الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لا خيار ثالث دون ثورة فكرية ثالثة

مصطفى المنوزي

2015 / 12 / 29
مواضيع وابحاث سياسية


لقد تم انهاك الأحزاب الجادة وأخرى تقادمت مشاريعها المجتمعية بشيخوخة نخبها وحامليها وثالثة لا تنطق إلا عن هوى السلطة العمومية ، والعهد الجديد الذي انطلق بنفس المفهوم الجديد للسلطة لم يواكب وعوده بالتنفيذ لخلل في تفعيل المفهوم الجديد للعدل ، والإنقلاب على شرعية التناوب حال دون استيعاب أهمية الإصلاح وجبر الأضرار التي تسبب فيها العهد البائد ، وأعاق كل محاولات تمثل جدوى طي صفحة الماضي بسلوك تدابير وضمانات عدم التكرار كمعامل مكسب للشرعية الحقوقية التي يفترض أنها ستميز النظام السياسي الفتي عن مدعي تبني الشرعية الدينية والإجتماعية ، ليصير الخلل في عدم تأهيل النخبة وتجديد دمائها و أنفاسها التي أعياها الزمن السياسي البطيء النجاعة والفعالية والمردودية ، وليس التيه الحاصل سوى نزلة برد عابرة تحولت مع التراكم الى مرض عضال ينخر الدولة والمجتمع معا ، وصار معه الحراك السياسي والإجتماعي يمارس بعقلية صراع الديكة ، ولو تمعنا جميعا لوجدنا أن الخاسر الأكبر هو الوطن الذي أمعن الخارج وعملائه من اللوبيات المصالحية في تشويه مصداقيته وإعدام كرامته والنيل من سيادته ، فهل صحيح أن للبيت المغربي رب يحميه ؟
فلنتمعن جيدا المشهد السياسي ، فالحزب الذي أنيط به مهمة امتصاص الغضب الفبرايري ونقمة المجتمع المتراكمة ، تجاوز حدود الدور ، ليس باستعمال المرتجلات ، كما يحصل على الركح المسرحي ، ولكن بالتخطيط الجيد والاستباقي ، فحزبيوها القياديون يحكمون من خارج الحكومة ، باسم الدولة المتماهية مع الدين ، وباستعمال قاعدة الإله الروماني جانوس ( janus) التهكم المتماهي مع السخرية الحادة وكذا التجهم والعنف اللفظي الذي تفرضه مقتضيات سلطة رجال الدين ، فالحقوق والحريات لن تتأتى إلا على يدهم « الطاهرة » ، ولكن الأنكى أن الفكر التقدمي المفترض فيه الاشتغال على هذه الحالة التي يبدو أنها ارهاصات لتكرار تجارب سابقة ، كما جرى في حكومة التاوب وقبلها في حكومة عبد الله ابراهيم ، لا يحاول تجديد التحليل وبالتخلي عن مسلمة « ذكاء » النظام المنتج لفوائض المكر والتسلط والتحكم بحكم طبيعته « المخزنية » المتوارثة ، لذلك نلاحظ انبثاق نزعة سياسوية تختزل السياسة في أهمية الانصياع لمنطق « الخيار الثالث » قياسا على منظومة « العالم الثالث » والتي أظهر الزمان أنها مجرد أكذوبة لتنظيم التنافس وعملية الاستقطاب / التقاطب ، ليس إلا ، من هنا لابد من الوعي أن الخيار المزعوم مفخخ مادام قطبا الصراع المزعوم ، يكمن بين وجهين لعملة واحدة ، فكلا الطرفين أصولي حتى النخاع ، وبالتالي فأحلاهما مر ومضر ، مما يستدعي خوض الصراع اجتماعيا وثقافيا ، وعوض الانضمام إلى قطب ما ، هكذا ، ينبغي فرض الإلحاق والاستقطاب ، فهل تتوفر أحزابنا على نخبة تجدد الفكر الدي ينبغي أن يقود السياسة ؟ وعلى مستوى الممارسة السياسية ، هل تم استنفاذ كل الامكانيات القانونية والدستورية المتاحة للتقييم والمحاسبة والتقويم ؟ وكم من الأحزاب الديموقراطية يؤمن بالنضال من داخل المؤسسات أو من داخل الشرعية القائمة ؟ وحتى تلك التي تمارس السياسة بقناع حقوقي ، كم منها يعتقد بأهمية مسار العدالة الانتقالية الذي سجل اعتراف النظام السياسي بأخطائه ومسؤولياته تجاه فظاعات الماضي الأسود ؟
لقد أتيحت فرصة الحراك الفبرايري لممارسة خيار ثالث حقيقي مقدماته فكرية ودينامياته الوسيطة تشريعية ومؤسساتية ، من شأنها هيكلة الحلم وتحريره من الطوباوية المبالغ فيها ، لقد اختار العهد الجديد المفهوم الجديد للسلطة ، ولم تبادر الأحزاب السياسية على تمثل هذا المطلب ، وذلك بتأطيره بالمفهوم الجديد للعدل ، فالدولة طبقية والصراعات ستظل اجتماعية بأفق ديموقراطي واضح ، وهنا لابد من التأكيد على أن ما يسمى بيساريي اليوم ، لا زالوا يتصرفون وكأنهم طلبة وشباب ، والحال أن المواقع تغيرت والمصالح تغيرت بالضرورة ، وبحكم هذه المستجدات فالأدوار تغيرت ، وبغض النظر عن ضرورة استحضار انهيار قيم المنظومة الاشتراكية ، بعد سقوط جدار برلين ، فإنه حان الوقت لإعادة النظر في أهمية تحصين اللبرالية من التوحش الذي يطوقها ، وضرورة رد الاعتبار لمفهوم الوطنية الذي لا يمكن اختزاه في مجرد المقاومة والاحتجاج ، خاصة وأن أكبر معرقل للتنمية هو التسلط ، الذي سببه تعايش أنماط الإنتاج ، حيث يهيمن الفكر التقليداني المنتج للاستبداد ، والذي يحتكر السلطة بواسطة تحالف طبقي ، شكله رأسمالي عقاري ورأسماي زراعي ، لكن في جوهره فلول اقطاع ، منطلقه الريع وهدفه الربح ، فألم يحن وقت نهوض الطبقات الوسطى في زمن ما أحوجنا فيه لرد الاعتبار للبرالية الوطنية ، نعم اللبرالية الصريحة ، عوض التخفي وراء المنظومة والمقاربة الحقوقية ، أو قناع النهضة والصحوة ؟ فليست المواطنة مجردة عن الخيار اللبرالي ، مادام الخيار الثالث سيكون قدري وشرط للشقاء التكتيكي من أجل البقاء الاستراتيجي بنفحة مصيرية و وجودية ، وهذا من شأنه أن يشجع عملية الاستقطاب والتقاطب الموضوعي ، دون السقوط في أحضان هذه الجهة أو تلك ، خاصة وأنه من مصلحة الرأسماليين المتوسطين والصغار ، الذين يعتمدون مفهوم المقاولة المواطنة ويتمثلون المسؤولية الاجتماعية ، مناهضة التوحش والتبعية والاحتكار المعولم ، مع الإشارة إلى أن النظام السياسي يبحث عن مخارج ، ولكن فوبيا التحديث تترادف لديه بمعنى التمويت ،








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اجتماع مصري إسرائيلي أميركي مرتقب بشأن إعادة فتح معبر رفح| #


.. المتحدث باسم الخارجية الأميركية لسكاي نيوز عربية: الكرة الآن




.. رئيس مجلس النواب الأميركي يعلن أن نتنياهو سيلقي كلمة أمام ال


.. أربعة عشر متنافسا للوصرل إلى كرسي الرئاسة الإيرانية| #غرفة_ا




.. روسيا تواصل تقدمها على جبهة خاركيف وقد فقدت أوكرانيا أكثر من