الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لم يكن الحلم ليوسف بل للفرعون

إيرينى سمير حكيم
كاتبة وفنانة ومخرجة

(Ereiny Samir Hakim)

2015 / 12 / 31
الادب والفن


رسالة إلى نحن
لم يكن الحلم ليوسف بل للفرعون

رسالة إلى نحن
الذين نؤمن بقصة تكررت
فيما نؤمن بكتب سماوية

إلى نحن الذين
تحت غطاء أدياننا
نخرج بغطرسة على آخرين
وعلى بعضنا وبمبررات دينية!

إلى نحن الذين
كثيرا ما نريد الاحتفاظ بالحق
ونتصنع احتكار الحقيقة
حيث أننا فى عجرفة مُراَهَقة إيمانية
ننظر بنصف رؤية للحق
فنرى بعض ونترك البعض الآخر من الحقيقة

رسالة إلى نحن
من اتخذنا من الأديان ستار
لإشعال الحروب وافتعال الأزمات

إلى نحن الذين
عكفنا على ميولنا
فى فهم الروح وعشقنا للذات
فانصرفت أرواحنا إلى الغرق
فى كل ما تجنيه الروح
من حصاد مجد زائف
لتصنع تدين من إيمان ركيك
يتمتع وهماً بما فى تمجيد النفس من ملذات
فتاهت الروح وضلَّت النفس
وانتعش الجسد بكبرياء هامة
وهو فى حقيقته عن قوة الحياة انفصل ومات

رسالة إلى نحن
لم يكن الحلم ليوسف بل للفرعون
لم يكن الحلم لمن كان مؤمنا
بالصورة التى عرفناها وتقبلناها وتتبعناها

لقد كان تحذير الله لفرعون
الذى نرى فيه صورة شريدة عن الإيمان القويم
ونفس نجد أن ليس لها سوى العقاب
وأنها حتى لا تستحق مثل هذا التحذير والتقويم

لقد كان تحذير الله لفرعون
الذى ليس مثلنا فى الإيمان
لقد كان تعامل الله مع من نراه وثنيا
لا يعرف الله ولا يستحق الشفقة ولا التنبيه
ولا اى تعامل حنون من الرحمن

لقد كان الحلم لفرعون غير محملا بالتحذير
والوعيد والتهديد من العظيم القدير
بل كان منه تحذير رقيق فهو للقلوب بصير

لقد كان الحلم لفرعون ولشعب فرعون
ونحن نراهم فى رؤى حكمتنا البشرية
وأذهان أرواحنا المستذكية
بعيدين عن نعمة الله وعن تعاملاته
وابعد أميال عن استحقاق شفقته وإنذاراته
فنحن فى أعين أنفسنا بشر فى مرتبة أعلى منهم
بما نحمله من روحانيات وإيمان مبين
أما هم فمرذولين مدانين
قد نجحوا فى الدنيا وفشلوا فى الدين

كان الحلم لمن نراهم غير مستحقين
أما الحلم ففى حقيقته كان رسالة تحذير
تحمل حب خالقهم لهم لحمايتهم من هلاك
استخدم فيه من كان لنا قدوة كمؤمنين
استخدمه ليشهد بمجاهرة عن إنسانيته
وبرقة عن روحانيته

رسالة إلى نحن
لم يكن الحلم ليوسف بل للفرعون

رسالة إلى نحن
الذين ضللنا فى كبريائنا الخاص
بإيمانيات فى حقيقتها تدعو للتواضع
وتشير للتأملات
ولكن العُصبة التى على أعيننا
من التعصب وتمجيد الذات
كم تمنعنا من رؤية تفاصيل
ستغير فى الكثير من الأحيان
مجرى حياتنا إلى الصالحات
وتقود قلوبنا وأذهاننا نحو الإيمانيات
التى حقا تريدها من السماويات
لا الإيمانيات التى تحمل البشرية
بما فيها من ضعف وتأويلات
وأهواء تفسيرات

كان الحلم من الله لفرعون بالرحمة
وها نحن نرجم من غيرنا
من غيرنا على شكل غير إيماننا
من غيرنا يحيون على طرق أخرى
عن معتقداتنا وثقافاتنا وأعرافنا
ولا نستطيع أن نترجم تفاصيل
قصص نؤمن بها ونرددها
ونحن لا نفهمها ولا ندركها
ولا نتركها تسري بقوة مفعولها
فى ضمائرنا وتصرفاتنا
ولا نفحص ما تحمله من نبض حب إلهي
لكل خليقته
كل خليقته التى خلقها بالحب ولأجل الحب
فلكل منا فى الحياة باختلافاته دوره ورسالته

رسالة إلى نحن من المتعصبين
إلى نحن من توهمنا انه من المنصف
بإسم التدين
يمكن أن يُغتَصَب الحب
ويُحتَكَر الإيمان بالدين
"لم يكن الحلم ليوسف بل للفرعون"!
وكفى أيها المتغطرسون
أن تكونوا عبئا على الإيمان وعلى الدين!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أحمد حلمى من مهرجان روتردام للفيلم العربي: سعيد جدا بتكريمي


.. مقابلة فنية | الممثل والمخرج عصام بوخالد: غزة ستقلب العالم |




.. احمد حلمي على العجلة في شوارع روتردام بهولندا قبل تكريمه بمه


.. مراسل الجزيرة هاني الشاعر يرصد التطورات الميدانية في قطاع غز




.. -أنا مع تعدد الزوجات... والقصة مش قصة شرع-... هذا ما قاله ال