الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدائِرة الجهنمِية

امين يونس

2016 / 1 / 8
مواضيع وابحاث سياسية


ليسَ دِفاعاً عن صدام ونظامهِ الفاشي ... ولكن سَعي الكويت والسعودية ، عند إنتهاء الحرب العراقية الإيرانية في آب 1988 ، إلى زيادة إنتاج نفطهما وطرح المزيد من الكميات في الأسواق ، رغم طلب العراق وإلحاحهِ على عدم زيادة إنتاجهما مُؤقتاً ، وإفساح المجال للعراق الخارِج من حربٍ مُدّمِرة طويلة ، لزيادة إنتاجه وتصديره ، لتعويض بعض ما خّرَبَتْهُ الحرب .. لكن إصرار الكويت والسعودية ، على موقفهما ، الذي أدى عَملِياً ، إلى إنخفاض أسعار النفط أكثر .. كانَ موقفاً عدائياً صريحاً تِجاه العراق . وكان أحد أسباب ، تورطه في إحتلال الكويت .
دول الخليج ، كانتْ تخشى من الجيش العراقي الجّرار ، المُكتسِب لخبرةٍ كبيرة في حرب الثمان سنوات وتعرفُ أن مُغامرات صدام الحمقاء لاحدود لها ... فإشتركتْ في مُؤامرة خفض أسعار النفط ، بالتواطؤ مع الغَرب ، وإنجَرَ نظام صدام ، بِغباءٍ الى مصيدة إحتلال الكويت ، التي أرجعتْ العراق ، بنتيجتها ، عقوداً كثيرةً الى الوراء .
دول الخليج ، ولاسّيما السعودية ، تستخدم سلاح النفط كأداة ضَغط سياسي وإقتصادي .. وتفعلُ ذلك ، بالتنسيق والتفاهُم مع الغرب عموماً والولايات المتحدة خصوصاً ، وعلى الأغلَب فأن السعودية ، بِثُقلها الكبير في أوبك وتصديرها العالي ، هي التي تُساهِم في ( خَفض أسعار النفط ) ، إستجابةً لطلب الولايات المتحدة ، والهدف هو ، توجيه ضربات الى إقتصاديات دُولٍ مُنتِجة ومُصّدِرة للنفط ، تتقاطع مصالحها مع امريكا ، مثل روسيا وإيران وفنزويلا ... الخ .
المّرة الوحيدة ، التي إستخدمَتْ فيها السعودية " سِلاح النفط " ، بصورةٍ صحيحة ، في صالح المنطَقة وبالضِد من مصالح الغرب وإسرائيل ، كانتْ في 1973 ، أبان حرب تشرين ، حيث خفّضتْ إنتاجها بصورةٍ ملحوظة ، لعدة أسابيع ... فقفزَ سعر البرميل إلى مَدياتٍ غير مسبوقة ، مِما عّجَلَ حينها ، في إنهاء الحرب ، التي إنهزمتْ فيها إسرائيل لأول مّرة .
.................
من نافلة القول ، ان جميع الدول الصناعية في العالم ، تستفيدُ مُباشرةً من ( إنخفاض ) أسعار النفط ، ولا سيما اليابان وألمانيا وفرنسا وبريطانيا والصين والهند . أما الولايات المتحدة الأمريكية ، فلها وضعٌ مُنفَرِد ، فهي تربحُ في كُل الأحوال . فهي من أكبر مُنتجي النفط ، لكنها تستخدم نفطها محلِياً ، بل تستورد كميات كبيرة أخرى ، إستجابةً لمُتطلبات صناعتها الهائلة .
أكثر البُلدان تَضّرُراً من إنخفاض أسعار النفط ، هي البُلدان ذات الإقتصاد " الرَيعي " ، أي المُعتمدة أساسا على النفط . وجميع دول أوبك ضمن هذه الدول ، وحتى روسيا صاحبة التصدير الكبير ، تخسرُ كثيراً ، لأن نسبة مُهمة من إقتصادها يعتمد على واردات النفط والغاز . وبالطَبع فأن إيران ، المُنهَكة أصلاً نتيجة العقوبات السابقة التي كانتْ مفروضة عليها ، تتضرر أيضاً .
.................
روسيا ، تمتلك قاعدة صناعية جيدة ، وزراعة مُهمة لاسيما بالنسبة للقمح ، ومساحات شاسعة وموارد بشرية متعلمة ، تستطيع من خلالها جميعاً ، أن تصمدَ لفترةٍ معقولة ، أمام إنخفاض أسعار النفط والغاز . وإيران لها خبرة طويلة ، في مُجابهة الحصار والعقوبات ، وتمتلك مقومات ممتازة زراعية وصناعية ونظاماً يستطيع إدارة الأزمات بنجاح .
المُشكلة الكبيرة والعويصة ، هي مُشكلتنا نحنُ في العراق ، ببغدادهِ وأربيلهِ . فنحنُ من أكبَر الخاسرين ، في لُعبة أسعار النفط ، هذهِ اللعبة الخبيثة ، التي يُجيد ( الآخَرون ) لعبها ، ونحنُ ، بفساد حُكامِنا وغباء ولا مُبالاة جماهيرنا ، نتفرجُ ونحنُ نُذْبَح ... لا نفعلُ شيئاً وخزينتنا تفرَغ ... لا نقلب الدُنيا على رؤوس الحُكام الذين أوصلونا إلى هذا الدرك ... فبسوء تخطيطهم أو بالأحرى إنعدام التخطيط أصلاً .. وبفسادهم ونهبهم وجشعهم المُتناهي ... جعلونا من أفقر الشعوب وأكثرها عُرضةً لِمَهب الرِيح .
...................
العالَمُ يُطّوِر يومياً ، الكثير من البدائِل عن النفط والغاز ، ينتجونَ طاقةً نظيفة صديقة للبيئة ، في طيفٍ واسعٍ ، يمتدُ من الطاقة النووية مروراً بالرِياح ومساقِط المياه والشمس وصولاً الى القِمامة ... بعد عقودٍ قليلة ، لن تحتاج البلدان الصناعية ، إلى نفطنا وغازنا ، الذي نتباهى ، بأن لدينا خزيناً يكفي لمئة سنة قادمة .
................
متى سنتعلَم .. أن الغَرب يُخطِط ويرسم خارطة " الحروب " التي يجب أن تندلع في منطقتنا ، خلال السنوات القادمة .. والتي من خلالها ، نُبّذِر كُل مالدينا من أموال النفط والغاز ، في شراء الأسلحة منهم .. ناهيك عن تدمير المدن والمنشآت وقتل مئات الآلاف من البشر ، وتشريد الملايين ، الذين في حساب ، مُشعلي الحروب ، لاقيمةَ لهم ؟! .
هل سنحاوِل الخروج من الدائرة الجهنمية : النفط / الفساد ، مُخَطِطي ومُشعِلي الحروب / الدَمار والخراب ، أدوات إدامة الفتنة والأزَمات / الطائفية والتشدُد الديني ومن ينتج عنه من : قاعدة – داعش .. الخ ، مافيات الفساد المتحكمة والحاكمة / خنوع الناس وسلبيتهم ؟؟ .
لا بُدَ من وجودِ مَنفَذٍ للخروج من هذه الدائرة الجهنمية المُطبِقة علينا .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نقل جريحين برصاص الاحتلال الإسرائيلي في شارع القدس بنابلس


.. غارة إسرائيلية تستهدف سيارة ببلدة شعث بمنطقة البقاع شرقي لبن




.. توسع رقعة الحرب في السودان تتسبب بأزمة نزوح وجوع حادة


.. صحيفة إسرائيلية: احتلال غزة عسكريا لن يضمن أمن إسرائيل بل سي




.. آثار قصف إسرائيلي على مركز مساعدات تابع للأونروا وسط قطاع غز