الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


( دا ) للكاتبة الكردية زهراء حسيني

مؤيد عبد الستار

2016 / 1 / 2
الادب والفن


صدر في ايران كتاب الكاتبة الكردية زهراء حسيني بعنوان ( دا ) اماه ، والكلمة هي نداء الابناء لامهم ، تقابل ماما في العربية ، وهي مختصر دالكة او دايكه ، استخدمته الكاتبة عنوانا لكتابها الذي ذاعت شهرته بايران وطبع اكثر من 150 طبعة وبالاف النسخ .
اقدم لمحة من الفصل الاول والثاني للكتاب بترجمة موجزة ، لما للكتاب من اهمية كون السيدة زهراء حسيني كانت من اسرة كردية تسكن البصرة وانتقلت بسبب الظروف السياسية الى ايران .
تروي زهراء حسيني خواطرها باللغة الفارسية ، واختارت الكلمة الكردية دا عنوانا لكتابها الذي حررته الكاتبة السيدة اعظم حسيني .
ترجمة موجزة عن الفارسية للفصلين الاول والثاني
بسبب نشاطه السياسي نادرا ما كان ابي يعود الى البيت ، زياراته متباعدة ، ولكن هذه المرة طالت غيبتة .
كنا نعيش في مدينة البصرة ، نسكن حي الرباط على ضفاف دجلة ، محلة محاطة بالبساتين والنخيل .
كان الجيران يسألون امي عن والدي فتجيبهم انه يعمل في القرنة ، وبسبب بعد المدينة فانه نادرا ما يزورنا .
محلتنا فقيرة ، لا كهرباء فيها ، نستخدم (لالة) فانوس نفطي للاضاءة ، بينما كان بيت عمي في محلة العشار يضاء بالمصابيح . حين نذهب اليهم نرى اسواق العشار والدكاكين مضاءة وكأن الليل نهارا .
في مدينة البصرة كنت اتكلم العربية بطلاقة ، كذلك كانت امي تجيد العربية ، حين تتكلم بها لا احد يعرف انها كردية ، حتى ملابسها كانت مثل الملابس العربية ، ترتدي عصابة على الرأس وعباءة سوداء ، ولكننا نناديها بالكلمة الكردية - دا - وهي تقابل ماما العربية .
كان اغلب سكان محلتنا يعملون مثل والدي في صناعة و بيع اكياس الطحين ( الكواني ) او عمالا في الميناء .
في البيت كانت والدتي تعد الطعام على البريمس - طباخ نفطي - كان طعاما لايختلف عن الطعام المألوف في المنطقة ، يتكون عادة من السمك الصبور ومرق البامية ، احيانا كانت تردنا بعض المواد الغذائية هدية من الاقارب في ايران ، مثل الترخينة والسمن الحيواني - دهن حر - فيكون طعامنا له نكهة عيلامية.
والدي من مواليد عام 1947 م ، يصغر امي بثلاث سنوات ، كان يلعب رياضة الزورخانة بعد الصلاة ، يلعب بالميل - اداة من خشب على شكل مخروطي - ويردد الاشعار الحماسية ، وحينما كان يرد اسم الامام علي في الشعر يردد الصلوات بصوت مرتفع .
بعد الصلاة كان يفتح الراديو ، الراديو يفتح فقط حين يكون هو في المنزل ، عدا ذلك لا احد يقترب منه ، كانت له زاوية خاصة . فيما بعد اشترى والدي راديو اكبر ، كان يأخذ وقتا اطول حتى يبدأ البث ، كان يقول : يجب ان تحمي لمباته .
طال غياب ابي عن البيت ، وخضع بيتنا لمراقبة الامن السري ، ثم جاءوا يسألون عن ابي ، فالقوا القبض على عمي الذي كان يسكن جوارنا ، طلبوا منه معلومات عن مكان ابي ، فاخبرهم انه لا يعرف اي شيء عنه ، اطلقوا سراحه بعد ايام قليلة ، قال ان جميع الاحداث هي بسبب صدام ، وان احمد حسن البكر لا يحكم ، ليس بيده شيء، صدام شمر ابن شمر .
كانت في بيتنا صورة للسيد محسن الحكيم مرسومة في صحن معلق على الجدار ، اشار اليه بيده وقال ان صدام لم يرحم هذا السيد فكيف بنا نحن .
بعد ذلك علمنا ان ابي اعتقل في خانقين وهو مسجون هناك بتهمة التجسس لصالح ايران .
كنت دائمة السؤال لامي :
دا .. متى نرى بابا ؟
ترد علي : انشوفه انشاء الله .
اخيرا في يوم ربيعي من عام 1968 م اخذتني امي مع اخي علي لرؤية ابي .
كان من عادة الناس السير على اقدامهم ، ولكن لان المسافة بعيدة ركبنا السيارة . اول مرة اركب فيها السيارة ، سيارة قديمة طويلة لونها مثل الماء ، على غير عادتها كانت امي مضطربة ، سألتها :
نشوف بابا !!
هزت رأسها بالايجاب ولم تقل شيئا .
بعد ساعات وصلنا خانقين ، توقفت السيارة امام بناية يحرس بابها حارسان مسلحان ، دخلنا الى البناية ، رأيت فيها غرفا تشبه الاقفاص .
التقينا ابي بواحد من تلك الاقفاص ، كانت هيئته قد تغيرت ، افزعني وضعه وحالته ، لم اكن قد تجاوزت الخامسة من عمري يومذاك.
لما رأت امي حالته المزرية اجهشت بالبكاء ، ثم رفعتنا الى اعلى الحاجز الذي بينينا وبين ابي كي يرانا.
قبلنا ابي .
لما رأى ابي عدم ارتياحنا للموقف ، قال لامي لماذا جئت بالاطفال ؟
لم يكن يرغب ان نراه على هذه الحال.
بعد هنيهة قال لامي ، حاولي عدم البقاء هنا ، اذهبي بالاطفال الى بلدنا.
لم ينقطع بكائي حين عزمنا على فراق ابي ، فهدأني ومسح بيده فوق رأسي وقال بالكردية :
نه كَريو دالكَه كم ، لاتبكي يا امي .
بعد تلك الزيارة ظللت مشغولة البال ، اتساءل : لماذا ابي هنا ؟ لماذا هو في السجن ؟ فهو ليس من الذين يرتكبون افعالا سيئة .
واخيرا توصلت الى نتيجة مفادها ان ابي برئ ، ولانه محب للامام علي زجوه في السجن .
فيما بعد ذهبت امي الى القنصل الايراني في البصرة ، حسب وصية والدي ، وطلبت الموافقة على انتقالنا الى ايران ، كوننا في العراق من التبعية الايرانية ، ولذلك كان سفرنا الى ايران سهلا دون عوائق .
غادرنا البصرة الى ايران ، وظلت ذكريات البصرة وبيتنا الجميل والجيران لا تفارق خيالي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شخصية أسماء جلال بين الحقيقة والتمثيل


.. أون سيت - اعرف فيلم الأسبوع من إنجي يحيى على منصة واتش آت




.. أسماء جلال تبهرنا بـ أهم قانون لـ المخرج شريف عرفة داخل اللو


.. شاهدوا الإطلالة الأولى للمطرب پيو على المسرح ??




.. أون سيت - فيلم -إكس مراتي- تم الانتهاء من تصوير آخر مشاهده