الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رياح انليل

الحسين الطاهر

2016 / 1 / 5
الادب والفن


في بديء الزمان، جلس العظيمُ (انليل)؛ سيّدُ الرياح المدمِّرة؛ حامي كي-ان-جي و ابو السومريين، و تحلّق حوله آلهة العراق، على يمينه جلست (انانا)؛ التي عشقها الاكديون باسم (عشتار)، تحكي له -بفخر و خيلاء- عن هيام (دمّوزي) الراعي بها و اصراره على الاقتران بها، و اقترحت على (انليل) رفع الفاني (دمّوزي) الى مرتبة الآلهة، جزاء له على اصراره و الحب العظيم الذي حمله في قلبه.

و بينما انليل منشغل بحديثه مع انانا؛ نجمة الصباح؛ كوكب الزهرة، انغمس (مردوخ) اله بابل العظيم، الذي قلّدته الآلهة لوح الاقدار و جعلته المتحكم بمصائر البشر، انغمس في حديث ذي شجون مع (نانا) اله القمر و والد عشتار؛ الذي عرفه ورثة سومر باسمه الثاني (سين)، تحدّثا عن حادثة خطف عشتار الى غياهب العالم السفلي المخيف، و كيف استعادها الآلهة بعد عناء و تضحيات، لترجع الى موطنها، الى السماء، فتزيّنها بدلعها و كل عنفوان شبابها الدائم.

على يسار انليل كان (شمش) - الهُ الشمس و العدالة - ، نادى فجأة (أنكي) - الالهَ المسؤول عن المياه العذبة؛ فراتها و دجلتها؛ و ينابيع جبالها الشامخة - مشيرا الى طوفان (كلكامش) بالارض يبحث عن الخلود، متذكّرينِ الطوفان الذي كاد ان يقضي على البشرية في يوم من ايام انليل السيئة. و في لحظة، في بديء الزمان، تنحنح انليل فسكتت آلهة العراق، نظر اليهم فرنو اليه، ثم صلّى للعراق.. فصلّوا خاشعين..

و انقضت دهور...



لمحتُها تهمسُ للناي
بخصلاتِ شعرِها الأسوَد
و عينين تلمعان كعشتار
أتُراها تبثُّهُ شكواي؟
فقد سمعتُ بكاءهُ و الأنين..

و قبلَ ان تنزعَ الاشجارُ
اثوابَها، او يصفرَّ الخضار
أخذني الحنين..

بلادي ! أما زلتِ تنامين
حين يغطيكِ بنورهِ القمرُ
و يُهدهِدُكِ بحكاياتهِ عن الغابرين
حين عشقَ دمّوزي أنانا
فنافسَ الفلّاح زماناً
ثم نالَ النجوم
لا زلتُ اسمعُ ضحكات ابتهاجِه
بليلةِ زواجِه
كلّما رنوت الى الكروم
أو العُشبِ النديّ، او النخيل
أو دمع الغيوم..

متى نعود؟
متى تُطيرُ خصلات شعرِها الأسود
من جديد
رياحُ أنليل؟

و الليلُ طويل..

أما زال القمرُ
يحاول اقناعكِ بالمصير المكتوب
بالقدر؟
يذكِّرُكِ بكلكامشَ و العدو
بالصراع، بالصديق
بالسفر، بمصاعب الطريق
بالنصر، بالرجوع
بألم الفراق، بالثورة، بخضوعهِ للقَدَر؟

أراكِ تُرضين سينَ بابتسامة
يراها مجاملةً تحفظُ الكرامة
و ان كان فيها استهانة
فأبنكِ من حمَل لوح الأقدار قلادة
بنى - بكلمةٍ - امجاده
فسجدتْ له الشعوبُ عِبادة..

ثم تتجمّدُ الابتسامة
تسرحين،
و القمر يحكي عن السفينة و تلاطم الأمواج،
تفكّرين،
و سينُ يُطمئنكِ بتكاثرِ الأزواج،
يموتُ اليقين،
أكانَ كلُّ ذلك حلقةً
في سلسلة القدر؟
أكانت تلك مجرّد لحظاتٍ تمُرّ،
و تنقضي كَكُل لحظاتِ السعادة؟

أسمعُ الناي يحكي عن موت انكي
حين جفَّت الاهوارُ
عن كلكامش اذ يشكي تهدّم الأسوار
عن نانا و هو يبكي خطفَ عشتار..

و تهطل الأمطار،
ثم تنقشعُ الغيوم
فأرى وعد الآلهةِ في السماء
بلادي ! انتِ القَدَر !
هذا شمشُ يرنو اليكِ
عينٌ تهديكِ الضياء
و على أنغام اغنيته ستستيقظين
بلادي ! ما بعدَ الليل الا النهار..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد فوز فيلمها بمهرجان مالمو المخرجة شيرين مجدي دياب صعوبة ع


.. كلمة أخيرة - لقاء خاص مع الفنانة دينا الشربيني وحوار عن مشو




.. كلمة أخيرة - كواليس مشهد رقص دينا الشربيني في مسلسل كامل الع


.. دينا الشربيني: السينما دلوقتي مش بتكتب للنساء.. بيكون عندنا




.. كلمة أخيرة - سلمى أبو ضيف ومنى زكي.. شوف دينا الشربيني بتحب