الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أين مجلس حقوق الإنسان من اليمن؟

نزار بدران

2016 / 1 / 7
مواضيع وابحاث سياسية


أين مجلس حقوق الإنسان من اليمن؟
نزار بدران
تتعالى الأصوات من جديد لفضح الجرائم ضد المدنيين التي ترتكبها قوات التحالف العربي بقيادة السعودية باليمن ضد المدنيين، وقد أعرب قبل بضعة أيام زيد رعد الحسين، المفوض الأعلى لمجلس حقوق الإنسان، أمام مجلس الأمن عن خطورة هذه الانتهاكات والتي تُشكل اغلبية إجمالي الانتهاكات المُمارسة باليمن، مع آلاف القتلى المدنيين ومئات آلاف المُشردين والمُهجرين.
قبل ذلك قامت منظمات دولية مثل human world watch ومنظمة العفو الدولية بالتنديد بتلك الانتهاكات، مُتهمة السعودية بتحديد أهداف مدنية قصداً، وليس فقط كخسائر جانبية. يُضاف لذلك الحصار الخانق الذي يفرضه التحالف على منافذ اليمن، علماً أن 90% من حاجات البلاد من الغذاء والطاقة يُستورد من الخارج، وهذا ما أدى إلى تجويع المواطنين وهو ما يرتقي إلى مفهوم جرائم حرب بحسب تقارير هذه المنظمات.
تقدر أيضاً هذه المنظمات بأن 80% من السكان بحاجة لمساعدة إنسانية عاجلة، يُضاف لذلك 15 مليون يمني، أصبحوا بدون عناية طبية مع تدمير البُنية الصحية ومنع دخول المواد الطبية، 20 مليون بدون ماء صالح للشرب، مما يؤدي لتزايد الأمراض المُعدية، كشلل الأطفال أو الإسهال الحاد.
وتفضح مؤسسة hww بتقريرها بتاريخ 17 نوفمبر، انتهاكات التحالف العربي للقانون الدولي واتفاقيات جنيف، وتتهم واشنطن بإغماض عينيها عن ذلك، بالإضافة لبيع أمريكا للسعودية كمية كبيرة من القنابل المُوجهة بالليزر للاستعمال باليمن تُقدر ب 19 ألف قنبلة، قيمتها 1.3 مليار دولار.
لم يتمكن مجلس حقوق الإنسان، اتخاذ قرار لإقامة لجنة تحقيق للانتهاكات المذكورة، كما كان قد طرح هو نفسه ذلك، بشهر أيلول لعام 2014 في قرار رقم 19/27، والذي كان يهدف لإقامة هذه اللجنة للتحقيق بكل الاتهامات منذ بداية الثورة اليمنية السلمية عام 2011، خصوصاً بعد مجزرة "جمعة الكرامة" بتاريخ 18/3/2011، والتي نفذتها قوات علي عبد الله صالح آنذاك، مؤدية لمقتل 45 متظاهراً. وانتهاكات الحوثيين بحصارهم وقصفهم العشوائي للأحياء المدنية بتعز وعدن وغيرها، بهدف الإرهاب.
قدمت هولندا مشروع قرار لمجلس حقوق الإنسان، للتحقيق بهذه الاتهامات، ولكنها اضطرت لسحبه بنهاية شهر أيلول الماضي، بسبب شدة الضغوطات السعودية، وغياب الدعم لها من الدول الأساسية، مثل الولايات المُتحدة وبريطانيا. وكانت الحكومة اليمنية الحالية، قاطعت الجلسة المُخصصة لذلك، بدورة المجلس الأعلى لحقوق الإنسان.
المجموعة العربية لدول التحالف، بدعم أمريكي، قدمت مشروعا بديلا، يُطالب فقط بدعم تقني، بدون أي تحقيق حقيقي مُستقل، بتلك الانتهاكات.
لماذا هذا الخوف، من إقامة لجنة مُستقلة للتحقيق، بانتهاكات طرفي النزاع باليمن، التحالف والحوثيين، علماً أن المجلس يقوم بشكل دوري بتحقيقات في مناطق النزاع المُختلفة بالعالم؟، بكل تأكيد ذلك راجع لفظاعة الانتهاكات المُمارسة، من قِبل دول التحالف المدعومة امريكيا، والذي يؤكد المفوض الأعلى لمجلس حقوق الإنسان، أمام مجلس الأمن، أنها تُمثل حوالي ¾ الانتهاكات المُوثقة.
الأطراف المُتنازعة باليمن، لا تُدافع عن أي مطالب جماهيرية، وإنما فقط عن مصالح طائفية، أو مصالح أنظمة، فثورة الشعب اليمني السلمية لعام 2011، والتي استطاعت بدون اللجوء للعنف، إلى إنهاء النظام السابق، وتنظيم أول انتخابات ديمقراطية حقيقية بالبلاد, لم يكن من المُمكن أن يُقبل ذلك من دول ذات أنظمة استبدادية وشمولية، قامعة للحريات، مُستحوذة على ثروات الأوطان، لهذا حركت إيران، أتباعها من الحوثيين المحسوبين على الطائفة الشيعية، ضد الثورة، مع أنهم في البدء كانوا جزءً منها، وشاركوا بحواراتها، ثم تحالفوا مع الرئيس السابق، علي عبد الله صالح. فعلت إيران ذلك بسوريا مع حزب الله، أو العراق مع مليشيات فرق الموت التابعة لها.
السعودية ودول الخليج، لم تكن هي أيضاً لترى بعين من الرضى، أي انتقال ديمقراطي سلمي، بأي بلد عربي، حتى لا يكون مثالاً يُحتذى به، خصوصاً في اليمن، أقرب الجارات إليها، فاستحوذت بشىء من الذكاء التكتيكي، على مركز القرار اليمني، واستطاعت بذلك أن تظهر مُستغلة الاعتداء الحوثي على الثورة، كمن يُدافع عن اليمن، وحق الشعب بانتخاب حكومته، وهو ما يتناقض أصلاً مع المنطق، عندما نرى طبيعة الحُكم بهذه الدول، سلمية الثورة هي حقاً المُستهدفة.
التدخل السعودي "الصديق" للشعب اليمني، والتدخل الإيراني لدعم الحوثيين، أدى بالحقيقة إلى إدخال البلاد في أتون حرب، لم يطلبها الشعب ولم يكن بحاجة إليها.
المُتحاربان باليمن، أي دول الخليج وإيران، هما في الحقيقة يدافعان عن أنظمتهما، ضد خطر انتشار عدوى الحرية إلى شعوبهم، وليس للدفاع عن الأقلية الحوثية ومصالحها، والتي هي نفس مصالح الشعب اليمني، ولا الدفاع عن الشعب اليمني والديمقراطية، وفاقد الشىء لا يُعطيه، نأمل أن يتمكن مجلس حقوق الإنسان من مُمارسة عمله بحرية بعيداً عن الضغوط العربية والغربية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رحلة نجاح علي طيفور: كيف تغيرت حياته وتحقق أحلامه في عالم صن


.. عودة المعارك إلى شمال ووسط قطاع غزة.. خلافات جديدة في إسرائي




.. القاهرة نفد صبرها.. وتعتزم الالتحاق بجنوب إفريقيا في دعواها


.. ما هي استراتيجية إسرائيل العسكرية بعد عودة المعارك إلى شمال




.. هل خسرت روسيا حرب الطاقة مع الغرب؟ #عالم_الطاقة