الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السوريون بين الشتيمة والنميمة !

هبةالله الذهبي

2016 / 1 / 9
مواضيع وابحاث سياسية



إلى لبنان عام 2014.. مطار بيروت الدولي .. في زيارتي الأولى إلى هناك بعد حدوث الأزمة السورية لاستقبال أحد الأقارب ,جلست منتظرة ستين دقيقة إضافية وصول الطائرة المتأخرة , خلالها تم استدعائي من قبل موظف أمن المطار اللبناني , توجهت إلى مكتب المسؤول الأمني فبادرني مُرحباً ليطلب مني إبراز وثائقي الشخصية ,ويطلق الأسئلة عن أسباب تواجدي في المطار, فقرأت بعض الدهشة مرسومة على وجهه عندما سمع أنني سورية الأصل , تابعنا الحديث إلى آخره ليقول لي قبل مغادرتي : هل حقاً أنت سورية ! اعتقدنا أنك من بلد أوروبي ... بالله عليك لاتقولي أنك سورية !!
فأجبته بابتسامة بسيطة: نعم أنا سورية. وبعد عودتي إلى قاعة الإنتظار , أثيرت بعض التسائلات عن هذه الفتاة الجالسة ..ليشيع الخبر أني سورية , وبالرغم من أنني كنت جالسة برفقة كتابي , تبادر إلى أسماعي العديد من الشتائم مخصصة إلى السوريين , لكنني لم أتكبد عناء رفع ناظري عن كتابي إلى هؤلاء الأشخاص , و بعدها وقف أمامي مجموعة من الرجال متبادلين همسات الثرثرة التي لا تليق بهم متجاهلة أيضا إياهم , لحين وصول وفد من الإيرانيين من ذوي الأذقن الطويلة , ليتبادر إلى أسماعي ضحكات من السخرية المتعالية حتى الوصول إلى حد قول أحدهم هؤلاء الإيرانيين يشبهون داعش .. يارب تدخل داعش دمشق ... ماذا سيحصل في دمشق إذا دخلت داعش , حيصل دمهم للركب وقتها ماذا ستفعل النساء المتحضرات كهذه ..يا حرام.
هنا أطلقت سؤالي السوريون في لبنان الشقيق شتيمة؟ أم نميمة ؟

بحسب احصائيات المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة لمنظمة الأمم المتحدة 1,16 مليون لاجئ سوري متواجدون على الأراضي اللبنانية بعد العام الخامس للأزمة السورية , في ظل ظروف معيشية بائسة ومتراجعة , مع تناقص الموارد وعمليات التمويل للأغراض الإنسانية لتصل لنسبة 57% فقط من الأموال اللازمة لدعم احتياجات المدنيين لعام 2014 بتأكيد منظمات إغاثية دولية , دفعت الكثيرين منهم إلى أعمال التسول وغيرها من الأعمال الخطرة في ظروف عمل غير آمنة ، التي قد تؤدي إلى إصابات عمل تصل إلى حد الوفاة إضافة إلى ارتفاع نسبة عمالة الأطفال السوريين . وكانت قد حددت الحكومة اللبنانية المهن والأعمال المحصورة باللبنانيين، والتي يمنع على غيراللبناني العمل فيها. مع بعض الاستثناءات البسيطة للسوريين، تاركة أمام العامل السوري المقيم في لبنان إجازة العمل في قطاعات محدودة كقطاع الزراعة والنظافة والبناء ,والصورة المعاكسة للقرارات الناظمة لعمل غير العرب السوريين في الجمهورية العربية السورية التي أتاحت جميع مجالات العمل أمام المواطن اللبناني، عند المعاملة بالمثل.وأقرب حادثة تاريخية حرب لبنان عام 2006 وسورية وحدودها المتلاحمة مع لبنان , أمام كل أجنبي وعربي ولبناني, فقد غادر أكثر من 12 ألف سائح عربي لبنان إلى سورية وفق احصائيات مسؤولي الجمارك , عدا هروب الأهالي خوفا من شبح الحرب إلى الداخل السوري الرحب.
هنا نرجع إلى مسؤولية المجتمع الدولي بصرف النظر عن مسؤولية البلد المضيف بحسب طبيعته الإجتماعية والسياسية والثقافية , فلبنان بلد عربي عانى صراع أهلي دموي معقد طويل الأمد خمسة عشرة عاما وأكثر من الحرب الأهلية والإقتتال الطائفي والضغوط السياسية والإقتصادية والإجتماعية .
كفيلة بدفع تسائل آخر !
متى سنفرق في بلداننا العربية بين الإنسان والتاريخ والسياسة ؟
الإنسان الذي هو الأب ,والصديق, والحبيب, المعلم والطبيب,الضعيف والقوي,الشيخ والصغير, فوردة واحدة لإنسان على قيد الحياة أفضل من باقة كاملة على قبره, بقيت مجتماعاتنا العربية ملتصقة بالتاريخ الذي لطالما اتصف بالتكرار, ووجود حاوية تجمع أخطائه في نهاية كل حقبة سياسية, ونسينا أن السياسة وليدة التاريخ,والتاريخ وليد الجغرافيا والجغرافيا لا تتغير, فليبقى المكان ... وأعيدوا التاريخ لتكتفوا... لكن أما آن الأوان أن نغير في سياساتنا الإنسانية والأخلاقية ؟؟
لئلا نقع في شرك الفضيلة الفاضحة في سياساتنا اليومية التي أوصلتنا إلى هذه الكراهية المطلقة بدءاً من مطار بيروت.

كاتبة و صحفية سورية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. Ynewsarab19E


.. وسط توتر بين موسكو وواشنطن.. قوات روسية وأميركية في قاعدة وا




.. أنفاق الحوثي تتوسع .. وتهديدات الجماعة تصل إلى البحر المتوسط


.. نشرة إيجاز - جماعة أنصار الله تعلن بدء مرحلة رابعة من التصعي




.. وقفة طلابية بجامعة صفاقس في تونس تندد بجرائم الاحتلال على غز