الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


- خطايا حميد عثمان - الخطيئة الثانية /2

خسرو حميد عثمان
كاتب

(Khasrow Hamid Othman)

2016 / 1 / 3
مواضيع وابحاث سياسية


- خطايا حميد عثمان - الخطيئة الثانية /2

لكي يتكون لدينا صورة أوضح عن الأحداث التي رافقت عملية إنشقاق "جماعة راية الشغيلة" وأسبابه والفاعلين الرئيسين، سأعرض تباعاً أربعة روايات حول الموضوع لمن كان لهم الأدوار المؤثرة في تلك المرحلة؛ إثنان من الحزب الشيوعي العراقي وهما : بهاء الدين نوري و كريم أحمد وإثنان من أقطاب راية الشغيلة وهما جمال الحيدري وعزيز محمد:
لنرى كيف يروي بهاءالدين نوري ما حدث في ص177-180 من كتابه" مذكرات بهاءالدين نوري":
((على أثر فشل الانتفاضة وبعد تبيان وجهات نظري حول الأحداث بدت أولى بوادر الخلافات الفكرية بيني وبين البعض من السجناء الشيوعيين في سجن بغداد وتجلى ذلك في رسائل متبادلة. ولم يكن لهذه الخلافات صدى يذكر في سجن نقرة سلمان والكوت. وفي سجن بغداد نفسه كانت الأغلبية الساحقة معنا. بعيداً عن أي خلاف فكري. وكان السجين الشيوعي عزيز محمد على رأس العناصر المخالفة في السجن. وأظن أن السجين الشيوعي اليهودي إبراهيم شاؤول كان المهندس الفكري والموجه النظري- على حد تعبير سليم الجلبي وصادق الفلاحي اللذين كانا أنئذ في السجن -للخلافات الفكرية. وكان جمال الحيدري منجرفاً وراء المخالفين، رغم أن منطلقاته الفكرية كانت مغايرة لمنطلقات عزيز و شاؤول.
الشئ الأكيد، الذي كان مثار الخلاف، إنما هو شعار إسقاط الملكية وإقامة النظام الجمهوري الشعبي، الذي تضمنه برنامجنا المعدل والذي كان قد وجد التعبير عن نفسه في مظاهرات تشرين 1952. والمسألة الثانية، التي اعترض عليها هؤلاء، كانت سياستنا في ميدان التحالفات. كانوا يعتبرون سياستنا يسارية متطرفة إزاء الأحزاب البرجوازية الوطنية. وقد كتب إلينا مخلص ( وهو الاسم المستعار لعزيز محمد في ذلك الحين) رسالة مطولة تضمنت كامل اعتراضاتهم وخلافاتهم. وأجبت عليها برسالة (عممت داخلياً في وقت لاحق) رافضاً منطلقاته ومعتبراً إياها انتهازية يمينية، خصوصاً بالنسبة للموقف من شعار الجمهورية الشعبية ومن قضية التحالف مع الأحزاب البرجوازية الوطنية. واعتقد الأن أنني كنت على حق بالنسبة للموقف من الملكية، وهو كان مخطئاً، في حين كانت الحقيقة ضائعة بين يساريتي وبين يمينيته هو بالنسبة لموقفنا من التحالفات. وعلى أي حال فإني عاجز الأن عن إعطاء تقييم دقيق لرسالته ولرسالتي الجوابية، خاصة وأنا لم أطلع على أي من الرسالتين منذ أن اعتقلت في 1953.
شهدت سجون العراق الشيوعية قبلئذ انشقاقات وانقلابات تنظيمية داخلية بين السجناء أنفسهم . ولم نصبح نحن خارج السجون طرفاً في أي منها. ولم أتصور أن الخلافات بيننا وبين هؤلاء يمكن أن تصل حد الإنشقاق، خاصة وانهم كانوا أقلية ضئيلة حتى في سجن بغداد. وقد دخلت وإياهم في مراسلات ومناقشات طويلة - حسب مستواي ومستواهم في ذلك الوقت. وأعتقد أنني أظهرت قدراً من المرونة العملية تجاههم بدليل أنني أرسلت لهم رسالة أسندت فيها مسؤولية التنظيم الحزبي في سجن بغداد الى عزيز محمد، رغم أن الخلافات الفكرية بيننا كانت محتدمة ورغم وجود سليم الجلبي وصادق الفلاحي في السجن - وكانا عضوين في لجنة الحزب المركزية التي كنت شكلتها. غير أن عزيز رفض قبول هذه المسؤولية وفضل البقاء في صف المعارضين السجناء.
لا أستطيع الدفاع عن مواقف الجلبي والفلاحي كما لا أملك ما أدينهما به في تعقيد الأمور ودفعها نحو الانشقاق. لكن حادثا واحدا على الأقل ألقى ظلال الشك على أن الفريق المعارض من السجناء كان يخطط للانشقاق مسبقاً. ذلك أن مسؤول منظمة النجف الحزبية عبد الأمير الخياط، الذي سجن في تلك الأيام لفترة معينة وخرج من السجن قبل الإنشقاق، كان قد هيأ كل شئ في مدينته لاستقبال ودعم الإنشقاق. وأظن أنه إتفق معهم على ذلك قبل خروجه من السجن. وربما كان موقفه الموالي لهم أحد عوامل التشجيع على الانشقاق.
وفي أذار 1953 تطورت الخلافات الى حدوث انشقاق تنظيمي. وقف عدد قليل مع الفريق المنشق فيما وقفت الغالبية الساحقة مع الجلبي والفلاحي. وعلىّ الإعتراف بأن الإنشقاق كان مفاجأة نوعا ما بالنسبة إلي شخصياً. وقد اتخذت موقفاً متسرعاً وخاطئاً. كان عليّ التروي وبذل الجهود لرأب الصدع وتأجيل التحيّز إلى أي طرف- وكان ذلك ممكناً بالطبع في تلك الظروف . لكنني لجأت إلى سكين العملية والبتر، أي الى الطرد الفوري للفريق المنشق من صفوف الحزب.
وبالنظر الى مستوى الوعي والتجربة المنخفض عندنا، نحن والمنشقين، كان من الطبيعي ان يجري الصراع بأساليب خاطئة، على الأقل من بعض الأوجه. وكانت المشكلة الرئيسية، إن لم أقل الوحيدة، هي إنظمام منظمة النجف إلى الإنشقاق. ووقف إثنان من شيوعيي النجف ضد المنشقين هما محمد أبو كاله و غازي شريف. وباستثناء النجف لم تنظم أية منظمة أخرى خارج سجن بغداد. ورتبنا في نيسان 1953 محاولة لإسترجاع منظمة النجف، فأصدرنا نداء إلى شيوعي النجف- مدينة حسين الشبيبي -مهيبين بهم للعودة إلى صفوف الحزب. حمل عضو اللجنة المركزية للحزب ناصر عبود نسخ هذا النداء وتوجه الى النجف بمعنوية عالية كي يقيم في بيت أبو كآلة ويخوض الصراع ضد المنشقين. وبعد سفره بيومين جرى اعتقالي في بغداد ولم أعرف نجاح ناصر في مهمته تلك.
كنت معتقلاً حين تمكن جمال الحيدري، الذي كان ضمن الفريق المنشق، من الهروب أثناء نقله من السجن إلى أحد المستشفيات. ويبدوا أنه توجه إلى النجف، بعد هروبه، مستفيداً من وجود منظمتها إلى جانبهم. وأصبح المسؤول الأول لتنظيم الجماعة الإنشقاقية خارج السجون. وأظن أن الحيدري لم ينجرف وراء الفريق المنشق بدافع الإنسجام الفكري مع عزيز محمد وإبراهيم شاؤول. بل يمكن القول أنه كان على طرفي نقيض معهما. ربما انجرف بدافع قلة التجربة أولاً أو لأي سبب شخصي. واتضحت هذه الحقيقة بعد أن أصبح متحرراً من رقابة عزيز الفكرية عليه فأصدر النشرة الناطقة بلسان منظمته (راية الشغيلة) كاشفا فيها عن نزعة التطرّف اليساري. وفي وقت لاحق أتهم خصومه الشيوعيين -ح ش ع- بالانحراف اليميني وخيانة قضية الشيوعية بسبب عقدهم جبهة انتخابية مع الأحزاب البرجوازية المعارضة وموافقتهم على التعاون مع حزب الاستقلال ( عام 1954). منذ أن اعتقلت في نيسان 1953 غدوت بعيداً عن الصراع المباشر مع المنشقين. وفي سجن نقرة سلمان، في وقت لاحق، قرأت بعض منشوراتهم ومنشورات الحزب ضدهم ووجدت أن كريم أحمد نعتهم ب" راية البلاط" إشارة إلى وقوفهم ضد شعار إسقاط الملكية.))
نستشف من رواية بهاءالدين نوري ما يلي:
1- لم يكن ل(حميد عثمان) أي دور مباشر أو غير مباشر في موضوع الإنشقاق أو اللجوء الى العبارات السمجة.
2-كان ل(عزيز محمد) الدور التحريضي والمتعنت في الموضوع.
3- يرى بهاءالدين نوري بأن عملية الإنشقاق كانت مبيتة عندما يكتب:
لكن حادثا واحدا على الأقل ألقى ظلال الشك على أن الفريق المعارض من السجناء كان يخطط للانشقاق مسبقاً. ذلك أن مسؤول منظمة النجف الحزبية عبد الأمير الخياط، الذي سجن في تلك الأيام لفترة معينة وخرج من السجن قبل الإنشقاق، كان قد هيأ كل شئ في مدينته لاستقبال ودعم الإنشقاق. وأظن أنه إتفق معهم على ذلك قبل خروجه من السجن. وربما كان موقفه الموالي لهم أحد عوامل التشجيع على الإنشقاق.
4- عملية البتر والطرد جاءت بعد الإنشقاق.
5-كانت تسمية "راية البلاط" من إبتكار كريم أحمد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الشاعر هزار و والدك حميد عثمان ؟؟
دلير زنگنة ( 2016 / 1 / 4 - 00:37 )
تحياتي استاذ خسرو...

سوال جانبي لا علاقة مباشرة لە-;- مع موضوع مقالك... ارجوا ان تجيب عليە-;-.. ما طبيعة علاقة الشاعر الكردي هزار (هە-;-ژار) مع والدك ؟؟ ..شكرا لك.


2 - سؤال السيد رزگار2
خسرو حميد عثمان ( 2016 / 1 / 4 - 11:08 )
ومن الطبيعي أن يثير مثل هذا الموضوع وغيره قريحة من كانوا في خدمة شاه إيران وكان هه ژار واحداً منهم، في نظرى، حسب قراءتي لحياته بعد عودته الى إيران بعد إنجاز مهمته في العراق عام 1975وينعكس ذلك في كيفية ذكره لحميد عثمان في أحد كتبه ولم يثر ذلك لديّ أية حساسية وخلاصة القول علاقة عدو للشيوعية بشيوعي، وكانت الإشكالية الكبيرة في حياة حميد عثمان، وحتى بعد رحيله، حيث كان الشيوعيون يعتبرونه مرتداً عن الشيوعية وأعداء الشيوعية يعتبرونه شيوعياً خطراً . إنني أزعم بأنني فهمت هدفك من هذا السؤال وبالمقابل أشكرك لإعطائكم الفرصة لي أن ألمح الى بعض الصفحات المطوية المتعلقة بالكورد وإنني أرى ضرورة دراسة معمقة لأدوار ثلاثة أكراد من إيران كانوا فعالين في العراق وفي وقت متزامن وهم: عيسى بشماني( كان الملحق العسكري في السفارة الإيرانية)، عبدالرحمن زبيحي المعروف ب (عولما وفعالاً جداً ضمن جناح إبراهيم أحمد) و هه ژار الذى رافق ملا مصطفى البارزاني حتى عند مقابلته شاه ايران محمد رضا بعد إتفاقية الجزائر وأعتقد كان بمثابة رسالة ضمنية إلى الشاه بعد تقبيل يده: لقد أديت دوري بكل أمانة يا صاحب الجلالة.


3 - سؤال السيد دلير1
خسرو حميد عثمان ( 2016 / 1 / 4 - 12:34 )
لم أرى والدي مع هه ژار غير مرّة واحدة في بغداد بالقرب من القسم الداخلي الذي كنت أسكن فيه، ملمحاً بالحذر في كلامي، بالقرب من محل إبن هه ژار للتصوير في تل محمد عندما كان عبدالرحمن البزاز رئيساً للوزراء وكان حميد عثمان في بغداد بتكليف من ملا مصطفى البارزاني لثني البزاز من الإستمرار في تنفيذ إتفاقيته السرية مع شاه إيران ونجح حميد عثمان في المهمة التي كلّفه بها ملا مصطفى، الدكتور فؤاد معصوم يعرف شخصياً كيف أقنع حميد البزاز بالتراجع عن الإتفاقية وأصدر بياناً بتأريخ 29 حزيران حول الإعتراف بالكورد بدلاً من تنفيذ إتفاقية كانت تشبه بنودها اتفاقية الجزائر (التكملة في التعليق الذي سبق حدث هذا التقديم والتأخير كما حدث تغيير في إسم صاحب السؤال سهواً فهو السيد دلير زنگنه)

اخر الافلام

.. -غادرنا القطاع بالدموع-.. طبيب أمريكي يروي لشبكتنا تجربته في


.. مكتب نتنياهو: الحرب لن تنتهي إلا بعد القضاء على قدرات حماس ع




.. وزير الخارجية السعودي يتلقى اتصالًا هاتفيًا من نظيره الأميرك


.. حرب غزة: بنود الخطة الإسرائيلية




.. الجيش الأميركي: الحوثيون أطلقوا صاروخين ومسيّرات من اليمن |