الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مطر أسود

ميساء البشيتي

2016 / 1 / 12
الادب والفن


مطرٌ أسود
كلما اشتد المطر في الخارج أهرب إليك .. أشتاق للحديث معك بعيداً عن ضوضاء المطر .
كُنتُ أعشق المطر فيما مضى ، عندما كان ناعماً ورقيقاً .. كان يداعب زجاج نافذتي برفق وحنان .. وفي ساعات المساء كان يتناوب مع القمر على السهر ووشوشات الشتاء .
كان يداعب زجاج النافذة بخفة فيستسلم القلب لطرقات المطر ويغفو كما تغفو الوردة حين تداعب جفنيِّها أنامل الكرى .
المطر اليوم ثقيل .. لم يعد يداعب زجاج النافذة والقلب والروح والوردة .. بل أخذ يقذف وبجبروت الطغاة حباته السوداء إلى زجاج الحياة .. لم يعد يداعب جفنيِّ الوردة بل أصبح يوقظها من أحلامها .. يقلقها .. يؤرقها .. وكثيراً ما كان يمزق بعض أوراقها ويبعثرها .
لم أكن أتخيل أن المطر قد يوشح بالسواد زجاج النوافذ .. يصبغ كل شيء تقع بصمته عليه .. يحيل كل شيء إلى سواد .. حتى رأيت مطر هذا المساء .. إنه مطرٌ أسود !
اليوم فقط اشتقت لحبات المطر الزلال ..لحبات المطر الشفافة .. الناعمة .. الدافئة .. الحنونة .. الرقيقة .. المنعشة .. الحيّة .. التي لا لون لها ولا رائحة!
رائحة هذا المطر كريهة .. كريهة .. كريهة ..
أزكمت أنفي ، أطبقت على صدري .. فهربت منها إليك .. إلى الأمان ، الدفء ، الطهر ، النقاء ، الشفافية ، الحياة .
أنتَ لست كزجاج نافذتي الذي صبغته حبات المطر السوداء .. أنتَ ما زلت كمرآتي التي لا أرى فيها إلا نفسي .. نفسي الطاهرة كأنت .. العفيفة كأنت .. الشفافة كأنت ..البريئة التي لا تعشق إلا مطرك الشفاف .. لا يرويها إلا مطرك الزلال .. غرد لقلبي كثيراً كثيراً .. اهطل بمطرك الآن .. ثم ابني لنا عند الشروق غيمة كبيرة نختبىء فيها .. نحتمِي فيها من عاصفة هذا المطر الأسود .. لتبقى نوافذ قلبينا بيضاء وإلى الأبد .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ا?صابة الفنان جلال الذكي في حادث سير


.. العربية ويكند |انطلاق النسخة الأولى من مهرجان نيويورك لأفلام




.. مهرجان كان السينمائي - عن الفيلم -ألماس خام- للمخرجة الفرنسي


.. وفاة زوجة الفنان أحمد عدوية




.. طارق الشناوي يحسم جدل عن أم كلثوم.. بشهادة عمه مأمون الشناوي