الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أوباش وحثالة أم مضطهدون؟

نور الدين بدران

2005 / 11 / 9
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


مازالت الانتفاضة الفرنسية مشتعلة ومستمرة،بعضهم يسميها أعمال شغب ويسمي أصحابها حثالة وأوباش،وبعضهم يسميها ثورة جياع ومضطهدين اضطهاداً مركباً،طبقياً وعنصرياً،وقلة من أصحاب نظرية المؤامرة يعيدونها إلى منظمة القاعدة أو من لف لفها.
في اختلاط التسمية وامتزاج الأسباب والدوافع يبقى هناك أمر أكيد،أن القائمين بهذه الانتفاضة فرنسيون،ويجب أن نتذكر أن غالبية الفرنسيين صوتوا بلا للدستور الأوروبي منذ مدة،وخذلوا رئيسهم وحكومتهم المتحمسين لذلك الدستور،وفي بلد ديمقراطي كفرنسا،يعني هذان الأمران(الانتفاضة+التصويت)أن هناك أزمة حقيقية وكبيرة جداً.

تحركت الأعمال الأولى للانتفاضة من البلدات والمناطق البعيدة من العاصمة وتحديداً من المحيط الغارق بفرنسيي الدرجة الثانية والثالثة،أي من ذوي الأصول الأجنبية،ومن الفقراء والعاطلين عن العمل،والهامشيين والمنبوذين.........إلخ من المسميات،وها هي تصل إلى قلب العاصمة الفرنسية،وكثيرون يتخوفون من امتدادها أوروبياً،لاسيما بعد ظهور بوادر شبيهة ولكن محدودة في برلين وبلجيكا،ولا غرابة في ذلك فأوروبا القارة أصبحت أقرب إلى كونها بلداً واحداً،رغم الفروق والتمايزات القومية العريقة،لاسيما فيما يخص القضايا العرقية،حيث خطوطها أكثر عمقاً في فرنسا.

لا تحمل هذه الانتفاضة برنامجاً سياسياً محدداً،ولم يظهر لها قيادة تنظيمية موحدة،سواء حزبية أو جبهوية إئتلافية، بل تبدو حتى اليوم حركة عفوية لأناس يريدون مواطنيتهم كاملة وحقهم في الحياة دون تمييزهم عن سواهم،وإن كان تعبيرهم عن مظالمهم يفتقر إلى اللباقة والهدوء والحوار،فهذا لا يعني أن مطالبهم ليست محقة.

لاشك أن فرنسا خاصة وأوروبا عامة،أمام امتحان كبير،أعتقد أنها ستجتازه بنجاح،كما علمنا تاريخ الديمقراطية الفرنسية،فثورة أيار/مايو 1968كانت أكثر جذرية وعنفاً(نصبت متاريس في الشوارع) واتساعاً وعمقاً،وكانت ذات برامج سياسية واقتصادية واجتماعية،ورغم عفويتها كانت لها قيادات داخلها، ذات ثقافة وخبرة سياسية،خاصة بين الطلاب والعمال،بل كان اليسار الفرنسي(الجديد خاصة) له دور بارز في قيادتها،رغم ذلك وربما بسببه،تجاوزت الديمقراطية الفرنسية امتحان أيار،وبذلك تجاوزت نفسها،عبر الإصغاء لمطالب باتت غير قابلة للتأجيل،بل انعكست آثار تلك الانتفاضة على أوروبا كلها،وحتى وصل عبير ثقافتها إلى الولايات المتحدة نفسها،ويمكن هنا أن نتذكر الانتعاش الفكري لآراء الفيلسوف هربرت ماركوز بسبب تلك الانتفاضة.

نحو 1200سيارة تم إحراقها، مئات البلدات والشوارع اجتاحتها الانتفاضة ،شغب وسرقات وتعطيل شبه تام لحركة المناطق المجتاحة،ومع ذلك عدد المعتقلين في 13 يوماً 330شخصاً.
أظن لو شهدت مدينة من مدننا اعتصاماً سلمياً وصامتاً لأكثر من ثلاثة أيام،لما كان عدد المعتقلين 330 شخصاً.
أظن أيضاً أنه ليس لدينا معارضة قادرة على الاعتصام لأيام،فروزنامة معارضتنا بالساعات،ورزنامة أجهزت"نا" الأمنية وسجونها بالسنوات،أما الديمقراطية الفرنسية والغربية كلها فهي مزيفة،ومن سخريات القدر أن سلطتنا ومعظم معارضتنا متفقون على زيفها.

نور الدين بدران








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غانتس يستقيل من مجلس الحرب الإسرائيلي ويطالب بانتخابات مبكرة


.. بعد الهزيمة الأوروبية.. ماكرون يحل البرلمان ويدعو لانتخابات




.. تباين المواقف حول مشروع قانون القتل الرحيم للكلاب الضالة في


.. استشهاد فتى برصاص الاحتلال في مخيم الفارعة بطوباس




.. ما تداعيات استقالة غانتس على المشهد السياسي بإسرائيل؟