الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لجوء سياسي في ألمانيا

احمد البهائي

2016 / 1 / 8
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


تعاني مصر حقاً من مرض فتاك اسمه "انزلاق الذاكرة والتفكير والتصرف"، بفعل المتسلقين والمنتفعين والمبتذلين والسوقيين والمزايدين والمنافقين والشتامين، فهم معروفون بأسمائهم، إذ هل يعقل أن نائباً برلمانياً انتخب ديموقراطيا من خلال صناديق الاقتراع، يخرج على الملأ ويطلب اللجوء، محددا إياه بـ"السياسي" لفظاً ومكاناً، بحجة أنه يعاني من اضطهاد!

مع العلم أنه يُرى ويُسمع يوميا على القنوات الفضائية، وفي وسائل الإعلام كافة، فهؤلاء خفافيش الظلام، ومن هبطوا بمصر إلى القاع فكرياً وأخلاقياً وثقافيا وإعلاميا، ويريدون أن يأتوا على البقية السياسية والاقتصادية، فهؤلاء الجهلة لايعرفون أن طلب اللجوء في وسائل الإعلام والإفصاح عن البلد يلغي أحقية الطلب، وخصوصاً إذا كان سياسيا، والسفارات الألمانية لاتقبل طلبات اللجوء، ولا من تقدم بها، حيث يتم تقديم طلب اللجوء عن طريق المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، أو عند الوصول إلى المطارات أو الحدود الألمانية، ويختلف الأمر من ولاية إلى أخرى، ومن وضع إلى آخر، ومن الآن فصاعداً، لا يحق لمثل هؤلاء الحصول على تأشيرة الدخول للأراضي الالمانية بعد هذا الإفصاح.

ليس دفاعاً عن أحد، بل من أجل هيبة الدولة والقانون، علينا أن نعترف إذا لم يحاسب من انتهك الدستور والقانون، فهذا يؤكد أن مصر فيها مراكز قوى، وما كنا نخشاه أصبح واقعاً، أي أن يمتلك الثورة من يظن أنه يجيد فن الكلام، فهؤلاء يركبون قطار النفاق، وإن لم يجدوا مقعدا فيه يكفيهم التسلق وحجز مكان على سطحه، فالقطار كما هو ووجهته لم تتغير، فعربات القطار ظلت كما هي، والمقاعد مازالت صالحة للاستعمال.

هناك من يهاجم الشعب، ويصفه بالجهل والتخلف، لأنه أنصت واختار من بين هؤلاء من يمثله، فحقيقة الأمر أن الشعب المصري لم يكن أبداً كما يصفونه، بل هم لم يتعرفوا عليه جيداً، وننصحهم أن يقرأوه، ونقول لهم، ولكل من يريد أن يمثل ويعتلي قلوب المصريين، عليه أن يفهم الإنسان المصري، وجوهر شخصيته وطبيعته الثورية، ذلك الإنسان البسيط الذي يعتنق الاستقامة ويكفر بالالتواء والمداهنة، لأنها شخصية تعشق الحوار ومدمنة على التواصل، منتصبة لا تعرف الانحناء، مجاهرة بالحب أو العداء. وعليه ألا يكون مثل مفتش الري الإنجليزي "مستر بلاك"، كما صوّره لنا توفيق الحكيم في رائعته "عودة الروح"، وهو ينظر إلى المصريين قائلا: "لا أرى إلا أسراباً من ذوي الجلاليب الزرقاء!"، وقال "إنك تبالغ إذ تحسب لهؤلاء الجهلاء ذوقاً.. لأنهم ينامون مع البهائم فى حجرة واحدة".

ما قاله الحكيم يكشف معدن الشخصية المصرية، وخطورتها حين تثور، وكم تتحمل حين تقتنع وتبادلها الحب والاحترام، إذ قال في روايته نفسها: "نعم إن هذا الشعب الذي تحسبه جاهلا ليعلم أشياء كثيرة، لكنه يعلمها بقلبه لا بعقله. الحكمة العليا في دمه ولا يعلم. والقوة في نفسه ولا يعلم. هذا شعب قديم جىء بفلاح من هؤلاء، وأخرج قلبه تجد فيه رواسب عشرة آلاف سنة، من تجاريب ومعرفة، رسب بعضها فوق بعض، وهو لا يدري. احرم الأوروبي من المدرسة يصبح أجهل من الجهل، قوة أوروبا الوحيدة هي العقل. تلك الآلة المدودة التي يجب أن نملأها نحن بإرادتنا. أما قوة مصر ففي القلب الذي لا قاع له، ولهذا، كان المصريون القدماء لا يملكون في لغتهم القديمة لفظة يميزون بها بين العقل والقلب. العقل والقلب عندهم كان يعبر عنهما بكلمة واحدة هى القلب. أمة أتت في فجر الإنسانية بمعجزة الأهرام لن تعجز عن الإتيان بمعجزة أخرى، أو معجزات. أمة يزعمون أنها ميتة منذ قرون، ولا يرون قلبها العظيم بارزاً نحو السماء بين رمال الجيزة! صنعت مصر قلبها بيدها ليعيش الأبد. تلك العواطف التي كانت تجعل من هذا الشعب المصري كله فرداً واحداً، يستطيع أن يحمل على أكتافه الأحجار الهائلة عشرين عاماً ليبني الهرم، وهو باسم الثغر مبتهج الفؤاد، راض بالألم فى سبيل المعبود. إني لموقن أن تلك الآلاف المؤلفة التي شيدت الأهرام ما كانت تساق كرهاً كما يزعم "هيرودوت" الإغريقي عن حماقة وجهل، وإنما كانت تسير إلى العمل زرافات، وهى تنشد نشيد (المعبود)، كما يفعل أحفادهم يوم جنى المحصول. نعم، كانت أجسادهم تدمى، لكن ذلك كان يشعرهم بلذة خفية، لذة الاشتراك فى الألم من أجل سبب واحد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نادين الراسي.. تتحدث عن الخيانة الجسدية التي تعرضت لها????


.. السودان.. إعلان لوقف الحرب | #الظهيرة




.. فيديو متداول لحارسي الرئيس الروسي والرئيس الصيني يتبادلان ال


.. القسام: قنصنا جنديا إسرائيليا في محور -نتساريم- جنوب حي تل ا




.. شاهد| آخر الصور الملتقطة للرئيس الإيراني والوفد الوزاري في أ