الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وصل السيلُ الزُّبى!

طيب تيزيني

2016 / 1 / 5
مواضيع وابحاث سياسية



دخل العالم ومعه سوريا عاماً جديداً، وهي موشحة بالقهر والتدمير، يداً بيد مع استباحة غير مسبوقة، وبلغة قد يتعيّن علينا إعادة بنائها، كي تصبح قادرة على التعبير عمّا يسفك دماءها، نكتشف عمق الحدث، كما نكتشف ما أصبح الآن مؤامرة وليس سابقاً، أي في بدايات الحدث السوري عام 2011.

نعم تكاد سوريا الآن تكون قد أصبحت في أيدي غريبة! فما بالك بإيران التي تطالب بسوريا كوطن ذي «عِرق قومي فارسي»! وما بالك بروسيا التي تستبيح سوريا بطائراتها الماحقة، بحجة زائفة تقوم على القول بأنها تدمر «داعش»! وأخيراً وليس آخراً، كيف يمكن منح المصداقية لحسن نصر الله في قوله بأن الطريق إلى القدس يمر عبر الزبداني! وفي نهاية ذلك، كيف يجرؤ كائن مَنْ كان على الصمت على تحالف روسيا إياها مع إسرائيل؟ وكيف يحافظ «حزب الله» على المقاومة ضد إسرائيل عبر ممارسة اللعب مع إيران وروسيا الآخذتين في تفكيك سوريا وقتل شعبها بأسلحة محرمة دولياً؟!


إن الكارثة السورية قد وقعت، ورغم ذلك، ما نزال نسمع خطاباً يرى فيما يحدث طريقاً إلى النصر، وهو ما يقود إلى تعميق المذبحة وهجر الوطن وتقسيم البلد، لقد ظهر الثلج وبان المرج.

ثمة خطوات أولى حاسمة، كما الحياة في مواجهة الموت: ها هنا تبرز الضرورة القصوى لطرح ما نأمل أن يكون صائباً، وكنا قد أتينا على بعض ذلك في مقالات سابقة، ونرى أن الخطوة الأولى تتمثل في إيقاف نزيف الدم، بإيقاف السلاح من جميع الأطراف، وذلك بقدر أو بآخر من استخدام الحكمة السياسية المحتملة، وليكن القرار باتخاذ تلك الخطوة من الداخل، بقدراته وممكناته.

أما الموقف من الخارج المتحفز لابتلاع سوريا، فليكن الخلاص منه حكيماً وقابلاً للتحقق في ضوء «ثلاثية الحكمة والكرامة» التي هي تتلخص بالحفاظ على سوريا الوطن بأسرع وقت أولاً، وبأفضل نوعية ثانياً، وبأقل التكاليف المادية والبشرية والمجتمعية والنفسية ثالثاً.

نحن هنا لا نتكلم ولا ننظر في خواء نظري، أو كمن يخاطب المستحيل، بل نتحدث عن خطوات نرى أنها الممكن حقاً في بلد أصبح مكلوماً، وهذا الأمر سيتضح أكثر، حين نرى أن الخطوتين الأخريين التاليتين ستكونان ضامناً وحامياً لما سبقهما.

أما الأولى، فتتحدد بإطلاق سراح كل المعتقلين السياسيين السوريين، ما يخلق انفراجاً هائلاً في الوطن السوري كله، ويحقق ظروفاً ملائمة للدخول في الخطوة الثانية. وهذه الأخيرة تتحدد بتشكيل هيئات واسعة وبمساعدة من الإخوة العرب خصوصاً، باتجاه إنجاز عمل جبار يعيد إلى سوريا ألقها وطاقاتها الممثلة بالأعداد الكبرى من المهاجرين والمهجرين، للدخول في مشروع إعادة إعمار البلاد. وتبقى الخطوة الثالثة المتمثلة في تأسيس مؤتمر وطني يشمل كل الأطياف دون استثناء. وهذه الخطوة تستوجب لم شمل الخبراء والعلماء والفاعلين في الحقول القانونية والقضائية والاقتصادية والتعليمية.. لإنجاز ما ينبغي إنجازه من مهمات يحددها أصحاب الشأن.

إن البدء بواحدة من تلك الخطوات قد يكون انطلاقة باتجاه دولة مدنية قانونية ومجتمع يعمل فيه الجميع مع الجميع، وضمن آليات ديمقراطية تنتج نظاماً سياسياً بالجميع ومن أجل الجميع، بغية الحفاظ على سيادة سوريا عموماً، وعلى ما يفضي إلى مبادئ التداول الديمقراطي للسلطة، والحفاظ على الجيش الوطني لحماية الوطن، وإذ ذاك يصبح محتملاً التحدث عن منظومة القانون والمواطنة والكرامة والمحاسبة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - لم تستطع إسرائيل دعم القاتل فاستعانت بالروس
سوري فهمان ( 2016 / 1 / 5 - 19:11 )
الاستاذ طيب تيزيني المحترم

تحليلك ينطلق من أنك سوري وتحب بلادك وتخاف عليها وتتصور الخطوات لانقاذ ما تبقى منها وتنسى أو تحاول أن تنسى أن ما قام بهذا الاجرام هو انسان معتوه أجزم بان أصوله غير سورية أو عربية . ما أخذه والد الأهبل بالقوة لا يسترد إلا بالقوة

لم تستطع إسرائيل دعم النظام القاتل مباشرة فاستعانت بالروس

والليالي من الزمان حبالى لا نعرف ماذا سيلدن

تحياتي

اخر الافلام

.. تشاد: انتخابات رئاسية في البلاد بعد ثلاث سنوات من استيلاء ال


.. تسجيل صوتي مسرّب قد يورط ترامب في قضية -شراء الصمت- | #سوشال




.. غارة إسرائيلية على رفح جنوبي غزة


.. 4 شهداء بينهم طفلان في قصف إسرائيلي لمنز عائلة أبو لبدة في ح




.. عاجل| الجيش الإسرائيلي يدعو سكان رفح إلى الإخلاء الفوري إلى