الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كل شيء اصبح مصطنعا

جهاد علاونه

2015 / 12 / 30
كتابات ساخرة


حياتنا ليست كما يجب
كنا ونحن شباب صغار نهربُ من مُتع الحياة وكانت مُتع الحياة تلاحقنا, أما اليوم نحن نركض وراء مُتع الحياة وهي تهرب مني في كل زاوية وفي كل دكان.
كانت الحياة تقبلُ علينا وكنا نحن لا نلتفتُ لها.
اليوم الموضوع مختلف عن سابق عهده, كنا نمارس الحياة بكل شهوة واليوم كل شيء نمارسه نشعر أن فيه الكثير من التكلف.
حياتنا فيها الكثير من التكلف والاصطناع.
فنحن مثلا نضحك كثيرا ولكن ليس من القلب.
كنت قبل عشرين سنة حين اضحك تسمع صوت ضحكتي من الحارة المجاورة لحارتنا, وكنت دائم الضحك والبتسام وكنت اضحك على أي شيء حتى على رد السلام وكان اهلي يقولون لي: ليش إنت كل شيء بتضحك عليه بالرغم من إنه في اشياء نحن نبكي عليها أو نبكي منها وأنت تضحك عليها؟ كنت لا أجد جوابا غير أنني مقبلٌ على الحياة بقوة, اليوم أنا لا اضحك ويا دوب أبتسم ابتسامة خفيفة جدا يا دوب يسمعها من يضع أذنيه في فمي.
ضحكتنا لا تخرج من القلب.
كانت تخرج من القلب ومن اسفل البطن ومن تحت الحزام.
أنا اليوم أشاهد الناس وهم يضحكون في وجوه بعضهم البعض تكلفا واصطناعا.
يجاملون بعضهم البعض.
ضحكاتهم لا تخرج من القلب بل فقط من خلف الشفتين والنواجذ.
يصطنعون لك الضحكة اصطناعا, لكي يشعروك أنهم مسرورون بوجودك معهم أو بينهم وأنهم فرحوا جدا لأنك أنت فرحان.
وإذا أنت ما شعرت بالحزن تجد الناس يحزنون معك حزنا أيضا مثل الضحكة المصطنعة, كله عبارة عن مجاملات.
زمااان كان الجيران يبكون لبكائي وكنا نحزن لحزنهم أكثر منهم وإذا فرحوا بزواج إبنهم كنا نفرح معهم أكثر منهم.
يبكون معك ودموعهم مزيفة ويرتدون على وجوههم الأقنعة.
نضحك مع بعض لأننا نريد أن نؤدي واجبا اجتماعيا مفروض علينا, حين نجح ولدك بشهادة الثانوية جاء الناس إليك مهنئون وحين نجح أبناءهم ذهبت إليهم ليس لكي تفرح لفرحهم بل لكي تؤدي ما عليك من واجبات اجتماعية, ولكن ليس لكي تضحك معهم ضحكة نسمعها من الحارة المجاورة.
تمارس الجنس مع زوجتك ليس رغبة في الجنس أو اللذة ولكن لكي تؤدي واجبا اجتماعيا عليك أن تؤديه وأن تتقن أداءه, وكذلك الزوجات يتقدمن من أزواجهم للمعاشرة الجنسية ليس رغبة بالجنس أو رغبة بالحصول عليه وامتلاكه ولكن مجاملة للزوج لتأدية واجب اجتماعي على المرأة أن تؤديه لزوجها.
عليها تقديمه لزوجه مساء كل خميس أو في الأسبوع مرة أو مرتين على حسب البرنامج المتفق عليه ما بينهما.
حياتنا عبارة عن تقديم واجبات ليس أكثر.
لا توجد لدينا رغبة حقيقية بالفرح.
لا توجد لدينا رغبة حقيقية بالحزن.
لا توجد لدينا رغبة حقيقية لممارسة الجنس.
الحياة اليومية بالنسبة لنا عبارة عن روتين قاتل وممل, نأكل نشرب نمارس الجنس ونتبول وننام وفي اليوم التالي نفعل ما فعلناه في هذا اليوم دون أن نشعر أن في حياتنا لذة أو بأن لدينا رغبة عارمة بممارسة عواطفنا, فنحن مثلا حين نمارس الجنس نحن نمارس النكاح, نكاح البهائم, والحيوانات, نمارس غرائز, ولا نمارس عاطفة أو حنين أو رومنسية, حياتنا أصبحت مثل النهر الجاف مات فينا كل شيء, ماتت عواطفنا واشجاننا ومشاعرنا وعمّى قريب سيأتي الموت ليخطفنا ونرحل عن هذا الوجود بعد أن استنفذنا طاقتنا وأخذنا نصيبنا من كل شيء, وربما يأخذنا الموت ويرحل بنا دون أن نجد من يعرب عن أسفه لفقدنا.
قبل أكثر من 20 سنة كانت عندي رغبة في الحياة لأنه كان عندي أهداف وأحلام أريد أن أحققها, ولكن الأحلام صغر حجمها والأهداف تحطمت والنفس أصبحت مكسورة والقلب لم يعد نشيطا كسابق عهده لذلك ضحكتي اليوم ليست كضحكتي قبل عشرين عام, ودمعتي اليوم ليست كدمعتي قبل عشرين عام.
تراجعت صحتي بشكل ملحوظ.
ولم يعد دمي يفور كعلبة البيبسي, أصبح دمي متجمدا مثل اللبن.
زماااااان....زمااااان...كنت اشعر بالسخونة في جسدي حتى في أشد ايام البرد ولكن منذ عام تقريبا وأنا اشعر بالبرد حتى في أيام الصيف الحارة.
كنت زمااان إذا ذهبت إلى عرس لأقربائي أو جيراني أدبك بقوة وأحيانا أقود الدبكه وأقفز في الهواء وكأني رجل بهلوان....كنت إذا سمعت بأمسية شعرية اذهب لحضورها مهما ابتعدت عني بالمسافات...الآن الأمسية الشعرية على باب بيتي ولا اذهب إليها...الآن الأعراس اذهب إليها وإذا دبكت مع الشباب يا دوب أستطيع تحريك أرجلي إلا مجاملة وأنظر في وجوه الدبيكة وأعطيهم ابتسامة عريضة ولكنها لا تنبع من القلب بل كلها عبارة عن مجاملات وتقديم واجبات اجتماعية ليس أكثر ولا أقل, وإذا حضرت أمسية شعرية أنعس والشاعر يحترق قلبه ودمه وهو يخطب بلسان أطول من مقص الإسكافي...كنت أذا سمعت بندوة سياسية كنت اطير إليها طيرانا, الآن الندوات على الفضائيات منتشرة وكل دقيقة أستطيع حضور ندوة ولكن ليس لي رغبة بمشاهدة أي شيء.
ايام زمان حين ظهرت القنوات الفضائية اشتريت الستلايت ب1500 دينار أردني لكي أشاهد افلام الأكشن, أما الآن ثمن الستلايت صار 20 دينار وليس لي رغبة بمشاهدة أي فيلم أكشن.
حياتنا جافة مثل سقف الحلق الجاف الذي يعاني من ارتفاع السكر في الدم أو الاضطرابات النفسية.
زمااان كأذا سمعت بعزاء ميت عند اقربائي اذهب إليهم واشارك في كل شيء وأتحدث مع كل الناس وأخلق الحكي والسوالف من تحت أرجلي, الآن اذهب نصف ساعة أو ربع ساعة واجلس وحدي دون أن تكون عندي رغبة في الحديث مع احد حتى وإن استفزوني بأحاديثهم.
قبل 20 سنة كانت عندي رغبة بممارسة الجنس مع كافة النساء حتى مع طوب الأرض, الآن يا دوب أن يخطر على بالي حتى في الشهر مرة أو كل شهرين مرة.
مللنا من الكذب علينا.
مللنا من كثرة ما نصبوا علينا.
دمرونا عاطفيا وجنسيا.
قبل شهر قال لي صديقي على الموبايل: يا رجل كانت ليلة الأمس عندي رغبة شديدة بممارسة الجنس مع زوجتي, قلت له: أها وماذا بعد؟, قال: اقتربت منها وفي قلبي كلام كبير ومثير عاطفيا وقبل أن تتحرك شفتاي قالت لي: الولد بده صندل والبنت بدها دفاتر واقلام واليوم أجت فاتورة الكهربه وجستناني زي ما هو إنت عارف إمطوط إمفلس, والحليب خالص وما عندناش قهوه ولازم تدبر حالك, قال عندها شعرت وكأن احدٌ من الناس سكب على رأسي دلو ثلج أو ماء مثلج ليختبر قوة تحملي, فتراجعت ولبست ملابسي, فقالت: شو مالك!!, قلتلها: خلص إنطمي وإخرسي ونامي ولا من هون لشهرين رايحه تشوفي زقمي(وجهي).








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ألا بذكر الله تطمئن القلووووووووووووووب
عبد الله اغونان ( 2015 / 12 / 30 - 22:16 )

الذين امنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب

فلبك عامر بحب الدنيا لذلك لن تذوق أية متعة ولاسعادة

فقير في الدنيا فقير في الاخرة

وذلك هو الخسران المبين


2 - عبد الله اغونان
قريشي ( 2015 / 12 / 30 - 23:21 )
...( فقير في الدنيا فقير بالاخرة ) هذا حكيك عكس الخلايجة واصحاب الكروش وسارقي الاموال وهناك ايضا في الاخرة يقال لهم اهلا وسهلا فلان انت بنيت مسجدا وحجيت كذا مرة ..( من اموال مجهولة النسب والمصدر ) فهنيئا لكم ..


3 - تطمئن القلوب؟
جهاد علاونه ( 2015 / 12 / 31 - 16:35 )
في ناس مثلك تطمئن قلوبها بنكاح الحوريات...تعبدون الله من أجل أن يفتح لك في الجنة بيت دعاره.

اخر الافلام

.. مسرحية -شو يا قشطة- تصور واقع مؤلم لظاهرة التحرش في لبنان |


.. تزوج الممثلة التونسية يسرا الجديدى.. أمير طعيمة ينشر صورًا




.. آسر ياسين يروج لشخصيته في فيلم ولاد رزق


.. -أنا كويسة وربنا معايا-.. المخرجة منال الصيفي عن وفاة أشرف م




.. حوار من المسافة صفر | المخرجة والكاتبة المسرحيّة لينا خوري |