الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وهم الأصول

محمد يوب

2016 / 1 / 2
الادب والفن


وهم الأصول
-----------
هناك قناعة راسخة في أذهان كثير من النقاد العرب أن السرد القصصي له أصول ثابتة في التراث العربي؛ وهو موجود في حكايات ألف ليلة و ليلة ؛ ومقامات بديع الزمان الهمداني؛ وفي السرد التاريخي؛ وفي الحكاية الشعبية الشفوية؛ والمكتوبة.....وبهكذا تصور يرتمون بشكل أورتودكسي في أحضان التراث؛ ويعيشون وهم الأصول؛ ومن بين هؤلاء النقاد نجد الدكتور عبد الله إبراهيم الذي مازال يبحث عن القصة في التراث العربي القديم عند الجاحظ وغيره.
حقيقة إن السردية العربية لم تعرف مصطلح (السرد القصصي) بالمعنى الحديث وإنما عرفت مصطلحا آخرهو (قَص) بفتح القاف، وهي مشتقة من قَص يقُص قصا وقصصا؛ بمعنى أورد، ولها كذلك معنى؛ (الخبر) أي أورد الخبر؛ إن القصة انطلاقا من هذا المنظور وردت في التراث العربي بمعنى؛ ذكر الخبر وتتبعه؛ حيث القاص هو الذي يأتي بالخبر وينقله بواسطة سردياته.
وأغلب الدراسات التي كتبت حول السرد القصصي؛ ظلت لوقت طويل وثيقة الصلة بصراع التأويلات الأيديولجية على عمق لاهوتي فيه كثير من التأثر بالدراسات الفقهية؛ القائمة على أسس ومبادئ الرواية و السند و اللوازم الضرورية لفعل الحكي القديم.
والقصة هنا تختلف عن القصة الفنية التي تتغير طرق كتابتها حسب تغير البنية السوسيوثقافية لكل مجتمع وحسب ما تفرضه تحولات المزاج الفكري العام و ثقافة الكاتب. وقد اطلع عليها العرب عندما انفتحوا على السرديات الغربية؛ فتحورت اللفظة إلى القصة بكسر القاف و أصبحت تعني الكتابة القصصية. وكانت حاجة الأدباء العرب إلى مثل هذا النوع من الكتابة ملحة وخاصة بعد التحولات التي رافقت الوعي العربي منذ هزيمة 1967 وما لحق بالعالم العربي من انكسارات وخيبات؛ فضلا عن تأثير تيار الوعي وتقنيات السرد الحديثة التي عززت الانقلاب إلى الداخل وجعلت القاص (يغني غناء مباشرا مسموعا لأنه يصف حالة عقله؛ وعواطفه وانفعالاته إزاء العالم و الأشياء)
وإذا تتبعنا (القصة ) عبر العالم نجدها تتجدد بحسب ما تفرضه مستجدات العصر وما توحي به اجتهادات كتابها الذين ثاروا على أسلافهم الذين بقوا مخلصين لسيستيم الكتابة الواحدة؛ حيث إن هناك من الكتاب الذين بقوا مخلصين للقولة المشهورة (الكاتب لا يكتب إلا رواية واحدة) أي أن صيرورة زمن الكتابة ظلت عاجزة عن مسايرة أشكال الكتابة القصصية المتجددة؛ كما أن القصة إبداع ينبغي أن يفجر الطوطيم ويكسر النموذج الذي يحنط العمل القصصي ويقتله وكأن الكتابة القصصية ممارسة دينية كهنوتية لا تستقيم إلا إذا كانت مخلصة لعباءة الجاحظ وقداسة التراث.
محمد يوب








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كيف نجح الأمير الشاعر بدر بن عبدالمحسن طوال نصف قرن في تخليد


.. عمرو يوسف: أحمد فهمي قدم شخصيته بشكل مميز واتمني يشارك في ا




.. رحيل -مهندس الكلمة-.. الشاعر السعودي الأمير بدر بن عبد المحس


.. وفاة الأمير والشاعر بدر بن عبد المحسن عن عمر ناهز الـ 75 عام




.. الفلسطينيين بيستعملوا المياه خمس مرات ! فيلم حقيقي -إعادة تد