الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نضال المعطلين من أجل التشغيل نشاط نقابي أم عمل سياسي

معز الراجحي

2016 / 1 / 5
الثورات والانتفاضات الجماهيرية



إن الإجابة عن سؤال هل يجب على إتحاد أصحاب الشهادات المعطلون عن العمل أن يكون منظمة نقابية بالمعنى الحقوقي يقتصر دورها على المطلبية و التشهير بسياسات النظام أم منظمة سياسية يكتمل فيها النضال الإقتصادي و الحقوقي بالطابع السياسي هو الإجابة المباشرة عن سؤال كيف تخدم هذه المطالب الجزئية و الفئوية الأهداف الطبقية الثورية للطبقة العاملة و كيف تساهم في مراكمة فعلية لشروط الثورة و كيف يكون لها دور طليعي في الصراع الطبقي و مجرى التاريخ في القطر ؟ .
إن العلاقة بين ذلك النضال المطلبي السلمي الحقوقي و الإقتصادي و البرنامج السياسي الثوري للطبقة العاملة هي نفس العلاقة الجدلية و العضوية التي تربط الجزء بالكل و هو نفس قانون العلاقة الذي يربط الفئة بالطبقة أي علاقة المعطل عن العمل بالعامل و الفلاح و بقية الفئات المظطهدة و هي أيضا علاقة مطالب الفئات الإجتماعية بمطلب الطبقة العاملة برمتها في صراعها ضد النهب و الإستعمار الإمبريالي و البورجوازية المحلية و كبار الملاكين العقاريين و النظام السياسي و الإقتصادي القائم .
كيف يمكن أن نكون ضد علاقات الإنتاج المتخلفة و الرجعية الإقطاعية و الرأسمالية و المرتهنة و المرتبطة بنظام عالمي إمبريالي إستعماري و نطالب في نفس الوقت النظام المتخلف العميل الرجعي الحالي بإيجاد حلول لحل مشكل أزمة البطالة و نعرف مسبقا أن أي حل سوف تنتهجه السلطة سوف يكون ضمن الحلول النيوليبرالية و المعادية في جوهرها و نتائجها قصيرة و بعيدة الأمد لمصالح الطبقة العاملة مثل التداين الخارجي ، و مزيد إنتصاب شركات النهب الإمبريالي و المؤسسات الأجنبية العابرة للقارات و مزيد التنازل على السيادة الوطنية و ضرب حقوق العمال و سائر الأجراء خاصة الأجور و التغطية الإجتماعية ...إلخ ؟

إن الجواب عن هذا السؤال يستدعي الفهم العميق لقوانين تطور الرأسمالية العالمية و تطور علاقات الإنتاج على أساس أنها قوانين تطور مستقلة عن إرادة القوى المنتجة و عن إرادة الإئتلاف الطبقي الرجعي الحاكم و عن البورجوازية العالمية و الإستعمار بأنظمته و بمؤسساته .
إن صراع المعطلين عن العمل هو صراع سياسي بإمتياز لأنه صراع من أجل المصالح الحيوية لهذه الجيوش من إحتياطي نظام الإستغلال المأجور النظام الرأسمالي و لأن المسألة تتجاوز أن تكون مسألة حق فقط و إلا كنا أخذنا المسألة من وجهة نظر حقوقية فقط كغيرها من القضايا المتعلقة بحقوق الإنسان الكونية التي تتخذ طابعا فوقيا و سطحيا مفرغا من كل محتوى طبقي في أغلب الأحيان . إن الطابع الثوري لنضال المعطلين عن العمل ليس مصطنعا و لا شيئا مركبا من قبل مجموعة من الشيوعيين المغامرين الذين يعملون على تطويع الشباب المعطل عن العمل و المأزوم لبث الفوضى و زعزعة النظام كما يدعي الرجعيون و حراس النظام القائم . إن الطابع الثوري لذلك النضال من أجل الحق في العمل و الكرامة ملازم لطبيعة الحركة التطورية للتاريخ و للصراع الطبقي و هي تنسحب ليس فقط على نضال فئة المعطلين عن العمل بل على كل الطبقات المستغلة و بقية الفئات المضطهدة و تشترك معها فيه .
" إنهم ينفون أن تكون قوانين الإقتصاد السياسي إنعكاسا لإنتظام حركة التطور التي تحدث بصورة مستقلة عن إرادة الإنسان ...
هؤلاء الرفاق مخطئون خطأ جسيما ، فمن الجلي أنهم يخلطون بين قوانين العلم التي تعكس حركة لتطور الموضوعية في الطبيعة أو في المجتمع ، هذه الحركة التي تحدث بصورة مستقلة عن إرادة الناس ، و بين القوانين التي تسنها الحكومات و تخلقها إرادة الناس و ليس لها غير قوة حقوقية . و لكن لا يجوز أبدا الخلط بين هذه القوانين و تلك . إن الماركسية تعتبر قوانين العلم – سواء منها قوانين الطبيعة أو قوانين الإقتصاد السياسي – إنعكاسا لحركة التطور الموضوعية التي تحدث بصورة مستقلة عن إرادة الناس. و في وسع الناس إكتشاف هذه القوانين ، و معرفتها ، و دراستها ، و أخذها بعين الإعتبار في أعمالهم ، و إستخدامها في مصلحة المجتمع ، و لكن ليس في وسعهم تعديلها أو إبطالها . و من باب أولى ، ليس في وسعهم تكوين أو خلق قوانين جديدة للعلم ... و يستشهدون بكتاب أنتي دوهرنغ لأنجلز ، و بصيغته القائلة بأن القضاء على الرأسمالية و جعل وسائل الإنتاج إجتماعية سيمكنان الناس من أن يمارسوا سلطتهم على وسائل الإنتاج ، و أن يتحرروا من نير العلاقات الإقتصادية و الإجتماعية ، وأن يصبحوا "أسياد" حياتهم الإجتماعية. و يسمي إنجلز هذه الحرية ب " فهم الضرورة" ، يطبقونها بوعي تام ، في مصلحة المجتمع. و لذلك يقول إنجلز في هذا الصدد :
" إن قوانين نشاط الناس الإجتماعي ، التي كانت تبدو لهم حتى ذاك الوقت ، كأنها قوانين طبيعية ، غريبة عنهم ، مسيطرة عليهم ، يطبقها الناس بعدئذ بدراية تامة ، و بالتالي يسيطرون عليها"
ستالين القضايا الإقتصادية للإشتراكية في الإتحاد السوفييتي 1954
إن إتحاد المعطلين يغدو جمعية سياسية بما أن جوهر نضالها طبقي و سياسي ضد خيارات النظام القائم و سلطتها السياسية المعادية لمصالح عموم الشعب الكادح ، و بما أن شعاراتها المرفوعة سياسية و طبقية ، و لأن تلبية هذه المطالب المشروعة لعموم الشباب المعطل عن حقه الطبيعي في العمل لا يمكن أن يحدث إلا بقرار سياسي أو بتغيير سياسي جذري . هذا الإتحاد يغدو أن يكون إتحادا ثوريا أكثر فأكثر كلما أصبح جماهيريا أكثر و كلما ترسخت لدى أعضاءه و مناضليه و قياداته القناعة الثورية بأن إتحاد المعطلين هم منظمة ثورية و نضالها لا يمكن أن يكون جوهره غير الجوهر الطبقي و السياسي .
إن الإنتقال من الوظيفة النقابية للمنظمة إلى الوظيفة السياسية و الربط المنهجي بينهما لا يأتي من الخارج أي من خارج المنظمة و يحقن حقنا عن طريق التوظيف الحزبي الفض و الزجري المعادي و المتعالي عن إرادة جماهير المنظمة و منخرطيها و لا يكون كذلك بالمؤامرة التي قد تكون المنظمة و منخرطيها ضحيتها كنتيجة مباشرة أو بعيدة الأمد . إن هذا الربط بين الوظيفتين يجب أن يكون على قاعدة الديمقراطية و النضال القاعدي و شعارات المنظمة المركزية و أهدافها لذلك فإن دور الشيوعيين لا يقتصر فقط على النضال الثوري داخل هياكل المنظمة و بالمنظمة بل يشمل أيضا مسألة الديمقراطية داخلها التي يجب أن تخدم البعد السياسي الثوري الملازم لنشاطها .
لذلك فالربط بين الوظيفيتن يجب أن يكون أول شيء ثوريا علميا و منهجيا في نفس الوقت أو على الأقل ذا مضمون تقدمي في المجمل أي أنه حتى ضل غياب العنصر الثوري القادر على القيام بالوظيفة السياسية الثورية يجب أن لا يخدم النشاط العام للمنظمة السياسة الرجعية للنظام و يلتف على مطالب الجماهير و يتعالى عليها ليصبح مؤسسة من مؤسسات حزب ما تتفاوض عبرها أو يخدم خطها السياسي الخاص بكل فضاضة . إن أهم سمات النضال الجماهيري بمستوييه المطلبي الإصلاحي و الثوري خاصة وسط فئة تعد الأكثر عددا و انتشارا و قدرة على الفعل النضالي ألا و هي المعطلون عن العمل و فئة الشباب بشكل أعم هي الإلتحام بالجماهير و العمل على تنظيمها و الرفع من وعيها و قيادتها و ليس أن تكون الأولوية للأجندة الحزبية و للإمتيازات الخاصة و العائلية و العشائرية . لذلك لا بد من النضال ضد هذه العناصر الإنتهازية و الوصولية الفضه داخل هياكل المنظمة و المضي بها في النهج التقدمي النضالي المبدئي و الشفاف في أعين المعطلين عن العمل و ذلك أهم شروط التمهيد لمراحل مستقبلية من مرحلة النضال السياسي الثوري .
فالإنتقال إلى هذه الوظيفة يبقى رهين الشروط الموضوعية التي تفرضها مجريات الصراع و الظروف الذاتية للمنظمة و مدى قدرتها على مزيد تعزيز قاعدتها و هياكلها بكوادر مناضلة مبدئية و واعية بجوهر النضال الفئوي الخاص بفئة المعطلين بخصوصياته و جزئياته و ما يستفرد به من خصائص دون النضال من أجل بقية الفئات الأخرى . دون ذلك الوعي بذلك الجوهر و تلك الخصائص سوف يصبح نضال المعطلين ضربا من العفوية و الإستقالة من العمل الثوري بالإلتزام فقط بالمطلبية الحقوقية عديمة الفائدة و الدعاية المغلوطة أو التوظيف بأشكاله قولا و شعارا و التهجم فعلا على نضالات المعطلين . فهذا الإنتقال الكيفي لا يمكن أن يحصل دون مراكمة كمية من الداخل أي داخل المنظمة بمزيد دعم الديمقراطية داخل المنظمة الإلتحام بالجماهير و الرفع من مستوى وعيها السياسي و أعطاء الشعارات المرفوعة بعدا طبقيا و سياسيا و فضح الطابع الرجعي لسياسات النظام الإقتصادية و السياسية المعادي لمصالح المعطلين عن العمل و ربط أهداف المنظمة الإقتصادية الفئوية بأهدافها السياسية ثم ربط هذه الأخيرة بأهداف الطبقة العاملة برمتها . إن شرط تحقيق هذه الأهداف المتعلقة بالمنظمة في علاقتها بالمعطلين عن العمل و الأهداف السياسية الطبقية القريبة و البعيدة هو ريهين قناعة هذه الجماهير بأن نضالهم هو نضال طبقي و سياسي و ليس فئوي فقط أو حقوقي و يستدعي وحدتهم الطبقية فيما بينهم و وحدتهم مع عموم الطبقة العاملة و سائر الكادحين بما هم جزء منهم. هكذا يكون الدور الثوري للعناصر الثورية من المعطلين عن العمل و تلك هي المهام السياسية الملقاة على عاتقهم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مواجهات بين الشرطة ومتظاهرين في باريس خلال عيد العمال.. وفلس


.. على خلفية احتجاجات داعمة لفلسطين.. مواجهات بين الشرطة وطلاب




.. الاحتجاجات ضد -القانون الروسي-.. بوريل ينتقد عنف الشرطة ضد ا


.. قصة مبنى هاميلتون التاريخي الذي سيطر عليه الطلبة المحتجون في




.. الشرطة تمنع متظاهرين من الوصول إلى تقسيم في تركيا.. ما القصة