسع للتسكع . امسك بكلتا يديه تلك الثمرة المترفة وهي متأنقة وسد حشد من الفاكهة , تحت أضواء شديدة التوهج , وضعت لأغواء الجياع . فتح عينيه , وجد نفسه متكورا على ثمرة الأناناس , يحتضنها كما لو كانت طفل رضيع , ظلام دامس يلف المكان , صراخ وعويل في كل الاتجاهات , جلس خائر القوى , كأنه ثمل , تبعثرت على مقربة منه بضعة أجساد غير مكتملة الاجزاء , وأخرى متشحة بالسواد , كما الظلمة التي تلفه , وهج في مدى الرؤية الضبابية لحرائق تتسع وتتعالى , عيارات نارية كثيفة تطلق في الهواء ,السماء تمطر رصاصا يتساقط حوله , سيارات متناثره , أشتعلت السماء بنور ساطع بعد ان انفجرت احدى السيارات , أدار رأسه الثقيل , طفلة محترقة , فساتين ملونه تسطع بالدم على ضوء الحرائق , قطع آدمية تجاوره في وسط الجحيم . امسك بيديه الراجفتين ثمرة الأناناس وهي تقطر دما ! ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مليون و600 ألف جنيه يحققها فيلم السرب فى اول يوم عرض


.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب




.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع


.. كل الزوايا - الفنان يحيى الفخراني يقترح تدريس القانون كمادة




.. فلاشلايت... ما الفرق بين المسرح والسينما والستاند أب؟