الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كوريا الشمالية والسعودية: مقارنة

ناجح شاهين

2016 / 1 / 8
مواضيع وابحاث سياسية


كوريا الشمالية والسعودية: مقارنة
ناجح شاهين
السعودية بلد ديكتاتوري، وكوريا الشمالية بلد ديكتاتوري. السعودية بلد يعيش على الأيديولوجيا وكوريا بلد يعيش على الأيديولوجيا. عدد السكان متقارب: كوريا 25 مليوناً، والسعودية 28 مليوناً. أما المساحة فمتباينة جداً: كوريا 120 ألف كم، بينما السعودية أكثر من 2 مليون كم. بالطبع لا مجال للمقارنة بين ثروة السعودية التي تعوم على بحر من النفط، وبين كوريا التي لا تملك شيئاً من الثروات، وتعيش حصاراً متصلاً منذ سبعين سنة.
منذ يومين قامت كوريا باختبار نووي هو السادس منذ العام 2006، لكن ما يميز هذا الاختبار هو أنه يقود كوريا نحو امتلاك السلاح الهيدروجيني الرادع بشكل متفوق تماماً قياساً إلى أي سلاح آخر. يقدر الوزن التدميري للقنبلة الهيدروجينية بثلاثة آلاف ضعف القنبلة الذرية، وهذا بالطبع يوفر بالضبط ما قصده التلفزيون الكوري من قوة رادعة للجميع وخصوصاً الولايات المتحدة حتى لا تفكر في العدوان على الشعب الكوري أبداً.
ربما يذكر القارئ قبيل احتلال العراق في العام 2003 أن الكثير من الضجيج المتصل بكوريا قد ترافق مع الإعداد لاحتلال العراق، وفي حينه نذكر أننا كتبنا تحت عنوان "كوريا ليست كالعراق" أن كوريا لن يمسها سوء بالضبط لأنها تمتلك السلاح النووي الرادع، أما العراق فسوف يدمر، بالضبط لأنه لا يملك الردع، وذلك خلافاً للادعاء الوقح والكاذب بأنه يمتلك أسلحة الدمار الشامل.
استدعى التفجير التجريبي الكوري ردة فعل هستيرية من الاتحاد الأوروبي و "الأمم المتحدة" والولايات المتحدة، وكندا والدولة العبرية وربما السعودية. وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة لا تتوقف عاماً واحداً عن التجارب النووية، وأن تفجيرها العام الماضي كلف مالاً يزيد على الميزانية العسكرية الكورية كلها، إلا أن العالم "الحر" منزعج عن بكرة أبيه لما حدث في كوريا. تعرفون، لا بد من عالم خال من الأسلحة النووية أو الأسلحة كلها باستنثاء العالم الديمقراطي الحر ومن ضمنه "إسرائيل"، هؤلاء من حقهم التسلح دون إبداء أسباب.
كوريا بلد فقير، و"متخلف" اقتصادياً وعلمياً، بينما القنبلة الهيدروجينية سلاح معقد تماماً قياساً إلى الذري، ولكن الكوريين تمكنوا من الوصول إليه في ظل الحصار التام. وحتى الصين الشعبية ذاتها لا تتعاون مع كوريا منذ وقت طويل. ولعل مما يستحق الذكر هنا أن الحرب "الإسرائيلية" الفاشلة على لبنان في العام 2006 كان قد سبقها قيام الكوريين بتدريب عناصر من حزب الله على طرق حرب الشعب، ويعتقد أيضاً أن الجيش السوري يتلقى منذ بعض الوقت تدريبات من قبل خبراء كوريين. ولا يخفى على أحد أن أداء حزب الله في العام 2006 كان ناجحاً بكل المقاييس.
سوف يأتي يوم تتحد فيه كوريا الشمالية بشقيقتها الجنوبية، لا نعرف متى أو كيف على وجه الدقة. لكن ذلك سيقود إلى ولادة دولة عظمى مكتملة الأركان: قوة عسكرية شامخة في الشمال، وقوة اقتصادية منافسة من الجنوب. وهكذا يكون لدينا صين أخرى في آسيا. هل نقارن ذلك بما يحدث في السعودية؟
تسجل السعودية معدلات نمو أسطورية بالمقارنة مع الدول الأخرى وباستعمال الكثير من المحكات: معدل الأعمار، والوفيات بين الأطفال، واستخدام الانترنت، والناتج القومي، ودخل الفرد...الخ الخ وربما بإمكاننا أن نذكر استخدام المحرضات الجنسية من قبيل "الفياغرا" و "لافيترا". لكن لا يوجد صناعة ولا زراعة ولا علم ولا تعليم. وقد لاحظت "اليونسكو" أن نظام التعليم السعودي ضمن الأسوأ عالمياً، وكذلك البحث العلمي والإبداع الفني ...الخ وقد بدأ النفط يذوي قبل الزمن المتوقع بكثير. فقد كان متوقعاً أن يهبط النفط استراتيجياً في العام 2030 لكنه هبط بالفعل منذ سنتين، ويبدو أنه لن تقوم له قائمة، خصوصاً بعد أن سمحت الولايات المتحدة ذاتها بتصدير النفط الأمريكي الخام، وهو شيء لم يحدث منذ العام 1973. وهذا يشكل رسالة واضحة: إن عصر النفط قد انتهى بالفعل، ولولا الثورة الصناعية الصينية الهائلة لتوقفت الشركات بالفعل عن استخراج النفط الذي يستعاض عنه حالياً بألف طريقة وطريقة.
الفرق الجوهري بين السعودية وكوريا هو فرق في الطبقة السياسية والأيديولوجيا التي تحملها: واحدة تتمتع ببيعنا قيم القرون الوسطى وتعيش على ريع النفط وتتمتع بحماية النظام العالمي بقيادة الولايات المتحدة، وواحدة تقوم بالبناء المعتمد على الذات وتعلي من شأن قيم الاستقلال والكفاح ورعاية العلم على الرغم من ضيق ذات اليد. السعودية بدلاً من التجارب العلمية الذرية والهيدورجينية أو الأقل منها، تنفق المال بسخاء على "المطوعين" وقنوات التحريض الجنسي من طائفة "روتانا" وأخواتها. ومن الطريف أن هذه القنوات تضم كل ما يلزم من قيم السعودية، ومن ذلك دعاياتها التي لا تكل ولا تمل حول "علماء" الرقية الذين يبعدون عنك الجن، والعجز الجنسي، ويوفقون بين الأحبة، ويغيرون مصيرك الاقتصادي والأكاديمي، فقط عبر اتصال هاتفي مع العالم الذي يقدر على كل شيء. هذا بالضبط هو جوهر المشروع السعودي: المحافظة على جهل المواطن حتى آخر لحظة بانتظار بيع آخر برميل من النفط ووضع ريعه في حساب العائلة المالكة في شمال أوروبا. سلامتكم، ليس هناك من مشروع سياسي ولا غيره، ولذلك لا غرابة في استخدام ما أمكن من سبل إلهاء المواطن عن همومه الحقة عن طريق اختراع أعداء أسطوريين من قبيل الشيعة، والجن، واليمن، وقائمة من الأعداء ليس بينهم الاستعمار العالمي ولا تحديات البناء العلمي والاقتصادي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مقال تعيس وبائس
ملحد ( 2016 / 1 / 8 - 20:01 )
مقال تعيس وبائس واستغرب لنشره على الصفحة الرئيسية!
اقتباس: ( ....قيام الكوريين بتدريب عناصر من حزب الله على طرق حرب الشعب.....)

تعقيب: الطيور على اشكالها تقع فكلاهما مؤدلج ودكتاتوري وارهابي.....

اقتباس: ( الفرق الجوهري بين السعودية وكوريا هو فرق في الطبقة السياسية والأيديولوجيا التي تحملها: واحدة تتمتع ببيعنا قيم القرون الوسطى.......)

تعقيب: نفس الكلام ينطبق على نظام الملالي في ايران وصنيعته الذي يسمى حزب الله. فكلاهما ذات ايديولوجبة اسلامية ويبيعون قيم العصور الوسطى.
فلماذا تكيل بمكيالين??!!

اخر الافلام

.. ترامب يحصل على -الحصانة الجزئية- ما معنى ذلك؟ • فرانس 24


.. حزب الله: قصفنا كريات شمونة بعشرات صواريخ الكاتيوشا ردا على




.. مشاهد من كاميرا مراقبة توثق لحظة إطلاق النار على مستوطن قرب


.. ما الوجهة التي سينزح إليها السكان بعد استيلاء قوات الدعم على




.. هاريس: فخورة بكوني نائبة الرئيس بايدن