الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النظام السوري ورهاب الشبهة

بدر الدين شنن

2005 / 11 / 8
مواضيع وابحاث سياسية


هناك ظاهرة لافتة في ردود فعل النظام السوري إزاء تقرير ميليس المقدم في 21/10/2005 إلى مجلس الأمن الدولي ، حول مجريات التحقيق في اغتيال المرحوم رفيق الحريري ، ليست متعلقة بتفنيد هذا التقرير وملابساته ، بقدر ما هي متعلقة بحالة النظام النفسية منذ أن وضع أمام السؤال ، وأمام احتمالات الإدانة وعواقبها المدمرة على بنيته وا ستمراره . فبعد الضجيج السياسي والإعلامي الهجومي ، الذي سخر له كل آلياته لتأكيد براءته من دم "الحريري " المغدور ، ا ستقر موقفه بعد صدور قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1636 على الدفاع .. وعلى أ سوأ أنواع الدفاع من خندق مثير للرثاء أكثر مما هو مثير للشماتة . وبدأ يركز في تعاطيه مع التحقيق " الميليسي " الخبيث ، على أن " الشبهة " غير المقرونة بالأدلة هي تهديد ظالم مبطن بالإتهام ، وعلى اعتبار أنه مشبوهاً كنظام أو كأفراد بنى ا ستراجيته الدفاعية على إبعاد " الشبهة " عنه وعن رموزه . في وقت يتطلب الأمر فيه ، اتخاذ مبادرات وإجراءات جذرية ونقدية وديمقراطية ، تجاه لبنان الشقيق وخاصة قضية المرحوم الحريري ، وتجاه الداخل السوري هي أهم وأكبر من ذلك بكثير

وما يهمنا في هذا المقال هو التحدث عن " الشبهة " التي باتت تشكل رهاباً مفزعاً مقلقاً للنظام السوري ، وتشكل ارتباكاً وتناقضاً في تلقي منعكساته على سلوكه وردود أفعاله . فهو في الوقت الذي يكابد فيه من " الشبهة " على يد ميليس ويكرهها ، تشكل جزءاً أصيلاً من تكوينه السادي ، وقد مارسها على مدار ثلاثين عاماً كقاعدة للتعامل مع الشعب وكمسوغ للإعتقالات والتصفيات السياسية والجسدية لمن اعتبرهم " مشبوهين " في العداء لسلطته وا ستبداده .

وقد دفع ثمن تعاطي النظام السياسي والقمعي مع الشعب على قاعدة " الشبهة " الآلاف من المواطنين ، الذين اعتقلوا على " الشبهة " .. وعذبوا على " الشبهة " .. وكان مصيرهم السجن " الشبهي " الذي دمر أثمن سنوات حيواتهم . والأكثرإثارة وتعسفاً في هذا السياق أن الذين حصلوا على أحكام ببراءتهم ، من قبل المحاكم العسكرية الميدانية الأشد قسوة وظلماً في القضاء الإستبدادي ، مما وجهت إليهم من إتهامات ، فإن الأجهزة الأمنية التي اعتقلتهم سابقاً رفضت الإفراج عنهم وا ستمرت باعتقالهم على " الشبهة " سنوات مديدة أخر

ومن الواضح ، ان " الشبهة " حسب منطق النظام وممارساته السادية ، تعني الكثير الذي هو أدرى به ، فهي لاتقل وطأة عن الإتهام المقرون بالبينة ، وقد تودي بمن يقع في شباكها إلى دفع ثمن مجاني ظالم ، سيما إذا اقترنت هذه الشبهة بالكيدية والمصالح الجشعة . ولهذا يسعى النظام ، هنا وهناك ، في الداخل والخارج ، لتسييس " الشبهة " حتى الحد الأقصى ، ليتقي التهمة وتداعياتها

على أية حال ، إن النظام في مجال المحاسبة ، في هذه ألظروف ، مازال محظوظاً . فهو يستطيع أمام محاسبة ميليس المكلف من قبل مجلس الأمن الدولي ، أن يتمسك بدعوى التسييس ودعوى تصفية حسابات شرق أوسطية ، ويمكنه أمام ساعة الحقيقة العربية والدولية أن يساوم ويناور للحصول على تفاهمات مهادنة ، لكنه بماذا سيتمسك أمام ساعة الحقيقة أمام قاض سوري عادل يكلفه الشعب السوري لرد المظالم إلى أهلها .. من معتقلين ومفقودين وأرامل وأيتام ومنفيين . . إذ هنا لامجال لإدعاء " الشبهة" وأخواتها .. ولامجال لتسييسها .. ولا للمطالبة بالأدلة للتسليم بأحقية التحقيق والتطبيق .. إذ أنه في هذا المشهد هو الشاهد على نفسه والأدلة هي سياساته وقراراته وأجهزته وقوانينه اللادستورية واللاقانونية واللإنسانية

فعلاً .. كم هي ثقيلة وبشعة وظالمة تلك الكلمة " الشبهة " التي توصل الإنسان البرئ في عهود الاستبداد " الوطني " أو الدولي إلى الفناء خلف القضبان .. أو إلى حبل المشنقة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. دمار في -مجمع سيد الشهداء- بالضاحية الجنوبية للعاصمة اللبنان


.. انفجارات تهز بيروت مع تصاعد الغارات الإسرائيلية على الضاحية




.. عسكريا.. ماذا تحقق إسرائيل من قصف ضاحية بيروت الجنوبية؟


.. الدويري: إسرائيل تحاول فصل البقاع عن الليطاني لإجبار حزب الل




.. نيران وكرات لهب تتصاعد في السماء بعد غارات عنيفة استهدفت الض