الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هشاشة الفكر القومي

بارباروسا آكيم

2016 / 1 / 10
مواضيع وابحاث سياسية


مقالتنا لهذا اليوم تناقش فساد وعبثية الفكر القومي بمختلف تسمياته ، إِنَّ القومية أَيها الإخوة هي فكرة إِنعزالية إِقصائية لاتقل شراً عن الفكر الديني المؤدلج .. وقد أَثبتت الأَبحاث على مر العصور إِنَّ الحضارة كانت دائِماً نتاج عمل جماعي شاركت به مختلف العناصر والأَجناس بما لايدع مجالاً للشك بأن محاولة نسبة مجموعة من البشر في وقتنا الحاضر الى مجموعة واحدة من البشر في العصور الغابرة ضربٌ من السخف والعبث

فلو أَخذنا على سبيل المثال ( فكرة القومية العربية ) ، لرأينا عدم ثبات هذه الفكرة أَمام النقاش العلمي الأَكاديمي ، لأَننا إِن كُنا نرى أَنَّ العرب هم هؤلاء الأَقوام من بغداد الى تطوان حَقَّ على إِثر ذلك السؤال ، وما الذي يربط كل هؤلاء البشر ؟ أَهو الخريطة الجينية المتشابهة ؟ أَم التشابه الجسماني أَم التاريخ المشترك ؟

فلو قال القوميون : إِنه ( الجين ) المشترك ، قلنا إِنَّ الفروق البيولوجية والجسمانية لواضحة ظاهرة للعيان ! فالشمال افريقي غير الشامي غير الخليجي ! وإِن قالوا إِنه التاريخ المشترك قُلنا إِنَّ مايربط العراق على سبيل المثال بإيران وتركيا من الناحية التاريخية لأَكثر بكثير مما يربط العراق مع اي دولة عربية أُخرى من الناحية التاريخية الصرفة وكذا الحال بالنسبة لمصر فما يربط مصر باليونان على سبيل المثال الى ماقبل قيام ثورة يوليو لأَكبر بكثير مما يربط مصر بأَي دولة من تلك التي تُسمى اليوم بالعربية وهكذا دواليك ،

وليس القصد من هذا الكلام إِثارة النزعة الاقصائية او الإنعزالية بل إِثبات عولمة مفهوم التاريخ المشترك للشعوب ، وفساد الأَفكار القومية

أَما إِذا قال القوميون أَنَّ فكرة القومية هي اللسان العربي المشترك دون النظر الى الفروق الجينية فمعنى هذا أَنَّ كُلُ ناطق باللسان العربي صار عربياً حتى ولو كان أَمريكياً أَو ايرانياً أَو اسرائيلياً وهذه كارثة بالنسبة للقوميين ، ثم عدا هذا وعلى أَرض الواقع فلسان أَهل المغرب العربي يوجد فيه بون شاسع مع المشرق العربي الى الدرجة التي لايستطيع أَحدهم فهم الآخر..فما حكمة القول باللسان العربي الواحد المشترك؟

وحتى يكون كلامنا واضح لكل ذي بصيرة ، وأَنَّ الإنسانية بمعناها الشامل تعلوا فوق الفروق الفيزيقية واللغوية والدينية لتُشَكِلْ غطائاً عاماً شاملاً ، فنضع لتأييد كلامنا في هذا الصدد بعض الأَبحاث التي تدرس الأُصول العرقية لبعض الشعوب القديمة ، على سبيل الذكر لا الحصر ( المصريين القُدامى )
يقول د . أَحمد محمد عوف : (( تعتبر أصول المصريين القدماء منذ فجر التاريخ البشري .. هي أَنهم كانوا من أصول نـــوبـــيــــة وحـبـشـــيـة ولـيـبـية وآســويــة سامية من الجزيرة العربية . وكان هؤلاء يأتون وراء الماء والكلأ للرعي . وأمتزجت هذه السلالات ببطء مابين عامي 4000 و 3000 ق.م ونتج عن هذا الإمتزاج السلالي شعب مصر الذي أقام حضارته فوق ضفتي النيل ))

كتاب عبقرية الحضارة المصرية القديمة ، تأليف: د . أَحمد محمد عوف ، صفحة 15 ، مكتبة الاسرة - مهرجان القراءة للجميع ~ الأَعمال العلمية ، طبع بمطابع الهيئة المصرية العامة للكتاب

وكذا يقول يوهانس فريدريش : [ ترى العلوم المعاصرة أَنَّ المصريين في غالبيتهم شعب خليط تشترك فيه عناصر افريقية وسامية ، ففي بداية الأَلف الثالث قبل الميلاد اتحدت لأَول مرة دولتان منفصلتان في مملكة واحدة ، وبفضل هذه الوحدة نشأت الكتابة ]

كتاب : تاريخ الكتابة ، تأليف : يوهانس فردريش ، ترجمة : د. سليمان أَحمد الظاهر ، ص 55 و ص 56 و ص 69 ، الطبعة الثانية 2013 م ، منشورات الهيئة العامة السورية للكتاب - وزارة الثقافة ، دمشق

وعلى ذلك ..تُثْبِتْ أَبحاث ( الدي إِن إِن) الحالية عبثية نسبة مجموعة بشرية اليوم الى مجموعات عرقية قبل 1000 سنة ، فكيف إِذاً لقومية المفترض إِنها دخلت وتداخلت بحكم العوامل السياسية والدينية والإجتماعية على مئات إِن لم يكن آلالاف القوميات !؟

فعلى حلم السلام العالمي أَستودعكم وملتقانا على الوحدة الإنسانية ..الى اللقاء








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - القاسم المشترك
nasha ( 2016 / 1 / 10 - 03:54 )
عيد ميلاد سعيد وسنة ملؤها سلام وفرح وصحة ونجاح اتمناها لك اخي العزيز بربروسا.
تعليقا على موضوعيك اليوم .
لا يوجد قاسم مشترك بين البشر الاّ الحس بالانتماء الى النوع البايولوجي والسلالة البشرية الواحدة.اما الدين فهو تلقين وتوريث من المحيط .اما القومية فهي هراء لا معنى له ولا يوجد في العالم شعب نقي من سلالة خاصة منعزلة عن السلالة الانسانية العامة.
يتميز الانسان بايولوجياٍعن باقي المملكة الحيوانية بتفرده بنوع وفصيلة وعائلة ورتبة واحدة فقط عكس الحيوانات التي تتعدد تصنيفاتها.
لا حل للمشاكل بين البشر الاّ بالايمان بالانتماء الى نفس النوع اولاً والانتماء الى الكائنات الحية ثانياً وللطبيعة ككل ثالثاً.
تحياتي


2 - Nasha
بارباروسا آكيم ( 2016 / 1 / 11 - 11:28 )
عيد ميلاد مجيد أَخي ناشا وسـنة 2016 حلوة عليك وعلى محبيك .. لو أَدرك الناس عزيزي ناشـا سيرة سلفهم الصالح المتناسل من القرود العليا لما توقف إِثنان للبحث عن عناوين دينية أَو قومية ، أَما حل المشاكل عزيزي فليس بهذه السهولة ! لأَنَّ الناس إِنما تقتتل وتتقاتل لدوافع مصلحية ..فالدين مجرد لباس والقومية مجرد لباس والعرق مجرد لباس .. ذات مرة سأل جندي فرنسي نابليون بونابارت قائلاً : سيدي ..هل الله معنا نحن الفرنسيين الكاثوليك أَم مع الإنكليز البروتستانت ؟ ، فأَجابه نابليون : الله مع المدافع الكبيرة !!!!!!


3 - الأمة العربية الواحدة:تصور ساذج بدوي
ليندا كبرييل ( 2016 / 1 / 17 - 04:19 )
تحياتي أستاذ بارباروسا آكيم المحترم

العروبيون أودونا إلى المهلكة بسبب فكرهم القومي
ماذا يجمعني بالخليجي أو بالمغربي مثلاً حتى أطالب بقائد واحد يفرض طغيانه على المنطقة لتحقيق أحلام مريضة؟
وقد فشلت كل محاولات الوحدة العربية

نحن شعوب متعددة ، حتى الدين الذي يجمعنا كما يقولون يختلف من بلد إلى آخر، تاريخا ولغة وعادات وتقاليد
هل الأندونيسي المسلم كالمسلم العراقي أو المغربي؟

نعم تجمعنا ثقافة واحدة، وعاطفة إنسانية مشتركة
أما الحديث عن الأمة العربية الواحدة فغير مسؤول

منهم لله هؤلاء الذين أودونا في الداهية وقضوا على مستقبل أولادنا

أستاذ بارباروسا العزيز
أتمنى لك سنة طيبة، و( شاتو بريختو) ويسعدني أن ألتقي بأخينا العزيز ناشا لأتمنى له أيضا أن تحققوا أمانيكم في العام الجديد
أدعو أن يغمر السلام العالم وتعم المحبة في القلوب

لم يعد الوقت يساعدني على التعليق كالسابق، فارجو المعذرة لغيابي
تفضلوا خالص احترامي وتقديري


4 - السيدة ليندا كابرييل
بارباروسا آكيم ( 2016 / 1 / 18 - 14:45 )
تحية للقديرة العزيزة الأُخت كابرييل ، وعذراً أَنني لم أَجد تعليقك إِلا اليوم ..وفي البداية أَسأل عن صحتكم فقد لفت إنتباهي بعدكم عن الكتابة لفترة طويلة ؟! أَتمنى لكم دوام الصحة والعافية [ وشاتة برختة خاثة كابرييل ]

الفكر القومي سيدتي هو كما تفضلت فكر إِنعزالي لا إِنساني ، وفكرة وجود عرق نقي في أَيامنا هذه ضرب من العبث
وكذا الحال بالنسبة للدين ، تخيلي مثلاً شعارات الوحدة الإسلامية قبل 40 سنة كلها تبخرت وهاهم يتقاتلون اليوم مثل مجموعة مجانين ، فقد وصل الجميع الى قناعة أَنه حتى الاسلام لايمكن أَن يجمعهم بدون العنوان الانساني ..ولكنهم يكابرون..إحترامي أَيتها الملكة الآرامية

اخر الافلام

.. مجلة المراسل 01-06-2024 • فرانس 24 / FRANCE 24


.. حزب الله يعلن قصف بلدتين في شمال إسرائيل وسط تصعيد متواصل




.. تصعيد بجنوب لبنان.. مسيّرات وصواريخ حزب الله تشعل حرائق في ا


.. الانقسام الداخلي في إسرائيل يتفاقم.. ماذا تعني تهديدات بن غف




.. تصاعد المعركة المالية بين الحكومة اليمنية والحوثيين يهدد بان