الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بيض-سكر- شاي- وابور و كاز أبيض !

طلال ابو شاويش

2016 / 1 / 7
الادب والفن


بيض-سكر- شاي- وابور و كاز أبيض !
يحدثني الرجل الستيني المتكوم أمام منقل النار متسربلا بعباءة قرشية بلا لون : كانت الحياة القاسية قد عقدت صكا مع الشيطان ...عم الفقر المدقع حتى صار الحلم بكوب من الشاي ترفا يتجاوز كل الممكن...كنت أدرس للتوجيهي و داهمني التوق المرعب لكوب من الشاي !
هددت أمي : (إن لم تتدبري الأمر فسأضرب عن الدراسة !)
وأمام تهديدي القوي و أمام خشيتها على تلاشي أحلامها الوردية بمستقبل الأسرة بعد نجاحي انصاعت لرغبتي و أومأت باشارة –أعرفها تماما- من وجهها الطيب .
هرعت سريعا نحو ما نسميه افتراضا بالمطبخ...تناولت وابور الكاز الأصفر الذي طالما أتحفنا بسيمفونياته الجميلة صباحا...ثم تسللت إلى حوش الدجاج...التقطت وفقا ل(دراسة الجدوى) حينئذ ثلاث بيضات وهرولت نحو الدكان الوحيد في شارع اللجوء !
تناول البائع –الحاج الذي لم يحج- البيضة الأولى وصب في الوابور الأصفر الجميل كوبا من الكاز الأبيض ...ثم أخذ البيضة الثانية وكال لي في قرطاس ورقي كوبا كبيرة من السكر و مقابل البيضة الأخيرة منحني قرطاسا ورقيا أصغر من أعشاب الشاي !
أعدت أمي إبريقا صغيرا من الشاي ثم نشرت الأعشاب على قطعة قماش في الشمس ليعاد غليه مرة أخرى لاحقا...
لم أنم ليلتها...أمضيت ليلتي في الدراسة مستمتعا بمذاق الشاي الذي التصق بحلقي حتى الصباح !
يحرك الرجل الجمرات في المنقل و يطوي عباءته على صدره بحثا عن بعض الدفء ويكمل :
الأن...أرى الواحد من أبنائي يقضي وقته محدقا في شاشة جواله ...يقلب بأصابعه المصفرة من تبغ السجائر صفحات الأنترنت على حاسوبه الشخصي و يتابع بطرف عينه شاشة التلفاز ...يضع الجمرات بأناقة على رأس شيشته...يرتشف رشفات متتالية من (ماق ) الكوكتيل ثم يزفر قائلا :
-أف...حياة قرف في قرف...بدنا نهاجر !!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كلمة -وقفة-.. زلة لسان جديدة لبايدن على المسرح


.. شارك فى فيلم عن الفروسية فى مصر حكايات الفارس أحمد السقا 1




.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا


.. فنانون مهاجرون يشيّدون جسورا للتواصل مع ثقافاتهم الا?صلية




.. ظافر العابدين يحتفل بعرض فيلمه ا?نف وثلاث عيون في مهرجان مال