الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


يتكلمون باسم الشعب السوري ... من أعطاهم الحق

سهيل حداد

2005 / 11 / 7
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


في هذا الوقت الذي تتكالب فيه الإدارة الأمريكية وحلفائها الفرنسيين والبريطانيين للنيل من سورية ووحدتها وأمنها واستقرارها، ويتنافسون في طرق وأساليب الضغط عليها سياسية ودبلوماسية واقتصادية لثنيها عن مواقفها الوطنية وتحديد دورها العربي والإقليمي. وبينما يحتم الوضع العصيب علينا أن نتحد جميعاً يد بيد وتنصب جهود كل من ينتمي إليها للذود عنها وعن كرامتها، تظهر على جسد الخارطة السياسية السورية شخصيات من أشكال وألوان وأطياف تعمل كالصديد(*) في جسدها نخراً وتخريباً وتدميراً من الداخل و/أو بقوة من الخارج. هذا الصديد الذي بدأ يطفو على السطح ويتكاثر هنا وهناك، هو بعض (وأركز على كلمة بعض) من المتأمركين باسم الديمقراطية والليبرالية والبعض الأخر من المستغربين من حملة الجنسيات الأمريكية والبريطانية ممن يتكلمون بلساننا ويدعونا إلى قبول الدعوة الأمريكية ومشروعها. ويشاركونها في ضغوطها وممارساتها ضدنا، ويدعوننا بدون خجل أو مواربة للتنازل عن ثوابتنا ومشاعرنا الوطنية، وكل مقوماتنا الحضارية والتاريخية. بعضهم يعلنها مبطنة والأخر جهراً وبصراحة. ثم نجد طابوراً من المتملقين والمنتفعين يدافع عنهم وينافح أينما سنحت له الفرصة والمناسبة وخاصة من المنابر الأجنبية والعربية التي سخرت لهذا الأمر.
وأخرهم رئيس التجمع الليبرالي الديمقراطي السوري المعارض كمال اللبواني الذي حسب قوله في تصريح لقناة الجزيرة أنه طلب زيارة البيت الأبيض للتحدث باسم الشعب السوري ومعاناته وترجمة إعلان دمشق إلى أفعال ووقائع، وكأن هذا الإعلان مطلب شعبي وجماهيري متفق عليه، صدقاً لم يسمع بهذا الإعلان إلا منظميه والجوقة إياها وهم مرة متفقون ومرة متخاصمون، وبعض متصفحي الانترنيت، هذا من جهة، ومن جهة أخرى أليس بالأحرى أن على السيد اللبواني أن يطلب زيارة تل أبيب مباشرة وهكذا يعفينا من الظنون والشكوك، فالشعب لا يهمه المظهر بل الجوهر والمضمون، وأنه طلب خلال زيارته مجموعة ضغوط دبلوماسية وسياسية لإجبار النظام على احترام حقوق الإنسان. وكأنه يريد أن يقنعنا بأن بوش يهمه ذلك فهو طبقها بأفغانستان وفلسطين والعراق بحذافيرها وأكبر شاهد سجن أبو غريب، ناهيك عن حقوق الإنسان التي تطبق في غوانتاناموا وغيرها من تمييز عنصري وممارسات لوكالة المخابرات المركزية في العديد من دول العالم. أيها الطالب للزيارة باسمنا نحن نعلم ماذا يريد بوش منا ومن هذه المنطقة فكفى خداعاً وتزويراً للحقائق وتشدقاً باسم الشعب الذي في هذه الأيام لا يعير لمثل هذه السخافات اهتماماً.
وقبله فريد الغادري الذي لا يتورع باسم الشعب السوري أن يطلب من الإدارة الأمريكية قصف دمشق وتدمير البنية التحتية في البلد، وغيرهم ممن لا يرون عروشهم تبنى إلا إذا عم الدمار والقتل والفوضى ربوع هذا الوطن أسوة بمن حملتهم دبابات المارينز إلى بغداد. أولاً
أليس من المستغرب كيف لهؤلاء ممن يحملون ويتشدقون بشعارات الديمقراطية، واحترام حقوق الإنسان، والمطالبة بحرية الرأي والتعبير أن يتكلموا باسمنا جميعاً نحن أبناء الشعب السوري عن حقوق الإنسان وهم لا يحترمون حق أي سوري بل يريدون له الموت والخراب. يسمون أنفسهم معارضة داخل أو خارج لا ضير، يصدرون بيانات، وتصريحات، ويعقدون مؤتمرات وندوات، وجولات عارضين خدماتهم، ويتباكون، ويتناحرون ويتعارضون بين مؤيد ومخالف ورافض، ويستبيحون كل شيء مقدس في هذا الوطن وكأن الساحة خلت لهم فهذا شأنهم. ولكن ليس من شأنهم أن يصادرون رأيه ويتكلمون عنه بدون إرادته ورغبته وموافقته، مع أن كل قوانين الأرض لا تخولهم وهم في هذا الوضع إلا تمثيل أنفسهم وليس الحديث باسم شعب بالكامل. وهنا يطرح العديد من التساؤلات: هل يعتقد هؤلاء أننا نصبناهم أولياء عن أمورنا مثلا? ومن ذا الذي أعطاهم الحق في تمثيلنا، مهما كانت صفتهم وتاريخهم?. فهل لديهم جواب عن ذلك؟. أم أن استقوائهم بالإدارة الأمريكية ضد الشعب السوري وانبطاحهم أمام المشروع الصهيوني يجعلهم يعتقدون ذلك، ويبررون لنفسهم مثل هذه التصرفات؟. فهل هم يدركون نتيجة أعمالهم وموقف الشعب السوري منها أم أن إطلاق كلمة معارضة على أنفسهم تسمح لهم أن يرتكبوا باسمه ما لا يرضى عنه أي شخص معدوم الحس والشعور الوطنيين.
يعلم الجميع أن جزء ممن أطلقوا على أنفسهم معارضة بغض نظر عن ألوانهم وأشكالكم وطروحاتهم يريدون حواراً وطنياً تحت سقف الوطن وانفتاحاً سياسياً للمشاركة في الفعل الوطني ليس إلا، لأنهم أنفسهم يصرحون بأن سقف شعبيتهم محدود، وهم ليسوا بدلاء عن النظام. ثم يفاجئنا جزء منهم بالمطالبة بتغيير جذري لنظام الحكم، وبعضهم الأخر يطالب رئيس البلاد بالتخلي عن منصبه، وجزء أخر من ما يسمون أنفسهم معارضة لا يتوانون عن مطالبة القوى الأجنبية باحتلال سورية عسكرياً لتنصيبهم على سدة السلطة!!. وجزء منهم يحمل في طياته روح الفتنة العرقية والطائفية. أية معارضة وطنية هذه التي تتناطح لبعضها البعض بين موافق ومندد ومتخاصم ومعترض ورافض وهي بالأساس لا تملك أي مقوم رياضي لوجودها في الشارع السوري. والسؤال المحير في كل هذه المعممة أين هم قبل أي شيء من الشارع السوري ومن قضاياه المهمة في هذه المرحلة والظروف التي تمر بها منطقتنا عموماً وسورية خصوصاً?. والسؤال الأخر هل هم يدركون معنى المعارضة في مفهوم الدولة أم أنهم فقط يتخذون منها تسمية لتحقيق مآربهم أو بالأحرى لدى البعض لتحقيق مآرب غيرهم في زعزعة استقرار البلد.
أعتقد أنهم معظمهم عندما يتكلمون باسم الشعب السوري لا يعون بالرغم من شعاراتهم البراقة عن الديمقراطية والليبرالية، مفهوم الحرية الشخصية، فكيف سيعوون مفهوم احترام حرية شعب كامل وحقوقه الوطنية. ناهيك أن بعضهم لا يعلم عن هذا الشعب حاضر وماض أكثر من علم أي شخص أخر عن أين توجد سورية على الخارطة الجغرافية. وأعتقد جازماً أنهم يعلمون ويدركون في قرارة أنفسهم بأنهم يتحدثون عن شيء لا يملكوه، لذلك يحاولون أن يجدوا ضالتهم في اعتلاء السلطة عند من يريدون للشعب السوري الاستسلام والخنوع. فهل يستطيعون أن يقولوا للشعب السوري ماذا يسمى هذا الفعل؟. وطنية أم خيانة أم عمالة؟. أم أنهم يقلبون المعادلة يتكلمون بلسان عربي عن بوش ورامسفيلد وبلير وشارون وما يريدوه من الشعب السوري وباسمه. أية مهزلة وخنوع وذل وصلت إليها ضمائر بعض الموتورين في تسويق مصائر شعوبهم وحقوقها. أليس من المعيب أن يستغل أي شخص الضغوطات والتهديدات الخارجية مهما كان نوعها ومراميها التي لن تكون في يوم من الأيام مع الشعب السوري وطموحاته، لتحقيق مآرب شخصية أو ثأرية أو طموحات سياسية معينة؟!!
لا بأس من وجود مشاركة وطنية حقيقة شرعية وقانونية، وديمقراطية بتعددية سياسية وطنية مئة بالمائة تمثل كل أطياف الشارع الوطني السوري والتي تنبذ الطائفية والانفصالية، وتؤكد على وحدة سورية وأمنها وحريتها وسيادتها وثوابتها الوطنية والشعبية، وتطرح رؤيتها في كل القضايا التي تهم المواطن والوطن تحت سقفه لتكون سنداً وداعماً له ولنهضته وازدهاره. يتقبلها الشارع الوطني ويحتضنها، ولا لأية وصاية على رأي الشعب السوري من أية جهة أخرى.

(*): أرجو المعذرة فهذه الكلمة لا تخص الشرفاء المخلصين في هذا الوطن مهما كانت آرائهم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قيادي بحماس: لن نقبل بهدنة لا تحقق هذا المطلب


.. انتهاء جولة المفاوضات في القاهرة السبت من دون تقدم




.. مظاهرة في جامعة تورنتو الكندية تطالب بوقف حرب غزة ودعما للطل


.. فيضانات مدمرة اجتاحت جنوبي البرازيل وخلفت عشرات القتلى




.. إدارة بايدن وإيران.. استمرار التساهل وتقديم التنازلات | #غرف