الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العملُ والمَناخ

امين يونس

2016 / 1 / 11
مواضيع وابحاث سياسية


صديقي " حَمه " ، عاملٌ نشيط ومُتعّدِد المهارات . لهُ فلسفة معقولة ، في التعامُل مع الشُغل والمناخ . فهو يقول مُمازِحاً ، أنهُ يخدع الطقس القاسي عندنا في الصيف والشتاء ، بطريقةٍ بسيطة : فهو يعمل طيلة أشهُر الشتاء القارس البرودة ، في ( فرنٍ للصمون ) ، فيقضي النهار كلهُ في الفُرن وهو ( بطِرْك فانيلة نص رِدِنْ ) ! . وفي أشهر الصيف الملتهبة ، يعمل في ( معملٍ للثلج ) ، فلا تسقط منهُ قطرة عَرَق طيلة ساعات العمل ! .
.....................
" غَني الطُفيلي " الذي هو ليسَ صديقي . والذي لايعمل ولايمتلك أية مَهارات . كُل ما يجيدهُ ، هو الشفط واللهط من بَركات الغاز والنفط . هذا الذي ليس صديقي ولا أريده ان يكون ولا أتشرفُ بهِ .. يحلُ مُشكلة الطقس السئ عندنا ، بغَير طريقة صديقي " حَمه " . فهو في الواقع ، يعشقُ الربيع والطقس المُعتدِل . والحقُ يُقال ، فأنهُ ينجحُ في العيش في ربيعٍ دائم تقريباً . فهو يبقى هُنا في شَهرَي آذار ونيسان ، وفي العشرة أشهُر الأخرى ، يتنقلُ ما بينَ جنوب فرنسا وجنوب إسبانيا والفليبين وأستراليا وكاليفورنيا والمغرِب . مُعدلات درجات الحرارة في يوميات " غَني الطُفيلي " تتراوح بين 20 – 25 درجة مِئوِية .
..................
أما " عبدالله " ، فوضعهُ مُختَلِف عن كُل من صديقي " حَمه " ولاصديقي " الطُفيلي " . فهو مُقاتِل أو بيشمركَة . فلا هو يستطيع قضاء صيفه وشتاءه في معامل الثلج وأفران الصمون ، ولا يجرؤ حتى أن يحلم بالإستجمام بشواطئ البحر المتوسط او البرازيل .
ف " عبدالله " يكادُ ان يتجّمَد في ساعات واجبه في المواضع الأمامية ، والصقيعُ يُغّطيهِ تماماً ، والبردُ الكافِر ينخرُ عظامه نخراً . هذا في الأسابيع التي يكونُ فيها في وحدتهِ العسكرية .
وفي أسابيع الإجازة ، فأنهُ يتنقلُ في أعمالٍ مُختلِفة ، فأما أن يبيع السكائِر او يمسح الأحذية أو يشتغل عامل بِناء ... حسب الظروف . كُل ذلك الكَد والجُهد ، حتى يحصل على بعض ما يسُد إحتياجات عائلته الصغيرة . ان الحاجة والعَوز ، لايسمحان لعبدالله ، أن يُفّكِر كثيراً ، في طبيعة عمله ولا في الطقس البالغ القسوة .. فهو يُسابِق الزَمن ، لتوفير إيجار منزله المتواضع ، وكَسرة خُبز وحَبة دواء ، لزوجته وإبنه .
..................
أنا لستُ واحداً مِنْ هؤلاء الثلاثةِ أعلاه . لكني من المُبتَلين بِحتمِية ( المُقارَنة ) .
" حَمه " كادِحٌ ماهِر تتوفُرُ له بعض الفُرَص ، كي يعيش عيشةً بسيطة .
" عبدالله " يُدافِع عّنا جميعاً واقفاً بِوجه داعِش ، يتحملُ عبأً كبيراً ، مظلومٌ مغبون .
" الطُفيلي " يسرقنا وينهبنا ، ويعيش بِتَرَف .
كُلُ واحدٍ مِنّا ، لهُ زاوية خاصّة ، ينظرُ من خلالها ، الى : مسألة العَمَل والمناخ ! .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تصاعد الدخان من حي الشجاعية في غزة وسط دوي الانفجارات واستمر


.. الإصلاحي بزشكيان يواجهة برلمانا محافظا بعد انتخابه رئيسا لإي




.. مستوطنون يشعلون النيران في سهل ترمسعيا قرب رام الله


.. لقطات زمنية لتطور حريق اشتعل بجبال سانتا باربرا في أميركا




.. مهمة إنقاذ ناجحة لرجل إطفاء محاصر في أميركا