الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المواطن الجزائري وقانون 2016

خولة بوزيان

2015 / 12 / 30
مواضيع وابحاث سياسية


أدى إنخفاض أسعار النفط عالمياً إلى تدهور كبير طال الإيرادات المالية للحكومة الجزائرية. ومن المعروف أن الجزائر تعتمد على القطاع النفطي بنسبة تصل إلى أكثر من 98 %. لقد أدى هذا التدهور في أسعار النفط إلى بحث الحكومة عن مصادر لتمويل خزينتها، وبدلاً من الإعتماد على تنويع الإقتصاد، والإعتماد على القطاعات الزراعية والصناعية، وتنمية المناطق النامية، والعمل على تشجيع المشاريع الشبابية، لجأت الحكومة إلى زيادة الأعباء الضريبية، وذلك بحجة تأمين السلم الأهلي.

وعلى خلاف تصريحات وزراء الحكومة الجزائرية “المطمئنة”، تشير التوقعات إلى الكابوس الحقيقي الذي ينتظر المواطنين بداية السنة القادمة، خاصة في ظل الإجراءات التي يحملها قانون المالية 2016، والتي تحمّل بشكل واضح المواطن تداعيات الأزمة المنتظرة، ، إذ، وبحسب الخبراء، فإن آلية تمويل الخزينة العامة ستكون عن طريق جيوب الفقراء، ووقف الدعم الإجتماعي، وزيادة معدلات الضرائب على كافة السلع الأساسية، ومنها السلع الإستهلاكية، لمواجهة تراجع مداخيل الدولة بنسبة تصل إلى 50 بالمائة نهاية السنة الجارية.
وحسب بعض السياسيين الجزائريين، وفي وسط إستنكاركبير، ليست أحزاب المعارضة فقط من يحذر من إنفجارإجتماعي في الجزائر، لكنّ أحزاباً سياسية أخرى شريكة في الحكومة تحذر من أن قانون المالية 2016 سيكون الأخطر على الإطلاق، كما تعترف بخطورة الوضع و بروز مخاوف جدية في البلاد، نظرا لجملة الإجراءات التي يحملها والتي تتعلق أساسا برفع قيمة الرسوم ورفع أسعار الوقود والكهرباء والماء، ما من شأنه أن ينعكس سلبا على المواطن البسيط بالدرجة الأولى.
كما و يحذر محللون من تكرار سيناريو إنتفاضة الخبز والزيت والسكر التي شهدتها الجزائر في 2011 إحتجاجا على إرتفاع أسعار المواد الغذائية، وعاشت الجزائر على إيقاع مواجهات عنيفة بين المحتجين وقوات الأمن.
وإلى ذلك، يتوقع أن يمس قانون المالية 2016 عددا من المجالات الحيوية الأخرى على رأسها قطاع النقل، حيث أشار رئيس الاتحادية الوطنية للنقل الخاص،" عبد القادر بوشريط" أن المصادقة على القانون ستؤدي إلى إرتفاع تسعيرة النقل بنوعيه، ما يعني إرتفاع أسعار المواد الغذائية بدورها إرتفاعا ملحوظا، خاصة المنتجات الفلاحية، قد يتجاوز الـ 30 بالمائة، الأمر الذي سيؤثر بالدرجة الأولى على القدرة الشرائية للمواطن البسيط.
ومن الواضح أن حكومة عبد المالك سلال وجدت نفسها أمام عدة خيارات صعبة تشهد تردياً إقتصادياً وإجتماعياً كبيراً، وتوازنات يتعين التعامل معها مع إنهيار أسعار النفط بأكثر من 45% خلال سنة، وإنخفاض الإيرادات، وإرتفاع العجز في الميزانية والخزينة إلى حوالي 54 مليار دولار، مع تسجيل إرتفاع معتبر للتحويلات الاجتماعية التي بلغت في قانون المالية 2016 حوالي 17.2 مليار دولار، أو ما نسبته 9.8% من الناتج المحلي الخام، وأمام هذه المعادلة الصعبة، تأكدت حكومة سلال أن سياسة شراء الولاءات والسلم الإجتماعي فشلت مع أول هزة اقتصادية، الشئ الذي وضع البلاد أمام أسوأ سيناريو جراء إنهيار أسعار النفط.
لذا إرتأت إعتماد نظام التسقيف في إستهلاك المواد الطاقوية من كهرباء ووقود، ما يعني أنه من الآن فصاعدا من يستهلك أكثر سيدفع أكثر حسب الحكومة، محاولة من السلطة لتحميل المواطن فشل سياساتها الإقتصادية. والشئ الذي ينذر بإنزلاق إجتماعي سيخلفه قانون المالية لسنة 2016، علما أن هذا القانون يعد أكثر سوداوية وأكثر شراسة في تهديد السلم والإستقرارالإجتماعي، بسبب مختلف الضرائب والرسوم التي يراد للمواطن أن يتحملها كأنه في نظام إقطاعي والتي لها علاقة حيوية بالحياة اليومية له في ظل الأوضاع الإقتصادية والمعيشية الصعبة التي يمر بها بدل البحث عن بدائل أخرى منها محاربة الفساد وكذلك تفعيل آليات مكافحة تهريب العملة الصعبة إلى الخارج من قبل ( لوبيات الفساد ) و (الإقطاعيون ) الجدد في إستنزاف أموال الخزينة العمومية.
وعلى ضوء هذه المعطيات، بات قانون المالية لسنة 2016 يهدّد القدرة الشرائية للمواطن الجزائري حيث يعتبر متتّبعون وخبراء هذا القانون بمثابة الشهاب الذي يحرق جيوب المستهلكين خاصّة ذوي الدخل المحدود بالدرجة الأولى من المواطنين، لذا سيجد المواطن الجزائري نفسه في مواجهة إرتفاع تكاليف العيش خارج إرتفاع أسعار مواد الإستهلاك والمواد الغذائية التي تواجه سنويا موجة تضخمية، حيث يتعين عليه تسديد تذكرة أعلى في نقل عمومي لا يفي بالغرض أساسا نتيجة إرتفاع سعر المازوت، وزيادة أسعار المركبات نتيجة زيادة في قسيمات السيارات والضريبة على شرائها التي ترتفع لثاني مرة، والتي يفرضها وكلاء السيارات على المستهلك في السعر النهائي، حيث تم تحديد تسعيرة القسيمة حسب قوتها ونوعها وسنة إستغلالها.
وعلى العموم، فإن هناك زيادات ستطبق تمس المواطن بالدرجة الأولى، مثل خدمات الإنترنت و أعباء الهاتف النقال، فضلا عن وأسعار الكهرباء والغاز والماء، فضلا عن تآكل قدرة الدينار الشرائية.
كما تم إتخاذ قرار بوقف عمليات التوظيف في الوظيف العمومي والقطاع التابع للدولة، وتفعيل عملية الإحالة على التقاعد بعد سن 60 سنة. علما أن كتلة أجور الوظيف العمومي تقدر بحوالي 35 مليار دولار.
في حين لا تزال الحكومات المتعاقبة عاجزة عن إعتماد سياسة إجتماعية واضحة المعالم، يتم من خلالها ضمان عدالة إجتماعية وتنمية فعلية لنمط المعيشة للسكان، رغم الموارد المالية المتنامية التي تخصص برسم التحويلات الإجتماعية والدعم المباشر والضمني، حيث تبقى الآليات المعتمدة عقيمة لأن كافة الفئات معنية بالدعم دون تمييز، ولتسرب جزء معتبر منه دون أن يحقق الأهداف المنشودة، سوى محاولات السلطة إستعماله مسكّنا يقي من أية هزات إجتماعية، ويضمن سلما إجتماعيا وهدنة ولو إلى حين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بثلاث رصاصات.. أخ يقتل شقيقته في جريمة بشعة تهز #العراق #سوش


.. الجيش الإسرائيلي: دخول أول شحنة مساعدات إنسانية عبر الرصيف ا




.. الاحتلال الإسرائيلي يدمر مستوصف الزيتون بمدينة غزة


.. بحضور نقابي بارز.. وقفة لطلاب ثانوية بباريس نصرة لفلسطين




.. من أذكى في الرياضيات والفيزياء الذكور أم الإناث؟