الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قضاة التحقيق في العراق الاعداد النفسي والحقوق العامة.

أحمد فاضل المعموري
كاتب

2016 / 1 / 8
دراسات وابحاث قانونية


دور القضاء دور عظيم ومهم في حياة واستقرار الفرد في الوطن , وفق ما رسمه القانون والدستور لسنة 2005. وعندما نأخذ موضوع الاعداد النفسي للسادة القضاة فأننا نحدد السادة قضاة محاكم التحقيق ,لما لهذا الموضوع من حساسية وأهمية كبرى في حياة وحريات المواطن الخاصة والعامة ,وتأثيرهُ المباشر على أعمال ومهنة المحامي وبالتالي تأثيرها على الموكل وحقوقه وحرياته , أن القرآن الكريم اشار في سورة ص أية 22(...,فَاحْكُم بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَلَا تُشْطِطْ,...) وهي بمعنى لا تبالغ في الظّلم والبُعْد عن الحقّ ,وكذلك ما جاء في الآية الكريمة ص22(...,فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى,...) هوَى الشَّخصُ : مال وحنَّ , والهوى هو ميل النفس إلى الشيء , ويقول الإمام علي (ع). أشجع الناس من غلب هواه . والانتصار على النفس الانسانية يجب أن تكون بعيدة عن التأثر في موضوع القضاء والعدل ,لأهميته في حقوق وحريات الناس.
أن العامل النفسي يلعب الدرجة الاولى في شخصية القاضي واصدار قراره في القضية وتعامله مع المحيط الوظيفي المحاكم (المحامي والموقوف )والعوامل الأخرى التي تلعب الدور المكمل في عمله اليومي ,منها الخبرة والاعداد المهني والتوجيه الوظيفي من قبل مجلس القضاء الاعلى ,أن علاقة القاضي بالمحامي علاقة متأزمة بين الاثنين ,ووجود توتر دائم فهي علاقة جافة , لعدم وجود المرونة المطلوبة بين القاضي والمحامي, الا ما ندر والسبب عدم وجود المقياس الوظيفي في المعاملة الصحيحة , لوجود الخلل من قبل القاضي في معاملة طلبات المحامي وهي طلبات قانونية مشروعة أو اصولية والتي يتم التعامل معها وفق الحالة النفسية للقاضي ونستطيع تعليل هذا الخلل بوجود كم هائل من القضايا التي ينظرها قاضي التحقيق ومطلوب منه تحقيق قرار فيها يومياً ,مما يسبب الارق والتوتر المستمر للقاضي ,وهذا ينعكس على المتهم بالدرجة الاولى والمحامي بالدرجة الثانية وتمس بالحريات العامة.
عندما نأخذ الحالة النفسية التي ترافق قاضي التحقيق في أداء عمله الوظيفي ,والانفعالات الشخصية والمهنية في اتخاذ القرار بأطلاق سراح المتهم أو تمديد موقوفيته أو رفض الطلب, وهي من القرارات العادية اليومية بحكم القضايا المعروضة عليه ,فأن نفسية ومزاجية القاضي تتأثر بالحالة العامة كمواطن ,ولكن تضاف اليها أعباء الوظيفة والادوار التي يمر بها خلال ساعات جلوسه الطويلة في محاكم التحقيق والملل الذي يصيبه من هذه الانفعالات لأبسط الاشياء و تتناسب طردياً مع عدد القضايا المعروضة عليه عند نظرها ,والتشكي من هذه الحالة أو التذمر منها . وبالتالي انعكاس هذه الانفعالات على اتزانه وظهور الغضب والتعصب في قراراته وتعامله ضد القضية وأوراقها أو ضد المحامي كخصم نتيجة المقارنة بين الحالة المعروضة عليه ونفسه أو الاحساس بالقيود الوظيفية ,مما يفقده صفة الحياد وهذه سلوكيات وعادات نلاحظها عند بعض قضاة التحقيق, فيأخذها كإجراء في ممارسه اعماله الوظيفية المعتادة ,وتوثر على حقوق وحريات المواطن . وهي تشخص حالة معاكسة للعلاقة الموجودة بين المحامي وقضاة محاكم البداءة أو قضاة محاكم الاحوال الشخصية وهي علاقة مهنية ودية وطبيعية وتعاون مشترك ,من دون تأزم في العمل الوظيفي من اجل الحق ,وتطبيق القانون ,لا غير, فلماذا تكون العلاقة متوترة بين المحامي وقضاة التحقيق ؟ نتسأل فلا نلقي جواب شافي غير اننا نشخص هذه العلاقة نتيجة الخلل في الاعداد المهني والوظيفي في معهد القضاة أولا ومجلس القضاء الاعلى ثانيا ,والذي يأخذ على عاتقه مهمة الاعداد خلال السنتين المهمتين في مسيرة أعداد الطالب والذي يصبح بعدها قاضي ومن ثم يتم تنسيبُه الى محاكم التحقيق مباشرة ليتدرب ويمارس عمله الوظيفي ,نحن لا نقول كل قضاة التحقيق يمارسون او يتعاملون وفق هذا التعامل الخاطئ , وانما قسم منهم بعيدين عنها ويتصرفون بأتزان ,والقسم الاكبر يمارس هذه الادوار وفق هذه النظرة الغير صحيحة والغير طبيعية حتى ان كثير من المحامين والمحاميات قد هجروا مهنة التحقيق بسبب جفاء الحالة بين قضاة التحقيق والمحامي الوكيل القانوني .
أن اسباب هذه المشكلة الكبيرة والمستمرة في التعامل القضائي اليومي ,لم يتم معالجتها من قبل مجلس القضاء الاعلى او هيئة الاشراف القضائي بدراسة هذه الحالات ومعالجتها بتضمين منهاج عمل اعداد السادة القضاة للاختبارات النفسية بعد التخرج من المعهد القضائي أو بعد ممارسة العمل التجريبي للوظيفة وهو اختبار مهم وضروري تمارسه كثير من الدول المتطورة ,للحد من الممارسات الخاطئة في العمل القضائي من الذين لا يصلحون لهذه المهنة باعتبار القضاء من اشرف المهن واجلها مكانة في حياة الناس ,وحفظ الحريات والاموال وصيانة الكرامة. من قبل القضاء ,وزيادة اعداد قضاة التحقيق بشكل فعلي وملموس حسب الحالة الاستثنائية التي يمر بها المجتمع العراقي في زيادة الجريمة كماً ونوعاً وبتالي نحتاج الى اعداد من محاكم التحقيق لسد النقص وفق المهنية والخبرة وتطبيق القانون ,ان الاستقرار والارتياح النفسي مهم في العمل القضائي لأداء الواجب المكلف به كقاضي بضمير مرتاح ونفس مطمئنة بعيدة عن هذه الانفعالات والاهواء ,لتقرير حقوق وحريات المواطنين .
أن وجود الاحساس الخاطئ بالمكانة الاجتماعية والنظرة العالية التي يحس بها بعض قضاة التحقيق بممارسة دورهم الوظيفي, دون رصد أو مراقبة اعمالهم وتعاملاتهم هو خلل أداري يتحمله مجلس القضاء الاعلى , وترك الامر دون معالجات إدارية لعدم وجود نقد بناء من مجلس القضاء الاعلى للحد من هذه الافعال الغير صحيحة والمرفوضة لتقويم هذه الافعال وتحقيق عدالة قضائية عالية . أن كبر وظيفة القاضي الاجتماعية و منزلتهُ في السلم الوظيفي يجب أن تخضع للقانون وللجهة الادارية ضمن مجلس القضاء الاعلى والجهة الرقابية (الاشراف القضائي) لتقويم والحد من أي ممارسة توثر على مبدأ سيادة القانون وحقوق الانسان. أن شمول قضاة التحقيق بدورات نفسية وتقويمية للحالات الصحية لكل سنة قضائية ومعرفة تأهيلهم النفسي العام والوقوف على استعدادهم السليم للتحقيق القضائي في اعمالهم المكلفين بها باعتبار قضاة التحقيق هم اكثر تأثيرا وصيانة للحريات العامة والخاصة والحفاظ عليها أو تقيدها وهي مهمة في المجتمع للحد من هذه التبعات الخطيرة والممارسات .
ان معالجة موضوع الاعداد النفسي والمعنوي لقضاة التحقيق ومواكبة ما يدخل ضمن هذا الجانب المهم من تحديث وتطور في العالم يقع على عاتق السلطة القضائية (مجلس القضاء الاعلى ) باعتبارها المرجع الوظيفي لقضاة التحقيق والدور الرائد للأشراف القضائي وهي من مهمات الجسم الرقابي في السلطة القضائية , وتقع مسؤولية الرصد والتقويم كذلك على كل منظمات وجمعيات حقوق الانسان والجمعيات النفسية مدعوة بتقديم دراسة لحالات وتجارب عملية والاستفادة منها في القضاء العراقي .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أزمة المياه تهدد حياة اللاجئين السوريين في لبنان


.. حملة لمساعدة اللاجئين السودانيين في بنغازي




.. جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية في ليبيا: هل -تخاذلت- الجن


.. كل يوم - أحمد الطاهري : موقف جوتيريش منذ بداية الأزمة يصنف ك




.. فشل حماية الأطفال على الإنترنت.. ميتا تخضع لتحقيقات أوروبية