الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من أجل وعي انتخابي – 4

باسم السعيدي

2005 / 11 / 9
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


الخدمات الأساسية
يعد ملف الخدمات الأساسية هو الحلقة الثانية من الأهمية بعد ملف الأمن ، وهو الحلقة الرابطة الوسطية بين الارهاب والاحباط ، ومنه يستشعر المواطن بشكل مباشر نجاحات وجدى هذا التغيير من عدمه .
وملف بهذه الأهمية والخطورة من المؤسف أن نقول أن القوى الارهابية شعرت بأهميته وخطورته قبل الحكومات المتعاقبة ، بينما انشغلت الحكومات عنه بالملف الأمني ، وصار بمستوى الدرجة الثانية بالاهتمام ، ومن المعلوم أننا (شعوب الشرق الأوسط) نعطي جل اهتمامنا بالأولوية الأولى ونترك ما سواه دون أن نحاول امعان النظر بالعلاقة الجدلية بين تلك الأولويات ، فلا تعود الصورة متكاملة الرؤية أمامنا بحيث نلاحظ ذلك الرابط (الفسيولوجي) لو صح التعبير بين ملف الأمن وملف الخدمات .
ففي الحين الذي استنفرت حكومة الدكتور علاوي وبعدها حكومة الجعفري استنفرت الهمم لمعالجة الملف الأمني واجهت تلك الحكومتان فتوراً جلياً في معالجة واقع الخدمات ، مما جعل اهتمام الارهاب يتكالب على البنية التحتية لان النتيجة واحدة لدى المواطن في المنزل حين يفتقر الى الخدمات ، وساعد على ذلك الأداء الهزيل للوزارات والبلديات في تنفيذ المهام التي يفترض بها أن تكون من صميم عمل تلك المؤسسات ، فليس كل الخدمات تتعرض الى استهداف الارهاب ، فقد تكون الكهرباء ومحطات توليدها وشبكات نقل الطاقة هدفاً للارهاب ، وقد تكون محطات تحلية المياه ونقله الى المنازل في بعض الأحيان هدفاً لهم وخصوصاً في فصل الصيف القائض ، مما ينزل بالمواطن حالة الاحباط المتراكمة لوغاريتمياً وليس هندسياً ، فتنظيف الشوارع وتبليطها لم يعد هدفاً للارهاب بل صار هدفاً لتخاذل وتواكل الطواقم التي تدير تلك الخدمات ، والأداء الهزيل للمؤسسات الطبية والمستشفيات والمراكز الطبية للمعالجة الأولية صار مضغة الالسن بعد أن كان الكلام مجرد الكلام محرماً في زمن النظام البائد .
وكذلك تواجه وزارة النفط فشلاً ذريعاً في توزيع المنتوجات النفطية ، وعموماً تفتقر جميع دوائر الدولة الخدمية والاجرائية (المعاملاتية) الى روح خدمة المواطن ، كل ذلك كان يقع تحت سقف وخط أحمر في زمن النظام البائد وهو خوف الموظف الحكومي من العقاب ، وحين أمن من العقاب كانت النتيجة هي الفشل الذريع الذي قد يعتبره الموظف نصراً له على النظام ولكنه في الحقيقة خسارة شاملة للمواطن وولنظام معاً .
من المؤسف القول أن الانتخابات الماضية والحملات الانتخابية التي سبقتها أفرزت واقعاً مريراً الا وهو عدم جدية المعارضة في معالجة ملف الخدمات ، إذ لم تطرح تلك المعارضة (والتي تمثلت يومها بالائتلاف الموحد) مشروعاً جدياً لحل المشكلة ، بل اكتفت بالنقد والنقد الجارح لحكومة الدكتور علاوي ، في الوقت الذي حين وصلت الى مركز صنع القرار وقعت في مشاكل ربما أعظم من مشاكل الدكتور علاوي .
علينا أن نلاحظ بدقة أن من السهولة (تشريح) الحكومة على طاولة التشريح وابراز كل عيوبها ، ومن خطورة التركيز على تلك الأخطاء بدون طرح برامج عملية للأداء الأفضل ، ولذلك فشلت حكومة الدكتور الجعفري في معالجة الملف ووقعت في ذات الأخطاء التي وقعت بها حكومة علاوي ، بل ربما بمشاكل أعظم ، وتتجلّى الصورة في تخبط أداء الحكومة في معالجة ملف المحروقات ، والذي ربما في الشهر الأخير (تشرين الأول) حاولت حل نصف المشكلة من خلال وضع كوبونات ، ولكن علينا أن نعلم يقيناً بأن ذلك الحل المؤقت كان على حساب ملف (البطالة) .
وعلى أي حال لم أرَ حتى هذه اللحظة طرحاً حقيقياً لمعالجة ملف الخدمات لدي أية قائمة ، على الاطلاق ، بل ربما وقع الدكتور علاوي في نفس الخطأ الذي وقع به الائتلاف وهو النقد والتشريح لأداء حكومة الجعفري دون طرح حل يعين الحكومة على أداء مهامها .
كما فشلت الحكومتان السابقتان في بناء أية بنية تحتية تسعى لحل المشكلة على المدى المتوسط أو البعيد .
فلا محطات كبرى لتوليد الطاقة ، بل محطات غازية صغيرة الحجم لم تكن قادرة على تحسين وضع الكهرباء بنسبة ملحوظة ، وكذلك لم يتم بناء مصافي نفط عملاقة حتى ولا فيس المدن الآمنة ، وحتى محطات تحلية المياه ومحطات الصرف الصحي التي تم انشائها كانت محطات صغيرة جداً ومحدودة وفي المناطق النائية التي تخدم كتلة بشرية ضيقة النطاق ، وكانت هذه المنشآت الجديدة ممولة ومنفذة من قبل (برامج الاعمار للحكومة الأمريكية) وبعيداً عن رقابة الدولة تجنباً للفساد الاداري المستشري .
وللانصاف نرى أن من تطرق الى ملف الخدمات كانت فقط قائمتان هما :-
1- قائمة المؤتمر الوطني ، وتميز طرحها بالخحيالية الواسعة وطرح الوعود التي لم تمتلك رصيداً وافياً من الصدقية ، بل كانت أقرب الى الشعاراتية منها الى برنامج عمل .
2- قائمة (العراقيون المستقلون) ، وتطرقت الى موضوعة الخدمات بشكل انشائي وليس واقعي لأنها تخاطب ضمير الموظف الحكومي وبناءه النفسي أكثر مما تعمل على إيجاد أرضية صالحة للعمل ، لأن المنحرفين الكثر قد لا يثوب منهم الى رشده الا القليل القليل ، وربما تنفع هذه الستراتيجية على المدى الطويل وبعد الاستقرار الاجتماعي والأمني ، وبعد استتباب الأمر لحكم القانون والمسائلة القانونية ، ولكن حتى ذاك اليوم يبقى الملف بلا هوية أو ملامح واضحة .
نحن نوجه من هذا المنبر نداء الى الساسة العراقيين أن لا يهملوا دور المواطن والخدمات الأساسية وأن لا يجعلوها عرضة للمزايدات الشعاراتية وتجارة كلمات ، بل عليهم أن يعملوا منذ الآن بشكل (ناضج) وليس بالمهاترات الصبيانية التي وقع فيها كل من الائتلاف والعراقية على حد سواء خصوصاً وهما يمثلان فرسي الرهان الأولين في الساحة السياسية العراقية .
بقي أن نقول أن التحالف الكردستاني كان النموذج الوحيد الذي نجح في هذا الملف ، ولكن على صعيد إقليم كردستان فقط ، وساعده على ذلك الاستقرار الأمني واستتباب الأمور لدولة القانون والمؤسسات وهو ما نفتقر اليه اليوم .
ولا أظن أن التحالف الكردستاني سيصل الى سدة الحكم وصنع القرار ولكن لو قيض له ذلك لما عوَّلنا عليهم كثيراً بسبب التخنق الإقليمي الواضح على أجنداتهم السياسية والأدائية وحتى الخدمية .
بغداد








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فرنسا.. مظاهرة في ذكرى النكبة الفلسطينية تندد بالحرب الإسرائ


.. مسيرة تجوب شوارع العاصمة البريطانية لندن تطالب بوقف بيع الأس




.. تشييع جثمان مقاوم فلسطيني قتل في غارة إسرائيلية على مخيم جني


.. بثلاث رصاصات.. أخ يقتل شقيقته في جريمة بشعة تهز #العراق #سوش




.. الجيش الإسرائيلي: دخول أول شحنة مساعدات إنسانية عبر الرصيف ا