الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
تموت الحرية حين لا تقرع اجراسها باستمرار.
هيثم بن محمد شطورو
2015 / 12 / 28مواضيع وابحاث سياسية
الحرية كلية شاملة و بالمحسوس هي جسد واحد ان اشتكى منه عضو تداعت له بقية الاعضاء. من يدعون فصل الحرية السياسية في اشكالها السلطوية عن الحرية الاجتماعية في اشكالها العدالتية عن الحرية الفردية في اشكالها التعبـيرية انما يعادون الحرية كلها. الوطن الحر هو مجموع هذه الحريات في تآلفها و انسجامها و تعبـيراتها المختـلفة.
انك تجد اي سلطة في الكون لا تـفكر إلا في خلق ثغرات أو حفر في مساحات الحرية لتـتـسع شيئا فشيئا و لتـنـقض عليها. عقـلية ذكورية عدوانية استحواذية غرائزية حيوانية فاعلة في الديمقراطيات المعنونة بالديمقراطيات فما بالك ببلد كتونس يخط خطواته الاولى في الحرية.
بين الحين و الآخر تـقوم السلطة السياسية بأعمال هزلية مقيتة فاضحة و غير اخلاقية. الاخلاق هي احترام الانسان للإنسان. من يتجاوز الاحترام فهو ليس بإنسان و انما غرائزي اي سافل بمعنى الاتجاه الى الاسفل و ما يتداعى من خلاله من عوالم مظلمة.
في الفترة الاخيرة قامت دورية من الشرطة في منطقة بن عروس في تونس العاصمة بإيقاف بعض سيارات النقل العمومي، لتطلب من الركاب النـفخ ليتـثـبتوا من الاستعمال او عدمه لمادة الزطلة المخدرة. لو كان الامر حق يراد به باطل لكان أهون و لكن القانون المرقم بـ 52 الذي يعاقب مستهلك مادة الزطلة و هي نوع خفيف جدا من المخدرات بسنة سجن، قام النظام النوفمبري بسنه ليداري فضيحة اخ الرئيس الذي قـتـلته المافيا كتاجر مخدرات متورط له مشاكل مالية معهم، و من جهة اخرى ليمرر تسلطه على الشباب. هذا القانون راح ضحيته عديد الشباب. هذا القانون اعطى للسلطة مشروعية حرمان عديد الطلبة من الوظيفة العمومية. هذا القانون استعمله النظام النوفمبري ليورط بعض خصومه السياسيـين. هذا القانون يزج بآلاف الشباب اليوم بين الجدران الرصاصية اللون للسجون. هذا القانون يساهم في ادخال الابرياء اخلاقيا ليشوهوهم و يتمدرسوا في السجون على الجرائم. هذا القانون استهداف للشباب و لحريته.
ما معنى ان تـتـدخل السلطة في علاقة الانسان بنـفـسه؟ لا تملك السلطة اي مسوغ لذلك. هل هي اب ام مازالت تحلم او تحكم بمنطق الوصاية على القصر. ليكن موقـفي الشخصي رافضا لاستهلاك المخدرات و لكن ماذا يهمني في مستهلكها. انه حر. يقول ان اساريره تـنـفرج و انه يشعر بنفـسه يتصاعد الى السماء. الارض كريهة لديه و هو محق في وضعه المحاصر بين الفقر و الضجر في بلاد باهتة ميكانيكية لا تشتعل بحياة ثـقافية ممتعة. حتى الثـقافة معلبة في اشكال لا روح فيها. الكتاب الذي يسافر بك في الزمان و المكان لم يعلموه ان يعشقه، و الحي الذي يسكن فيه منعدمة فيه سبل التضامن و العمل الجماعي الذي يشغل الوقت و يخلق قضية تصل الانا بالآخر في روحية شبه مقـدسة.
مازالت السلطة في بعض زلاتها السخيفة تسقط في كـشف وجهها المعادي للكرامة الانسانية و الحرية. السلطة برغم الدستور الجديد إلا انها تـفكر بمنطق التسلط على الحريات باسم النظام. النظام في ذاته يطرح عدة اسئلة جوهرية و عميقة. اي نظام و على اي اساس؟ ثم في الممارسة اليومية للسلطة الى متى هذا الاستهتار بالحريات الشخصية؟ ما معنى ان تـنـتهك الشرطة حرمة مسكن بدعوى ان به ممارسة للشذوذ الجنسي؟ ما دخل الدولة في ذلك ان لم يكن في الفضاء العام؟ ما دخل الدولة ان كان المزطول لم يتسبب في تعكير صفو الامن و النظام؟
من الاكيد ان الاجابة واضحة في الدستور التونسي الذي ينص على حرية الاشخاص في السلوك و الضمير. اما السلطة التي تـنـتهك الدستور بين الحين و الاخر فهي كذلك مازالت صدى للاستبداد. لم تخلق بعد فلسفة و فكر جديد للسلطة. الدستور و القوانين وحدها لا تكفي. الفكر الذي يقـلب الاشياء في مكامنها هو الحل الجذري. لكن الى حين شيوع و انشداد الجمهور الى رقصات الفكر النارية، فالاحرى ان تـقرع اجراس الحرية بين يوم و يوم...
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. الانتخابات الرئاسية الأمريكية: نهاية سباق ضيق
.. احتجاجًا على -التطبيق التعسفي لقواعد اللباس-.. طالبة تتجرد م
.. هذا ما ستفعله إيران قبل تنصيب الرئيس الأميركي القادم | #التا
.. متظاهرون بباريس يحتجون على الحرب الإسرائيلية في غزة ولبنان
.. أبرز ما جاء في الصحف الدولية بشأن التصعيد الإسرائيلي في الشر