الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدين الجديد .... جماعة من المؤمنين أم جماعة المؤمنين ؟!!

محمود جابر

2016 / 1 / 10
مواضيع وابحاث سياسية


لكل دين جديد؛ أنصار وأشياع وحواريين، بعضهم يعلم أنه أصبح جزءا من الدين الجديد، وبعضهم لا يعلم، وهؤلاء المؤمنون بهذا الدين على سبيل الهوى، والفخار، وهذا إيمان لا ينفع صاحبه، ولا يضر من كفر به .
ففى جامع الأخبار عن الرضا – عليه السلام – قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال ما رأس العلم قال: معرفة الله حق معرفته، قال وما حق معرفته ؟ قال: أن تعرفه بلا مثال ولا شبيه، وتعرفه إلها، واحدا، خالقا، قادرا، أولاً وآخراً، ظاهرا، وباطنا لا كقوله ولا مثل، وذلك معرفة الله حق معرفته .
فمعرفة الله هى كل علم، وكلمة التوحيد عاصمة العواصم. عن الرضا على بن موسى ، عن ابيه ، عن آبائه عن على – عليه السلام – قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ما جزاء من أنعم الله عز وجل عليه بالتوحيد الا الجنة ".
والسؤال الملح على أذهان الناس اليوم : هل كل من جاء بكبيرة أو جناية او مخالفة هو خارج من مظلة التوحيد، وكافر به ؟ أم أن مظلة التوحيد تتطلب بعد الشهادة بركنيها، وإقامة الصلاة وإتاء الزكاة وصوم رمضان والحج البيت لمن استطاع، والايمان باليوم الاخر وبالجنة والنار والقيام والبعث والنشور وبكتب الله وملائكته ورسوله .... فهل بعد هذا الايمان إيمان أم هى مكملات للتقوى واستكمال لطريق الهدى ؟!!

فما ورد من علم نعرفه فى كل كتب القوم لم نجد حول التوحيد والايمان شىء آخر؛ فحتى الولاية التى نعتقد بها نحن الجعفرية وأنها بجُعل من الله وأمر للنبى بالبلاغ، وحتى اؤلئك الذين انقلبوا على اعقابهم بعد البيعة والبيان والاعتراف، لن يضروا الله شىء، والجزاء وحسن المنقلب للشاكرين، وقد سأل الامام الصادق سلام الله عليه عن معنى الإسلام ومعنى الايمان ....
وهى القضية القرآنية التى تعرض لها القرآن فى قوله قالت الأعراب آمنا، فإيمان الاعراب الذين لم يقفوا على الوفاء بالعهد هو إسلام، ومن صدق ما عهد عليه الله فهو المؤمن حقا.
وكلا الفريقين الناكث أو المنكر، فى مقابل المؤمن بالولاية كل منهم تحت مظلة الإسلام فى الحقوق والواجبات وأن الذين يعتبرون هذا على دين وذاك على دين جديد، فقد وضع نفسه فى دين جديد لا يقر مبادىء الإسلام ولا مبادىء الشرع الحنيف.
وفى المقابل من يرى فى اؤلئك الذين تحلقوا حول الولاية سواء كانوا على نهج الصواب، أو الخطأ، ما دام هؤلاء يؤمنون بتلك الاطر التى اشرنا إليها والتى شار إليها القرآن العظيم فهو من الذين آمنوا .
أما أن تجعل خلاف وجهة نظر مدرستك الفقهية أوالاعتقادية محكا وفسطاطا، إما أن يكون معك وأما أن يكون كافرا وهو على دين آخر، فاعلم أيها المتحدث مهما طال قامتك أو قصرت أنك أنت الذى تخرج نفسك من سعة الخلاف إلى ضيقه، ومن ساحة القبول والاسلام، إلى طريق الهاوية والضلال.
إن المتتبع للحركة الفقهية التاريخية يستطيع أن يرسم خطاً بيانياً كثير المنحنيات الشاهدة على أدوار البعث والانحسار المتعاقبة على هذه الحركة، وعلى الوعي الشامل لدورها في الحياة. فلقد مرّ الفقه الإسلامي بأدوار مختلفة كان في ذلك أشبه بغيره من العلوم فيما يعرض لها من النهوض والانتعاش حيناً، والانكماش والانحسار حيناً آخر، وذلك تحت تأثير العوامل التي تحيط برجاله في كل عصر من عصوره.
أن الفقه الإسلامي قد تطور في المائة الأولى بفعل ظهور مشكلات ونوازل جديدة في واقع المسلمين، خاصة بعد انتشار الإسلام في بلاد مختلفة الثقافات والعادات، فاتسع بذلك نطاق الاجتهاد الفقهي ليشمل كثيراً من القضايا السياسية والإدارية والمالية، الأمر الذي وسمه بالواقعية، وأبعده عن الافتراض النظري للمسائل والأحكام .
أما عصر التابعين، فقد شهد حركة حضارية وعلمية ودعوية أثّرت تأثيراً بالغاً في تطور الحياة الفقهية. فقد ساعد الاحتكاك الحضاري بين المسلمين والشعوب التي دخلت الإسلام، وتفرق الصحابة في الأمصار، وشيوع رواية الحديث، على اتساع دائرة البحث الفقهي، وعلى ظهور اتجاهات فقهية عديدة شكلت مدارس فقهية في مختلف العواصم الإسلامية، كمدرسة الكوفة والمدينة ومكة والشام ومصر واليمن .
غير أن الملاحظ هو بروز عامل جديد أثّر في طبيعة الإنتاج الفقهي في هذا العصر، وفي العصور التي تلته، تمثل في الصراع بين الفقهاء المستقلين وبين فقهاء بنى أمية وحكامها. ومرجع هذا الصراع هو تحوّل نظام الحكم في العالم الإسلامي من الخلافة إلى الملك، فتقلّص دور الفقيه المباشر في إدارة شؤون الدولة والمجتمع، الأمر الذي أدى إلى توسع الدراسات الفقهية في جانب العبادات والمعاملات أكثر منه في الجانب السياسي والاقتصادي والإداري.. وهذا لا يعني أن التشريع الإسلامي قد أقصي عن إدارة الحياة العامة، فكل المجالات السالفة ذكراً كان يحكمها الإسلام، ولكن البحث الفقهي النظري قد تطور أكثر في المساحات أو الموضوعات التي لم تكن محل صراع بين الفقهاء والحكام.
ثم تلى عصر التابعين عصر نشأة المذاهب الإسلامية في أوائل القرن الهجري الثاني، وانتهى في منتصف القرن الرابع، وكان هذا العصر أزهى عصور الاجتهاد الفقهي .
إلاّ أن إشكالية انكماش الفقه من الناحية الموضوعية التي ظهرت بذورها في عصر التابعين، قد تبلورت بشكل أكثر وضوحاً في هذا العصر، إذ فضّل فقهاء هذا العصر - الذين قادوا الأمة علمياً - عدم الاصطدام المباشر والعنيف بالنظام القائم ما دام الإسلام حاضراً في المجتمع، تشريعاً وقضاءً.
ابلغ أمثلة على هؤلاء الإمام السجاد على زين العابدين بن الحسين، وولده الإمام محمد الباقر بن على، وحفيده الإمام الصادق جعفر بن محمد .
من هنا عالج العقل الفقهي في هذه المرحلة جميع القضايا الفردية والجماعية، وترك ثروة ضخمة في كل أبواب الفقه، لكن إنتاجه في الفقه السياسي والاقتصادي والدولي كان أقل توسعاً، بالنسبة إلى فقه العبادات والمعاملات، كماً ونوعاً.
ثم تلى عصر نشأة المذاهب الإسلامية عصر التقليد، فقد جدّت في العالم الإسلامي بعد منتصف القرن الرابع الهجري عوامل سياسية وعلمية واجتماعية جعلت مبدأ التقليد يحلّ محل الاجتهاد في المنظومة الفقهية، إذ ابتعد الفقهاء عن الاستقلال الفكري- على تفاوت بينهم - وانتظموا في المذاهب الفقهية الموروثة، وعكفوا على نشر آرائها والدفاع عنها.
وتحول الدفاع عن المعتقد والايمان إلى دفاع عن المذهب واقواله ورواده، والنماذج البارزة فيه، وأصبح المسلمين معسكرات متعددة كل معسكر يرى فيمن يخالفه مخالفا للدين الذى يعتبره أنه هو نفسه وفرقته وجماعته، ونسى هؤلاء أن كل مذهب أو فرقة أو جماعة هى جماعة من المؤمنين، وليس هى جماعة المؤمنين ....
فمن يعتبره نفسه جماعة من المؤمنين نجى ومن اعتبر أنه جماعة المؤمنين أو المسلمين فقد انكر وجود المختلف ومن ثم دخل مداخل التكفير والدين الجديد ... واصبح نبيا لهذا الدين أو مدافعا عنه أو متباه به ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إدارة بايدن وملف حجب تطبيق -تيك توك-.. تناقضات وتضارب في الق


.. إدارة جامعة كولومبيا الأمريكية تهمل الطلاب المعتصمين فيها قب




.. حماس.. تناقض في خطاب الجناحين السياسي والعسكري ينعكس سلبا عل


.. حزب الله.. إسرائيل لم تقض على نصف قادتنا




.. وفد أمريكي يجري مباحثات في نيامي بشأن سحب القوات الأمريكية م