الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التحكيم .. حاجة تنموية وثقافة ضرورية

كريم الشامي

2016 / 1 / 4
الصحافة والاعلام


وجِدَ مفهوم التحكيم مع وجود الإنسان نفسه، وخلاف الأخوين هابيل وقابيل أفضل مثال على ذلك، فهوَ مفهوم تداوله الناس في كل مكان وزمان، حتى في تلك العصور الحضارية التي مازلنا إلى لحظتنا هذه؛ ننظر بعين الأعجاب والتقدير والدهشة لما قدمته تلك الحضارات العظيمة من انجازات كبرى في جميع مجالات الحياة، ومنها تلك التي لم نتوصل، نحن ابناء اليوم، مع كل ما لدينا من وسائل متطورة ودقيقة، إلى فكّ شفراتها ورموزها وطرق ووسائل استعمالتها عند اسلافنا من البشر، وخاصّة في الحضارتين العريقتين الكُبريين في العالم، حضارة وادي الرافدين وحضارة وادي النيل، هاتان الحضارتان وغيرهما ومع انهما كانتا في غاية التقدّم في كل مجال، فقد كان التحكيم، مستخدم فيهما، لحلّ المنازعات بكل انواعها واشكالها الأجتماعية والأقتصادية، ليس كبديل للقضاء، بل كوسيلة ناجعة واقلّ تكلفة مادية ومعنوية مجاورة للقضاء، مع أن التحكيم، بهذا المعنى، هو اقدم من القضاء.

ولاحقاً، ولما اضمحل العالم، ودخل في حقبٍ من الظلام والتخلّف وبادَ سلطان الدولة، كان التحكيم ملجأً للمتخاصمين والمتنازعين في كل مناحي الحياة، ولا سيما تلك التي تتعلق بالمخاصمات الاجتماعية المختلفة، أو المنازعات الاقتصادية والمالية، فكان وحسب المدونات التاريخية، سواء منها المدونة، أو تلك التي مازلت تجري على السنة الناس، قد حقق نجاحات توصف بالدائمة، وجنّب المتخاصمين والمتنازعين مخاطر الصدام واحلال الظلم محل العدل.

وفي يومنا هذا، أخذ التحكيم محلّهُ المقونن، فاصبحت له قوانين تؤطّر عمله وتسهل مهامه في المجالات كافة، واهتمت بلدان مختلفه في اجاد السبل والوسائل الناجعة لتطوير عمله وتوسيع مجالاته، وقُدّمت دراسات اكاديمية رصينة رصدت جوانبه كافة وناقشة معوقات عمله والوسائل الكفيلة بالنهوض بالافراد الذين يتولون التحكيم وتطوير كفائاتهم ومهاراتهم وتوسيع اطلاعاتهم وتعميق ثقافتهم وتقديم كافة التسهيلات لهم لانجاز مهامهم على اكمل وجه من العدالة في الخصومات والمنازعات التي يتصدون لها.

وللتحكيم، كما لكلّ جانبٍ من جوانب العلوم الإنسانية الاخرى، هدف أو مجموعة اهداف، يسعى بالعمل الجاد والدئوب لتحقيقها، سيما وان اهداف التحكيم هيَ اهداف مستدامة استدامة الحياة والتعامل الدائم بين الافراد او الجهات المختلفة، ولأن للتحكيم قانون، كما اسلفنا اعلاه، فقد حددت المادة (5) تلك الاهداف بوضوح.

وقد شهدت السنوات المنصرمة، وقدر تعلّق الأمر بعالمنا العربي، تأسيس مركز التحكيم الدولي في القاهرة، والاتحاد العربي للتحكيم الدولي في جمهورية مصر العربية، وقد قدما في الواقع خدمات كبيرة وجليلة، ليس فقط في التصدي للمهات التي وجدا من اجلها، بل ساهما اسهاماً فعالاً وهاماً في نشر ثقافة التحكيم واشاعة الثقة لدى الجمهور باللجوء اليهما، وكان لهما دوراً ريادياً في ترسيخ هذا المفهور وجعلهُ في متناول المعنيين في ارجاء العالم العربي، كما كان لهما الفضل الاول في نشأت مراكز التحكيم في عدد من الدول العربية، ومن بينها العراق، على يد احد الكوادر العراقية التي تم تأهيلها لهذه المهام هناك، السيد المستشار، الزميل كزار طعمه الربيعي رئيس مركز التحكيم الدولي في العراق، هذا المركز الذي يتنامى ويتطور بسرعة ملفته، مما جعلهُ محط لانظار المعنيين والجمهور بشكل عام، ويستعد للأضطلاع بمهامه على اكمل وجه، لضمهِ مجموعة من الكوادر المؤهلة والمدرّبة تأهيلاً عالياً يمكنهم من الاضطلاع بمهامهم بنجاح، وكان للمرأة في هذا المركز مكانة مهمة برزت فيها المستشارة، الزميلة نغم التميمي كرائدة في هذا المجال.

وبعدُ فإن للتحكيم بشكل عام، ولمركز التحكيم الدولي في العراق، دور مهم في تنمية المجالات الاقتصادية، وبخاصة مجلات التجارة والاستثمار، بسببٍ من تشجيعة الأفراد والجهات على الاتجار والاستثمار في العراق لما يوفرهُ من طمانة لهذه الأطراف بضمانة الحقوق وصيانتها لوجود هذا المركز بصفته المهنية المحايدة وحرصة على عدالة الاحكام، وسرعة وسهولة انجازها، وتلك واحدة من اهم ميّزاته ذات الفائدة الهامة لأهمية عامل الوقت بالنسبة للاطراف كافة، ولتميّزه بشكل واضح في تخصص المُحكم بنوع المُشكل المتنازع فيه، ومن جانب آخر استقلال المُحكم التام وإنعدام أيّة مصلحة أو علاقة شخصية له بهذا الطرف او ذاك، مما يجعل الحكم عادلاً وخالصاً من أية شائبة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بسبب نقص الغاز، مصر تمدد فترات قطع التيار الكهربائي


.. الدكتور غسان أبو ستة: -منعي من الدخول إلى شنغن هو لمنع شهادت




.. الشرطة الأمريكية تفض اعتصام جامعة فرجينيا بالقوة وتعتقل عددا


.. توثيق جانب من الدمار الذي خلفه قصف الاحتلال في غزة




.. نازح يقيم منطقة ترفيهية للتخفيف من آثار الحرب على أطفال غزة