الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الرجل والكرسى

محمد شحات ديسطى

2005 / 11 / 7
كتابات ساخرة


أصبح دوره مهماً هذه الأيام فكل حالم بكرسى العضوية يحتاج لمثله ……كان الوحيد الذى يحتكر هذه المهنة … والآن أصبح هناك دخلاء على المهنة مع ازدياد عدد المشتاقين لكرسى العضوية… وربما يمتاز عنهم بحكم الريادة والملكات الشخصية فقد حباه الله ببسطة فى الجسم فهو طول بعرض يسمونه ( صدر مجلس ) ….فعندما ينادى المنادى على وفاة أحد المتوفين ولا سيما لو كان من أحد الأسر الكبيرة تنفرج أساريره …تعلو وجهه الفرحة فهذا اليوم هو يومه يوم الجد والاجتهاد … يلبس أفخر ما عنده من ثياب ويحمل مسبحته ويحرص على الحضور مبكراً ليحتل المقعد الرئيسى فى صدر سرادق العزاء… لا يشغله أحد فى السرادق عينيه على باب السرادق …….حتى المحيطين بالمقرئ الطامعين فى نفحاته المتأوهين بإعجاب لتلاوته - حتى وهو يتلو آيات العذاب - ينافسهم فى الحضور مبكراً ….لايهمه من هم عن يمينه أو شماله حتى محترفى الخطابة الذين يحضرون مبكراً كى يستولوا على الميكرفون بعد التلاوة لإشباع رغباتهم المكبوتة فى الغثاء ( عفواً فى الخطابة) كل ذلك لا يشغل باله كل همه وما يشغل باله هو مجيء النائب المنتظر الذى يحلم بكرسى العضوية ….تعلو وجهه علامات الترقب والقلق كلما مر الوقت …..يصفر وجهه وتعلوه ابتسامة باهتة … تقتله الدقائق … وتذبحه الثوانى … تسرع يديه على المسبحة …. ماذا عساه أن يحضر … لقد تأخر عن الموعد المحدد … ربما يريد أن يمتلئ السرادق حتى يكون حضوره مهيباً عيناه مازالت مستقرة على باب السرادق……وفجأة تنفرج أساريره ويعلو وجهه المكفهر ابتسامة إنها لحظة الفرج …. لقد حل بطلعته البهية … ينتفض من مكانه واقفاً تاركاً له الكرسى الذى حجزه من وقت مبكر … لا يعيره الحالم بالكرسى أدنى اهتمام…. كل ما يشغله هو توزيع السلامات والقبلات على الجالسين عن اليمين وعن الشمال ….والجميع لاهى عن المأتم … عن المقرئ … عن الحزن ( اللى معدلوش جلال) … ينسحب من المكان تاركاً الكرسى كى يجلس عليه النائب المنتظر الحالم دائماً بكرسى العضوية….. يذوب وسط الحاضرين ينزوي …لم يعد هو صدر المجلس ….. لم يعد يزين الكرسى الرئيسى …. ينتهى المقرئ من تلاوته …. " كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام " ويسرع الخطيب المفوه ليستولى على الميكرفون ويرفع عقيرته ليذكرنا بالموت …ومتاع الدنيا الزائل …. يرجع بيته سعيداً مرتاح البال … مستقر الخاطر …لقد أدى واجبه كاملاً فى الحفاظ على الكرسى حتى وصول النائب الحالم بالكرسى .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أمسيات شعرية- الشاعر فتحي النصري


.. فيلم السرب يقترب من حصد 7 ملايين جنيه خلال 3 أيام عرض




.. تقنيات الرواية- العتبات


.. نون النضال | جنان شحادة ودانا الشاعر وسنين أبو زيد | 2024-05




.. علي بن تميم: لجنة جائزة -البوكر- مستقلة...وللذكاء الاصطناعي