الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الخروج من القفص

حسن الغبيني

2016 / 1 / 8
الادب والفن


الخروج من القفص
قصه قصيره حسن الغبيني
الساعة الجدارية تزحف نحوي زحف عفريت هرم... انها تريد ان تبتلعني .. تك .. تك .. تك.. وتهشم روحي، ثقل هائل يهبط على راسي ، كيف يمكن ان اتخلص من هذا الثقل ؟ ..تك ..تك ..تك ...، رأيتني ضائعا" ، وبحركة غير ارادية وجدت نفسي اهوي بقبضتي على تلك الساعة .. توقفت عجلات زمني ، تمزقت احشاؤه ، وتناثرت كتلا بليدة محطمة ، تجثو على الارض ، تنفست الصعداء ، انطلقت صرخة من اعماقي " لقد قتلت الزمن" ساد سكون عميق ، الوجوه تراقبني ، ضحكت بهدوء ، بعد ان امعنت النظر بهؤلاء الذين يحيطون بي، قلت لهم " قتلت الزمن " انه يمنعني من التحليق في عالمي الاسطوري... فعالمي لايؤمن بالزمن . استدعاني المدير ، اخذ يثرثر بكلام لا افهمه ، لم اكن اصغي اليه، فقد كنت مسحورا" بعالمي الجديد .. ( كانت الرغبة تحدوني على التوحد مع اجوائه) ، ختم المدير حديثه ، الطويل وقال لي : خذ اجازة ، فاعصابك متعبة . راجع طبيبا" ، عرفت ان المدير لايفهم من عالمي شيئا" ، لانه عالم بعيد عن عالم المدير والارقام والاشارات المرورية والسيارات . الاخرون ينظرون لي بوجوم وخوف ، عرفت ان الحادثة تركت اثرا" في داخلهم ، بينما انا اتسامى في عالمي ، احسست به يقترب مني يتوغل في جسدي ، يدخل مسامات جلدي ، اردت ان احلق في اجوائه ، شعرت بثقل حذائي ، انه يسد مسامات جلدي ، يعوق حركتي ، فخلعت الحذاء ورميته من الشباك غير ان مااثارني اني وجدت الحذاء امامي، كان بيد رجل واجم الوجه ، يريد ان يفترسني واحسست ان عيونه تتوهج وتريد الانفجار . لم افهم ماذا يريد مني؟ اذن انا لست بحاجة الى هذا الحذاء ، لكنه ظل يتكلم بشئ لاافهمه ، لم اسمع منه سوى تلك الكلمات التي ترن في راسي (( كيف يمكن ان تسمحوا لمثل هؤلاء الحمقى ان يعملوا في دوائر الدولة؟ )) ثم صفع الباب وخرج ، استدعاني المدير مرة اخرى . قال لي : "عد الى بيتك، انت مجاز ، الم تفهم معنى الاجازة ؟" قلت له انا لم اطلب اجازة ، لست بحاجة اليها ، عجبت من صلف المدير ، انا لم اشكُ اليه ، لم اقل له اني تعب ، اذن لماذا يفرض على هذا الامر ، وتساءلت : لماذا يحشر الاخرون انوفهم في اتفه الاشياء ؟ انهم فضوليون يحاولون ان لا يفهموا عالمي ويمنعوني من التحليق في اجوائه ، انهم يتهامسون ضدي ، يكدرون صفوي ، في الليل يرسلون " زنابيرهم " الحمراء كي تلسعني ، توقظني ، وتمنع عني النوم ، ليس من حقهم ان يمنعوني من الدخول الى الدائرة ، الدخول اليها من حقي ، لم استطع ان انام ، الآخرون يطاردونني ، يمنعوني من الولوج في عالمي الجميل، وجدت نفسي امام الدائرة ، هممت بالدخول لكن احدهم منعني ، قلت له : " اريد ان اقابل المدير" ، قال " عد غدا" وقابله " من حقي ان اقابله لماذا تمنعني ؟ انهم يرسلون لي " زنابيرهم " الحمراء تلسعني تحرمني من النوم حتى لاادخل الاسطورة " – قال " من هم ؟ قلت الآخرون ، اين هم – انهم هنا يعيشون في الاضابير ويأكلون الورق ( لكنه طردني وصفق الباب في وجهي ) . سمعت كلماته التي ظلت ترن برأسي ، " ايها الاحمق الاتعرف بأن هذا اليوم هو يوم الجمعة " ، واشاح بوجهه عني وراح يتماوج ، مثل تمساح يدخل حفرته . صممت على الدخول الى المدير كي اشكو اليه الآخرين ، دخلت مكتبه مسرعا" في الصباح ، قلت " انهم يرسلون لي ( زنابير ) حمراء تأز قرب راسي وتلسعني و تمنعني من النوم " قال " اين هم ؟ " قلت " في الدائرة يعيشون في الاضابير ويأكلون الورق." " الم اقل لك انت مجاز ، اذهب الى بيتك ، لماذا عدت ؟ ارتح ان اعصابك متعبة " ، بينما هو يتكلم كنت لاافهم مايقول ، نظرت الى رأسه الاصلع لاحظت شيئا مايكبر وينتفخ في قمته ، صار كالكرة ، خرجت عيونه وراحت تحلق في فضاء الغرفة انها تطنطن ، تفترب مني وفجاءة انبثق ( زنبور ) من تلك الكرة المنتفخة في رأسه ، انه احمر يئز .. صرخت انت احدهم ورحت اهجم عليه ، انت احدهم نعم ، انت الذي ترسل ( الزنابير) كي ... تلسعني وتمنعني من النوم، انتفض المدير من مكانه ، بينما راحت الزنابير تهجم علي انها (زنابير ) حمر تئز في رأسي وجدت نفسي خارجا،رحت اشكوه الى المدير العام ، شعرت برغبة عارمة في التوحد في ذلك الصحو الرائع ، شيء يجذبني اليه . دخلت غرفة المدير العام لم يمنعني احد، كانت غرفة كبيرة ، داخلها رايت منضدة مستديرة ، شيئا مركونا وسط المنضدة . ماان ينتهي من مكالمة هاتفية حتى يبدأ بأخرى جديدة وينتقل من هاتف الى اخر ، قلت له : " المدير يرسل لي (زنابير )... تلسعني وتمنعني من التوحد مع عوالمي ، لم يصغ لي انه مشغول بالأرقام والحسابات والاشارات ، فهمت عالمه . انه يختلف عن عالمي ، احسست برغبة التخلص من هذا الثقل الذي يجثم علي حياتي ، شعرت بربطة العنق وهي تخنقني وتمنعني من التحليق في عالمي ، نزعتها ورميتها جانبا ، بينما ظل مشغولا بأرقامه الحسابية، احسست بشئ يسري في مسامات جلدي ، ويثقل ملابسي ، خلعت سترتي ورميتها ، انطلقت خارجا كي اتنفس هوائي واتخلص من هواء الغرفة الدوخ الذي سمم حياتي كل تلك السنوات شعرت بالابتهاج وانا احلق في عالمي الاثيري ، هذا الذي انتقلت اليه مؤخرا. كنت مبتهجا وادركت اني اعيش في وهم ، وهم كبير هيمن علي اذ كان يجب ان ادخل هذا العالم منذ عشرين سنة ، رحت احلق بعيدا" .. بعيدا في هذا الصحو الجميل واخذت ازفر بقوة... ازفر ماامتلات به رئتي مخلصا اياها من ذلك الغبار اللزج (زنابير) مسعورة وهي تحوم مصطدمة بحيطان الغرفة الملساء عندئذ احسست اني امزق ذلك العالم بعملي .. وامتزج بعالمي الجديد اتشبع منه واتسامى معه ، اطلقت ساقي للريح مخلفا ورائي كل شئ ، ركضت في عرض الشارع حيث تراءت لي عوالمي الاثيرية واضحة ......

1993








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مت فى 10 أيام.. قصة زواج الفنان أحمد عبد الوهاب من ابنة صبحى


.. الفنانة ميار الببلاوي تنهار خلال بث مباشر بعد اتهامات داعية




.. كلمة -وقفة-.. زلة لسان جديدة لبايدن على المسرح


.. شارك فى فيلم عن الفروسية فى مصر حكايات الفارس أحمد السقا 1




.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا