الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ماذا يشعر السوري وهو يقرأ بثينة شعبان؟

نور الدين بدران

2005 / 11 / 8
الصحافة والاعلام


قبل مدة أطلق السيد محمد ناجي العطري رئيس مجلس الوزراء السوري تهديده ووعيده للولايات المتحدة الأميركية،ولم يكن ذلك إلا كالدعوة اللاحقة للرئيس الإيراني بإزالة إسرائيل من خارطة العالم.
قبله وصف السيد فاروق الشرع القرار 1559الصادر عن مجلس الأمن بأنه "تافه".
بعدهما بقليل خرج السيد مهدي دخل الله وزير الإعلام السوري بتصريحات عن تقرير السيد ميليس لم تصمد أياماً،ثم ذوبتها الأحداث اللاحقة ذوبان الثلج في الشمس الساطعة.
بين هذا وذاك كان وزير الداخلية السوري غازي كنعان يوارى الثرى منتحراً أو منحوراً لا فرق.
بعد ذلك عاد السيد الشرع ليرشق مجلس الأمن بما لا يليق بدبلوماسي من الدرجة العشرين.
اليوم تطلع السيدة بثينة شعبان وزيرة المغتربين في الحكومة السورية لتقدم لقراء جريدة الشرق الأوسط درساً من دروس مادة الثقافة القومية الاشتراكية في منهاج المرحلة الإعدادية،تلك المادة التي يتأفف منها طالباتنا وطلابنا النجباء حصراً،والتي يجب إلغاؤها وإراحة الناس من سذاجتها،وليس عبثاً أن يتداول الطلاب اسمها بسخرية مريرة:"السخافة القومية الاشتراكية....".
تبدأ السيدة الوزيرة مقالتها ب:"ماذا يشعر العربي وهو ......إلخ" بقية الدرس معروف في سائر الإعلام السوري عن المخططات الاستعمارية واستهداف العرب وفي مقدمتهم سوريا ولبنان.
ليس هنا همي مناقشة مفاهيم "العربي"و"الحضارة العربية" و"الأمة العربية"،لأنها قد تكون تستحق النقاش في المجال ألتأريخي،أما اليوم فهي أسماء بلا مسميات وهي نوع من الترهات،حزنّا لذلك أو فرحنا،فرغم انتمائنا العربي نحن السوريين وهم المصريون والعراقيون والجزائريون والسعوديون......إلخ، وجميع قرارات الجامعة العربية(التي أدافع عن وجودها وتقدمها وتطورها) أقل بالنسبة لي من قرار الإفراج عن معتقل سياسي سوري،أو زيادة راتب أو غير ذلك،وأعتقد أن الأمر نفسه بالنسبة لأي مصري أو سوداني أو مغاربي...إلخ.
الهروب من المحدد والملموس إلى العموميات والعبارات الكبيرة،بات لعبة سخيفة وكذبة مفضوحة،ولكن حكومتنا غير المحترمة ،بمعظم أعضائها، بكل أسف، مازالت تمارسها بكل صفاقة،وكان أولى بها كحكومة سورية أن تتأمل بماذا يشعر السوري وهو يهدد كل يوم بلقمة عيشه وحريته وفي الأزمة الأخيرة بوجوده وأمنه.
كان على السيدة الوزيرة أن تحدثنا عن أحوال المغتربين السوريين الذين يذوبون خجلاً أمام إخوانهم المغتربين العرب من القوانين الجائرة العتيقة والمذلة التي يعانون منها في وطنهم سوريا،إن كان لجهة الضرائب الباهظة عليهم وعلى سياراتهم ورواتبهم المعجونة بعرق الغربة وذلها،وعلى سبيل المثال،يكفي "العربي" التونسي أن يعمل عاماً واحداً خارج تونس ليسمح له بإدخال سيارة،بينما السوري يعتبر ذلك من أحلام أحفاده،أما المصري فيحق له أن يأخذ إجازة بلا راتب مدى الحياة ويحصل على تقاعده في غربته،مادام يدفع تأميناته كأي موظف،بينما يجد السوري المغترب نفسه مرهوناً بمدة أربع سنوات،وأخيراً أصبحت خمساً، وإلا وجد نفسه مطروداً من عمله،ومطلوباً للمحاكمة،وهذا ما حدث لشقيقتي مع أنها لم تخرق هذا القانون الأخرق،وإنما كل ما هنالك أن أحد الموظفين الفاسدين رفض تقريرها الطبي والممهور بختم السفارة السورية،فقط لأن المعلوم لم يصله،وها هي اليوم بعد نحو عقدين من الخدمة في بيتها وبين المحاكم،علماً أن زوجها موفد لإكمال دراسته في مصر ومن قبل الجامعة السورية.
ماذا يشعر السوري وليس العربي وهو اليوم يرى أنه سيدفع أثماناً باهظة،وربما دمه وحياته جرّاء جرائم ارتكبها ثلة مجرمين ونتيجة سياسة حمقاء،تسميها السيدة الوزيرة دفاعاً عن الأمة العربية ومواجهةً للمخططات الاستعمارية.
ماذا يشعر السوري وليس العربي حين يرى أن استمرار قانون الطوارئ والأحكام العرفية وتشريد آلاف المفكرين والمبدعين السوريين في المنافي واستمرار اعتقال البروفيسور عارف دليلة والبرلماني رياض سيف وغيرهما جزء لا يتجزأ من الدفاع عن الأمة العربية ومواجهة المخططات الاستعمارية؟
كفى كذباً ونفاقاً على الشعب السوري والعالم،فحكومة من هذا النوع ليست بقادرة على مواجهة غير المستضعفين من شعبها والعزّل من الناس،وغير مرشحة إلا لمزيد من الكوارث الوطنية والإنسانية.
كلنا فداء للوطن لسوريا الحبيبة وهذا ليس شعاراً وعند ساعة الحقيقة بل وقبلها بكثير لم ولن نتوانى عن الذود عنها،ولكن سوريا غير لصوصها،وسوريا غير مغتصبيها وسوريا مهد الحضارة وليست وكراً للمخابرات وسجناً لأبنائها وعدواً للعالم.
لقد اعتقلنا ولوحقنا سنوات طويلة لأننا وقفنا ضد انتهاك سوريا وكرامة شعبها أي كرامتنا،ومن قبل الأعداء في الداخل، وسنكون أشد حزماً في وجه الأعداء القادمين من الخارج،وهذه بديهية لا حاجة أصلاً لنقاشها.
تم إيقافنا في أقبية المخابرات السورية،ولوحقنا من قبلها ثانية فقط لأننا احتججنا بالكلام فقط على التنازلات السورية أمام كيسنجر وغيره من الإدارة الأمريكية، وعلى ضرب المقاومة الفلسطينية والحركة الوطنية اللبنانية وعلى الأحكام العرفية في سوريا نفسها،وكنا في عرف الحاكمين مغامرين يساريين طفوليين،ولا شك كان بعض هذا صحيح،لكننا حتى في أكثر أخطائنا فداحة لم نكن إلا سوريين ولن نكون إلا كذلك،أما من قدم ويقدم سوريا اليوم على المذبح فعلينا أن نبحث فعلاً عن هويته المخبأة وراء شعاراته وبالأصح وراء امتيازاته،وقبل كل شيء إلى أين أوصلتنا سياسته.
أخيراً....أي اسم من الوزراء الواردة أسماؤهم أعلاه(ومعهم آخرون)، يكفي لإعلان استقالة الحكومة،لأنها حكومة يركبها الغرور أو الجهل أو النفاق أو كل ذلك جميعاً ومعاً.
إن سوريا بحاجة إلى حكومة عصرية تعرف هموم شعبها السوري(نعم وليس العربي) وتفهم لغة العالم المعاصر،وليس لغة القرون البائدة،وتسعى لصداقة العالم والمنطقة،وليس استعداءهما،أي بحاجة للتخلص من حكومة هي صورة عن أجهزة مشبعة بالفساد والتآمر والقمع والصفقات وتبييض الأموال،وكل ما ينافي ما تصبو إليه سوريا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المكسيك: 100 مليون ناخب يختارون أول رئيسة في تاريخ البلاد


.. فاجأت العروس ونقر أحدها ضيفًا.. طيور بطريق تقتحم حفل زفاف أم




.. إليكم ما نعلمه عن ردود حماس وإسرائيل على الاتفاق المطروح لوق


.. عقبات قد تعترض مسار المقترح الذي أعلن عنه بايدن لوقف الحرب ف




.. حملات الدفاع عن ترامب تتزايد بعد إدانته في قضية شراء الصمت