الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حصيلة ماجرى في تونس منذ خمس سنوات :حساب الحقل لم يكن أبدا حساب البيدر .

محمد ذويب

2016 / 1 / 13
مواضيع وابحاث سياسية


حصيلة ماجرى في تونس منذ خمس سنوات :حساب الحقل لم يكن أبدا حساب البيدر .
شهدت تونس كغيرها من الدول العربية منذ خمس سنوات حالة انفجار داخلي للأوضاع وحراك اجتماعي شامل أفضى يوم 14 جانفي 2011 الى فرار الرئيس بن علي الى الخارج قبل أن تتوالى اثرها أحداث أخرى أوصلتنا الى ماهي عليه البلاد اليوم ، ولأن عد البعض ماحدث في تونس ثورة فان البعض الأخر اعتبرها مجرد هبة أو انتفاضة لم ترتقي بعد الى مستوى الثورة بالنظر الى جملة المتغييرات التي شهدتها البلاد حتى هذه اللحظة والتي اتسمت في غالبها الأعم بالسلبية حيث لم تستفد قطاعات وجهات واسعة من هذه البلاد مما جرى خاصة تلك التي كانت سباقة في قيادة الأحداث ابان الأحداث التي شهدتها البلاد مباشرة بعد 17 ديسمبر 2010 والتي عرفت خيبة أمل كبيرة حيث لم تفي النخب السياسية الحاكمة التي تداولت على السلطة منذ خمس سنوات بما كان يطمح اليه الشعب المنتفض وظلت أوضاعه السياسية والاقتصادية والاجتماعية تراوح مكانها ، فما الذي تغيير في هذا القطر منذ خمس سنوات وهل أن ما جرى يرتقي حقا الى مستوى الفعل الثوري ؟
1/ سياسيا : ديمقراطية بشروط السفارات والقوى الخارجية أفرزت حكومات لا وطنية:
شهدت تونس منذ هروب الرءيس السابق اسهالا حزبيا كبيرا بسبب حالة الانحباس الديمقراطي التي مورست عليه في السابق حيث أصبح النشاط السياسي الحزبي والنقابي والجمعياتي والحقوقي متاح لكل من هب ودب وشهدت البلاد حالة طفرة لكنها لم تغيير كثيرا في الواقع العام ولم تلامس الفيئات الشعبية التي كان من المفروض أن تشملها العملية الديمقراطية حيث جرت ولمرتين انتخابات برلمانية أفرزت الأولى مجلسا تأسيسيا كتب دستورا اهتم بما هو شكلي أكثر مما هو جوهري ولم يفرز مشاريع قوانين ثورية من شأنها أن تفضي الى أي تغيير في واقع عامة الشعب فلم يتم تضمين قوانين من قبيل محاسبة من أجرم في حق التونسيين لعقود من الزمن أو على الأقل منعه من ممارسة العمل السياسي والحزبي كما غيبت مسائل مهمة من قبيل تجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني وتأميم الثروات الوطنية الهامة التي بقيت فريسة للشركات الخارجية ووكلاءها وسماسرتها في تونس وحرم منها التونسيون الذين حرمهم هذا الدستور أيضا من أي امتيازات جبائية من شأنها أن تساهم في تذويب الفوارق الطبقية لمجتمع تعاني قاعدته العريضة والكبرى من الفقر والتهميش . يعود هذا الدستور الذي لم يرتقي الى مستوى تطلعات الشعب الى نوعية الأحزاب التي ساهمت في كتابته والمتمثله في الترويكا الحاكمة أنذاك والمكونة من النهضة والتكتل والمؤتمر والذي هيمنت عليها حركة النهضة الاسلامية المعروفة بولاءها للخارج حيث جاء هذ الدستور ارضاء للقوى الاقليمية والدولية التي اخترقت المشهد السياسي في تونس عبر هذه الحركة أو ارضاء لرؤوس الأموال المتنفذين في البلاد . أما الانتخابات الثانية فقد أفرزت توازنا في القوى بين حزبي النهضة ونداء تونس الذي يشمل في مستوى تركيبته جملة من وجوه حزب التجمع المنحل هذا التوازن ساهم في توافق سياسي يقوده الثنائي الفائز ( النداء والنهضة ) ومدعم بحزبين لا قرار لهما أمام سطوة هذا الثناءي ( الوطني الحر و أفاق تونس ) فكانت حكومة يمينية بلا خيارات وطنية مع معارضة مشتته ومتشرذمة غير فاعلة في المشهد للسياسي العام . سياسيا اذا بقي الشعب بعيدا عن نخبه وممثليه الذين لم يطرقوا مشاكله اليومية الحساسة وظل هذا الشرخ يقلل من التواصل بين الحاكم والمحكوم كما أن هذا الرباعي اليميني الحاكم ساهم في ابقاء الوضع الأقتصادي العام في البلاد على ماهو عليه قبل انطلاق الأحداث في أواخر 2010 .
2/ وضع اقتصادي سيء وغياب لمخططات وبرامج من شأنها أن تقطع مع الماضي :
بعد فرار الرئيس السابق لم يتغيير أي شيء على المستوى الاقتصادي حيث شهدت الأوضاع المعيشية ترد كبير للأوضاع نتيجة اعتماد الحكومات المتتالية على نفس الخيارات الاقتصادية الاوطنية المتوارثة من قبل وجنوحها نحو التداين الذي أدى الى ارتهان القرار الوطني للخارج وضرب السيادة الوطنية حيث توالت القروض الممنوحة من القوى الخارجية و التي رغم وفرتها لم تساهم ولو بالقليل في تغيير الأوضاع الاقتصادية للبلاد نظرا لغياب المخططات التنموية الموجهة لخدمة الفئات الفقيرة والشعبية والمناطق المحرومة والمهمشة و اعتماد الدولة على الاستثمار الاجنبي ونظرا أيضا لضبابية الرؤية و البرامج والخيارات التنموية وغياب الخبرة التسييرية لدى الحكومات المتعاقبة وتفشي الفساد والرشوة والمحسوبية وانتشار الارهاب الذي ساهم في تعطيل الاستثمار المحلي والأجنبي ، هذا اضافة لغياب منظومة جبائية من شأنها أن تساهم في الحد من سطوة بعض الشركات ورؤوس الأموال التي توجه المناويل التنموية وفق ما يخدم مصلحتها وتدخل هذه القوى في المشهد السياسي بفضل ارتباطها الوثيق بالأحزاب السياسية الحاكمة . كما أن الثروات الوطنية الوفيرة ظلت بيد أقلية مرتبطة رأسا بالنظام وغير متاحة للدولة لذلك لم يتم توظيفها لتغيير الوضع الاقتصادي داخل القطر ولم يستفد منه الشعب فظل وضعه الاجتماعي مترد .
3 / أوضاع اجتماعية متردية :
انعكس الوضع الاقتصادي المتذبذب مباشرة على الأوضاع الاجتماعية في تونس حيث تضاعفت نسبة الفقر واتسعت قاعدة الطبقة الفقيرة بسبب التحاق نسبة كبيرة من الطبقة الوسطى بها نظرا لتردي الأوضاع بسبب تراجع الدخل الفردي لهذه الطبقة نظرا لارتفاع الأسعار مقابل عدم تمتعها بأي امتيازات شأنها شأن الطبقة السفلى والأكثر تفقيرا ونظرا أيضا لغياب أي اجراءات متخذة من قبل الحكومات المتعاقبة لخدمة هذه الطبقات مقابل تضاعف نسب البطالة ، كما شهدت البلاد بسبب تردي الأوضاع الاجتماعية والوضع الاقليمي والدولي المتسم بالفوضى والصراعات الطاءفية والسياسية انتشار ظاهرة الارهاب التي ساهمت في بطء الاستثمار المحلي والخارجي مما حرم أبناء هذه الطبقات من أي فرصة للشغل خاصة أن أغلب أبناء هذه الطبقة من طلاب الوظائف وليس من ذوي القدرة على الاستثمار ، أما من ناحية الجهات المهمشة والمحرومة التي كانت في طليعة ما جرى من أحداث منذ 17 ديسمبر 2010 وحتى قبل هذا التاريخ فقد ظلت وضعيتها تراوح مكانها نظرا لعدم الاهتمام بها بل أن وضعية أغلبها قد ازدادت سوءا فانتشرت البطالة والفقر والفوضى والجريمة والفساد والتهميش كل هذا دفع أبناء هذه الجهات والفئات الى الهجرة السرية عبر قوارب الموت أو الوقوع فريسة في براثن المجموعات التكفيرية التي استفادت كثيرا من هذه الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية السيئة ومن حالة اليأس التي أصابت أبناء هذه الطبقات والجهات المهمشة والمفقرة .
كل هاته الأوضاع تبشر بأن الوضع العام في البلاد لن يهدء وهو مهدد بالأنفجار بين الفينة والأخرى نظرا لأن طموحات الشعب المنتفض لم تتبلور في مستوى برامج النخب الحاكمة على الواقع الذي أفرز محصولا هزيلا لم يبلغ حتى الأدنى المطلوب وكان حساب الحق أقل بكثير من حساب البيدر ولاشيء يبشر بانفراج في الأفق القريب على الأقل .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصدر أمني: ضربة إسرائيلية أصابت مبنى تديره قوات الأمن السوري


.. طائفة -الحريديم- تغلق طريقًا احتجاجًا على قانون التجنيد قرب




.. في اليوم العالمي لحرية الصحافة.. صحفيون من غزة يتحدثون عن تج


.. جائزة -حرية الصحافة- لجميع الفلسطينيين في غزة




.. الجيش الإسرائيلي.. سلسلة تعيينات جديدة على مستوى القيادة