الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ذكاء الدولة ليس بالضرورة اجتماعيا

مصطفى المنوزي

2016 / 1 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


هل الأقدار هي التي شاءت بأن تخول حكومة ، متسمة بعلاقة متوترة مع المعايير الكونية لحقوق ، مهمة تفعيل مقتضيات مرحلة ما بعد الحراك الفبرايري ، انطلاقا من تنزيل توصيات هيأة الانصاف والمصالحة ، خاصة في الشق السياسي ، المرتبط جدليا ، بالإصلاح المؤسساتي والدستوري و السياسي والتشريعي ، وصولا إلى رد الاعتبار للمسؤولية الاجتماعية التي انتقدت هيمنة إقصائها من السلوك العمومي العام وبالأحرى لدى أرباب الرأسمال ، من قبل تقرير الخمسينية حول التنمية ،
فهل كان اختيار هذه الحكومة ، المؤلفة من خليط من الأحزاب السياسية المتباينة الخطوط السياسية ، بغض النظر عن عدم الانسجام حول حد أدني مذهبي ، من أجل امتصاص الغضب الفبرايري ، والنقمة الجماهيرية ، عن وعي واقتناع « دستوري » ، أم لأسباب لا يعلمها سوى مهندسو المرحلة ؟ وهل يعتبر ذلك من باب « الإختيار » الذكي ؟
مهما كانت التأويلات والتحليلات ، ففي نظري أن الدولة كانت ذكية ، في تدبير المؤقت ، بمقاربة أمنية محضة ، ولكن هذا الذكاء لم يكن ، بالقدر الكافي ، اجتماعيا ، فالمد المحافظ تصاعد ، وخلق تدبير الشأن العام الحكومي فرصة لخلق « تسويات » هنا وهناك ، طالت بالأساس المكتسبات الحقوقية والسياسية ، وهددت التعاقدات الدولتية / المجتمعية بالفسخ ، اعتبار من محاولات شرعنة الإفلات من العقاب إلى هد مقومات ضمانات عدم التكرار ، حيث تم تمييع مغزى استقلال السلط عن بعضها البعض و معنى تحرير العدالة من قبضة السلطة التنفيذية ، وعلى الخصوص من « إرشاد وتوجيه » رأسها الحكومي ، والنتيجة أن حلم « العدالة وطن الإنسان » صار في خبر كان ، فكيف نطمئن ونضمن الأمن الاجتماعي والإنساني بجميع تفاصيله ، في غياب أمن قضائي و حكامة أمنية ؟ فرغم أن منظومتنا التشريعية وضعية بامتياز ، ما عدا ما جاء في باب الأحوال الشخصية والميراث ، ورغم المصادقة على عدد كبير على الاتفاقيات الدولية ذات الصلة بالحقوق والحريات ، فإن مطلب « سمو القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان » ، سيظل رهينة بين يدي التأويل الأخلاقي المعمد بدماء المقدس ، بنفحة دينية ، درج على تسميتها بالتوابث والخصوصية ، هذه التمثلات هي التي دفعت « دهاء » المشرع الحكومي إلى إدراج كل مشاريع القوانين التنظيمية المتعلقة بالباب الثاني من الدستور ، كصك للحقوق والحريات ، في آخر ترتيب المخطط التشريعي ، وهاهي الولاية التشريعية على وشك الانقضاء دون أن يستفيد المواطنون من مزايا الدستور الجديد ومن مقتضيات المفهوم الجديد للعدل والأمن والمسؤولية الإجتماعية ، في أفق التخلص من فلول الأمة القبيلة ،
إن الدولة ليست ذكية بهذا المعنى ،لأنها حاولت استبلاد الزمن الاجتماعي الذي لا يؤمن سوى بتقدير انتظارات المجتمع وعدم تضخيمها أو تهريبها ضمن نزوات الزمن السياسي / النتحابي الضيق، أو على الأقل مطالب النخبة الوطنية الواعية ، وعلى رأسها فك الإرتباط مع الخارج الدائن لنا بتعاقداته الإذعانية والحال أن الذكاء الاجتماعي يفرض علينا جميعا الحرص على استيفاء الديون التاريخية باستكمال تحرير الثغور والعقول الوطنية ، و جبر الأضرار برد الاعتبار والاعتذار ، وهي رسالة لا يمكن أن يفعلها سوى المؤمنون بمستقبل الوطن ومواطنيه بدل ماضي الأمة وأمجاده ، مما يستدعي توظيف الذكاء اجتماعيا بإخضاع السياسة للفكر وكل ما هو سياسي لمعرفة الإجتماع القانوني ، مادام مصير الدولة رهين بتحديثها وتجديد مهندسيها و أطرها وفق ما تقتضيه التحولات المتسارعة والتي يتحكم في مساراتها المال والإقتصاد قبل التدين والاعتقاد ،








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فرنسا تمنع غسان أبو ستة من دخول أراضيها


.. محكمة القاهرة تقضي بالسجن 3 سنوات للمتسببين بقتل نيرة صلاح -




.. أكسيوس: الجمهوريون يستعدون لفرض إجراءات عقابية ضد الطلاب الم


.. مسؤولون أميركيون للعربية: خيارات عديدة على الطاولة لمراقبة ا




.. إنقاذ جوي لأم ورضيعها حاصرتهما الفيضانات