الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التحالف العدواني التوسعي الجديد ومخاطره

بدر الدين شنن

2016 / 1 / 5
مواضيع وابحاث سياسية


لم تعد الحروب المتصاعدة ، التي تشنها قوى الإرهاب الدولي ، وخاصة ، تركيا ، والمملكة السعودية ، وإسرائيل ، على سوريا ، والعراق ، واليمن ، ولبنان ، لم تعد سؤالاً ملتبساً ، فقد اتضح للجميع ، أنها عملية استبدال الوسائل والآليات الحربية الأميركية والغربية المباشرة ، المكلفة مادياً وبشرياً ، لتحقيق مآربها ومصالحها ، بوسائل إقليمية وإرهابية ، غبية ، ومأجورة . وذلك نتيجة نمو وتصاعد قدرات تنافسية دولية أخرى زعزعت هيمنتها العريقة على العالم . ونتيجة أزمتها الاقتصادية المستعصية على الحلول المعتادة ، والمستمرة أكثر مما كان متوقعاً . وكذلك نتيجة التدخل الروسي العسكري في سوريا ، ما أدى إلى التراجع الفعلي للقدرات الأميركية الغربية ، وبالتالي فتح المجال لأكثر الدول الإقليمية طمعاً وتوسعاً وعداء للشعوب ، لملء الفراغ الناتج عن هذا التراجع ، من خلال تحالف وثيق بين هذه الدول وبين المركز الإمبريالي الغربي .

وهذا ما يفسر الممارسات الشرسة ، والتحديات الوقحة ، التي تواجه بها تركيا والمملكة السعودية وإسرائيل ، شعوب ودول الإقليم المستهدفة . فالبلدان الثلاثة ، على علاقة قوية تاريخية مع أميركا وحلف الناتو . ولولا الاستناد على هذه العلاقة ، لما تجرأت على ارتكاب جرائمها ، بدعمها للإرهاب الدولي الدموي المدمر ، والقيام باعتداءاتها المباشرة كما يحدث في اليمن . ما يعوق عملية ملء الفراغ المطلوب بكل أبعاده ، وخرائطه ، وزمنه المحدد ، هو الحضور الروسي العسكري في سوريا ، ومشاركته الجيش السوري الوطني مسؤولية التصدي للإرهاب الدولي ، وحماية الأجواء السورية ، وإسقاط مشارع المناطق العازلة في الشمال والسوري وجنوبه ، وقد يتسع هذا الحضور ليشمل بلداناً أخرى في الإقليم .

التجلي العملي لملء الفراغ ،، الناتج عن تراجع قدرات أميركا والغرب في فرض استدامة الهيمنة على الشرق الأوسط ، الذي تقوم به تركيا والمملكة السعودية وإسرائيل ، برز في الأسابيع الأخيرة ، بعد تعثر تطبيقه الفعلي ، ضمن الزمن المطلوب ، نتيجة ضغط الجيش السوري الوطني ، والدعم الروسي الجوي واللوجستي ، وضغط الجيش العراقي الوطني ، ونتيجة الصعوبات الداخلية المتفاقمة في تركيا ، المتمثلة بمقاومة الشعب الكردي السياسية والمسلحة ، وفي صمود الشعب اليمني بوجه العدوان السعودي الإجرامي المتوحش ، برز التوجه الحثيث ، لإقامة تحاف يضم الدول الثلاث ، تركيا ، والمملكة السعودية ، وإسرائيل ، بدلاً من عمل كل منها بمشروعها الخاص العدواني التوسعي ، دون الانسحاب ، بطبيعة الحال ، من التحالفات الأميركية الأطلسية .

وهذا التحالف ، وإن كان يحمل التناقض ، والتنافس ، بين المشاريع الخاصة ، فإنه يحمل خطراً ثنائياً لا يستهان به ، في المراحل القادمة من الصراعات والحروب في الإقليم ، وخاصة على البلدان التي تجري فيها الحروب منذ سنوات ، مثل سوريا والعراق ويمكن إضافة اليمن أيضاً . فكل دولة من الدول الثلاث تعمل من جهة على تنسيق أعمالها العدوانية إزاء الأهداف المشتركة ، إلاّ أنها ستعمل جاهدة لتوظيف هذا التنسيق ، في خدمة مشروعها الخاص ، في إطار المجال الطامعة فيه ، جغرافياً ، وسياسياً ، وعسكرياً . ويصبح البلد المستهدف ضحية ضربات عدوانية ثنائية النيران وثنائية الغايات .. أي أنها ستكون حرباً أشد ضراوة وتدميراً .

وهذا التحالف من طرف آخر ، يؤكد على أن المصالح تتجاوز الخصومات ، وأنها فعلت فعلها في تأجيل أو تجميد الخصومة بين تركيا والمملكة ، وبين تركيا ولإسرائيل . بين المملكة وتركيا خصومة حول الأ خوان المسلمين ، وحول تزعم الإقليم والعالم الإسلامي . تركيا تعتبر أن الأ خوان المسلمين هم شركاء موضوعيين لها في مشروعها العالمي العثماني . والمملكة تعتبرهم معوقين ومنافسين لمشروعها الوهابي العالمي ، وإرهابيين ينبغي التخلص منهم . وفعلت فعلها أيضاً ، في انطلاقة مسار المصالحة بين تركيا ومصر ، بمساع دبلوماسية ومالية سعودية .

وتعبيراً عن الجدية بإقامة التحالف ، قام أردو غان بزيارة المملكة السعودية . ونتج عن تلك الزيارة ، تشكيل مجلس أعلى للتحالف الاستراتيجي بين البلدين ، وعقد صفقات تجارية واقتصادية ضخمة ، أبرزها شراء المملكة أسلحة تركية بعشرة مليارات دولار . وتوجهت الحكومة التركية ، عبر صمت ورضا المملكة السعودية ، إلى الكيان الإسرائيلي ، بطلب ، إنهاء التوتر بين البلدين نتيجة عدوان إسرائيل على سفينة تركية في بحر مرمة كانت تحاول كسر الحصار الإسرائيلي لغزة قبل خمس سنوات . والدخول ، انسجاماً مع متطلبات المتغيرات التحالفية الجارية في الإقليم ، في مرحلة تطبيع كامل بينهما . ومازالت المباحثات جارية بهذا الخصوص .

ومن البديهي ، حتى يكتمل ملء الفراغ الشرق أوسطي ، ينبغي ، أولاً ، إنهاء الحرب السورية بإسقاط النظام السوري ، ووصول الموالين لدول التحالف وأميركا والغرب إلى الحكم . وتقسيم العراق ، وإقامة دويلات طائفية متصارعة ، والقضاء على مقاومة الشعب اليمني ، وإعادة " شرعية عبد ربه " إلى حكم اليمن ، والقضاء على المقاومة اللبنانية والفلسطينية . كما ينبغي أن تكون المخططات الإقليمية المتعددة ، التركية ، والسعودية ، والإسرائيلية ، منسجمة ، ومتكاملة ، مع مخططات أميركا والغرب . بمعنى ، أن يتوحد مشروع تركيا العثماني ، ومشروع إسرائيل الكبرى ، ومشروع المملكة الوهابي الدولي ، مع مشروع الشرق الأوسط المراد تغيير خرائطه ، السياسية ، والقومية ، والطائفية ، والاقتصادية . ما يتطلب ، ويؤدي إلى طرد الحضور الروسي من سوريا والإقليم ، واحتواء أو تدمير إيران ، وإقامة قيادة مشتركة متمكنة من السيطرة على ثروات وشعوب المنطقة .

إن مؤشرات بدء عملية ملء الفراغ ، بدأت باغتيال إسرائيل المقاوم الشهيد " سمير القنطار " ، ومن ثم بإعدام المملكة السعودية المقاوم للظلم والاستبداد " الشيخ نمر النمر " . وتصعيد أردو غان من الهجمات العسكرية المتوحشة على المواقع الكردية ، وفي قمع المظاهرات الدموي في تركيا ، وإذكاء المملكة للتوتر الطائفي ، وشيطنة إيران وتحميلها مسؤولية دعم الإرهاب ، للتمويه على جرائم " داعش " والتنظيمات الإرهابية الأخرى ، وللتمويه على انحراف النظام العربي عن الصراع العربي الصهيوني ، وإسقاط القضية الفلسطينية ، وتأبيد عيش الشتات الفلسطيني ، ولجر بلدان الوطن العربي والعالم الإسلامي ، إلى حروب طائفية همجية مدمرة ، ربما تأخذ بعداً عالمياً أكثر خطورة ، لإعادة تكريس الأحادية القطبية الدولية ، وتكريس عبودية الرأسمالية الكونية ، لحقبة زمنية مجهولة النهاية .

وتأسيساً على ذلك ، يمكن التأكيد على أمرين . الأول : أن أميركا ودول " حلف الناتو " التي تمارس لعب دورها عن بعد ، لا يخفف ولا يبعد المسؤولية عنها ، وإنما هي لدعمها غير المحدود للإرهاب الدولي ولقوى هذا التحالف ، تتحمل المسؤولية الأولى ، الناتجة عن الإرهاب الدولي ، وعن أنشطة دول التحالف العدوانية والتوسعية . الأمر الثاني : أن قوى الداخل في البلدان التي تتعرض للإرهاب الدولي ، وأخطار المخططات التوسعية السعودية والتركية والإسرائيلية ، تتحمل بنسبة عالية مسؤولية رد العدوان والتوسع ، وذلك بتجنبها الوقوع في أ فخاخ المفاوضات ، حول خلافاتها البينية الداخلية ، في البلدان الداعمة لعدوان الإرهاب الدولي على بلدانها ، والطامعة بأرضها وثرواتها ، والهادفة لتمزيق بلدانها وشعوبها .. وبرفضها الوطني الحازم للمخططات الأميركية والغربية وعملائها الإقليميين ، التي تعمل على تقرير مصائر بلدانها وفق الخرائط الاستعمارية والتوسيعية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما محاور الخلاف داخل مجلس الحرب الإسرائيلي؟


.. اشتعال النيران قرب جدار الفصل العنصري بمدينة قلقيلية بالضفة




.. بدء دخول المساعدات عبر الرصيف الأمريكي العائم قبالة سواحل غز


.. غانتس لنتنياهو: إما الموافقة على خطة الحرب أو الاستقالة




.. شركة أميركية تسحب منتجاتها من -رقائق البطاطا الحارة- بعد وفا