الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأوروبي البدوي 3

سندس القيسي

2016 / 1 / 14
الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة


الأوروبي البدوي 3

عندما كتبت مقالتي الأولى بهذا العنوان، كنت أظن أنها ستكون الأولى والأخيرة. لكن حصل ما لم أتوقع، بعض من سوء الفهم، شتائم، إتهامات، هجوم، قلب للحقائق، ودروس تلقى علّي. والحقيقة كل ما أردت أن أقول هو أن هناك معايير مزدوجة، ولا أقول قوانين.

ويكاد لا يختلف إثنان على جمال أوروبا ونظامها وعدالتها الإجتماعية وحسن معاملتها لمواطنيها. وكل هذا لا نعرفه فقط، بل هو من البديهيات. أليس حلم كل شاب وشابة عربيين العيش في أوروبا؟

لكن، أيضًا ألم نرفض الذل والقمع والظلم والتخلف لنعيش حياة أفضل؟ وهل يمكن أن تكون حياتنا أفضل ونحن نتعرض للقمع والظلم والذل من خلال الممارسات العنصرية المتفاقمة؟

هل نحن نستحق ذلك؟ هل نحن تآمرنا وفجّرنا وقتلنا لكي نتلقى العقاب الجماعي؟ فلماذا إذا نسكت على الإهانات، وعلى الدعوات العنصرية التي تضعنا جميعًا في بوتقة واحدة، مع آخرين لا نعرفهم ولا نريد أن نعرفهم؟ لماذا نقبل الخوف؟

علينا أن ندرك أن الرهان المستقبلي سيكون علينا نحن، الذين في أوروبا، عندما تزداد الأوضاع العربية تدهورًا. وعلينا أن نكون جاهزين لأن خط الرجعة مقطوع، ولسنا نحن اللذين قطعناه!

وفي هذه المقاولة سأرد على من ينعت العرب بالكسل، ويعتقد أنه لولا الأوروبي، لما قامت لنا قائمة. والحقيقة هي أننا لسنا الطرف الذي كان بحاجة للمستعمر، بل المستعمر هو الذي كان بحاجة لنا، لأرضنا وتراثنا وثرواتنا وبترول العرب.

وأينما ذهب المستعمر، فإنه استخدم حججًا كثيرة واهية، ليسيطر علينا، منها؛ أنه قادم لفتح المدارس والطرقات وسكك الحديد. وكان يكذب علينا ويسرق ثرواتنا.

ويسأل القارىء ما معناه؛ هل سيكون حالنا أفضل لو لم يستعمروننا وبقينا بدو تائهين في الصحراء؟ وأنا أجيبه مستشهدة بمثال الزعيم الهندي "غاندي"، خريج القانون من بريطانيا العظمى، والذي تعرض للعنصرية التي أتحدث عنها، لأن هذا ما دفعه لأن يخلع البدلة ويتخلى عن رباط العنق الخانق ويعود لفلاحيته، وبساطته وإرثه الثقافي في الهند. هذا الرجل "البدوي"/ الفلاح الحافي، هز بريطانيا ونال احترام وتقدير العالم.

فإذا كان كلامي لا يعجب هذا القارىء، لأنه يشعر بالنقص من ثقافته ولا يريد أن يصدّق إمرأة عربية، فها هو غاندي وقد أثبت للعالم أنه وبهندامه الهندي الوضيع إستطاع أن يدمّر المستعمر وبسلمية أيضًا.

وكما أني معجبة ب"غاندي"، فإني معجبة بنيلسون مانديلا، ورحلة نضاله الشهيرة ضد النظام العنصري الأبيض. وكذلك أنا معجبة بمارتن لوثر كينغ، المناضل الأمريكي الأسود، الذي حقق حرياتٍ مدنية للسود في أمريكا، محاربًا التمميز العنصري ضد شعبه. وهو المشهور بخطبته التي بدأها ب "أنا عندي حلم". وعقبال ما يكون عند العرب حلم التحرر من عقدة النقص!

وما أريد أن أقول أن عقدة الأجنبي استولت على عقولنا نحن العرب حتى أصبح الرجل الأبيض إلهنا، وأصبحنا نقارن أنفسنا به، نريد أن نشبهه. فكأن هذا المقياس والمعيار الذي تقاس به الأمور. وما يقول الرجل الأبيض يصبح قولًا مقدسًا.

فإذا قال إنه علينا الإندماج والإنخراط في المجتمع على طريقته، قلنا سمعًا وطاعة. وبالمناسبة، فإن لوثة المقارنة بالرجل الأبيض أصابت كل الشعوب وليس فقط العرب. ودومًا ما نقارن أنفسنا بالرجل الأبيض، ونقدر جامعاته ومؤسساته أكثر من جامعاتنا ومؤسساتنا، وذلك لأنَّا فقدنا قيمتنا الذاتية.

وإذا كانت أوروبا تطلب الإندماج والإنخراط والإستيعاب الثقافي، وهذا في الحقيقة لن يغير من الأمر كثيرًا، إنما حجة لتأطير وإدارة الأفراد والعائلات. فلماذا لا تطلب دول الخليج ذلك من الأوروبيين العاملين فيها؟ وغالبًا هم ذهبوا إلى الخليج لأنهم خارج سوق العمالة الأوروبية وغالبيتهم ليست لديهم الكفاءة الفعلية سوى لون بشرتهم وجوازات سفرهم. وأي أوروبي حقيقي يحترم نفسه لا يذهب إلى دول الخليج ولو دفعوا له ملايين.

وهؤلاء الأوروبيون العاملون في الخليج لا يندمجون في المجتمع العربي الأصيل، بل يجلبون معهم نمطهم الحياتي ومشروباتهم، وقد غيروا المجتمع الذي هم فيه. بمعني آخر اغتالوا الحياة المحلية. وهذا أيضا مثال على الفوقية الأوروبية وازدواجية المعايير. ولذلك لا تلوموا المجتمعات العربية، التي تعيش نمطها الإجتماعي على الهامش في أوروبا لأنهم حتى لو حاولوا الإندماج في المجتمع، فإنه لن يقبلهم بسبب أحكامه المسبقة.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تحياتي الأستاذة سندس القيسي
ماهر عدنان قنديل ( 2016 / 1 / 14 - 00:20 )
حياك وبياك الله الأستاذة سندس.. فعلاً سلسلتك -الأوروبي البدوي- حلوة وجميلة كثير.. عجبتني طريقتك في الطرح أختاه وثقتك في ثقافتك وحضارتك.. أنا على فكرة أوافقك معظم أفكارك.. ودائماً أقول أن الشرق هو منبع الفكر أما الغرب صحيح تقدم في القرنين الأخيرين والسبب يكمن في الثورة الصناعية التي بدأت من بريطانيا في القرن الثامن عشر ما حول المجتمع الغربي إلى مجتمع صناعي رأسمالي لكن هذا لا يعني أننا أقل منهم فكرياً.. مشاء الله عليكي الأستاذة سندس واصلي على منوالك


2 - الأستاذة سندس القيسي - 1
نضال الربضي ( 2016 / 1 / 14 - 06:29 )
تحية طيبة أستاذة سندس،

قرأت ُ مقالاتك ِ الثلاث فاسمحي لي بإبداء ِ بعض ِ الآراء:

- أرى أنك ِ استخدمت ِ لفظ البدوي للدلالة على نمط العيش الأقرب للبدائي لا بمعنى البداوة و خصائصها الثقافية العربية، فإن كان ما رأيته صحيحا ً فأنت ِ بهذا تنظرين َ إلى نزعة التوحش المشتركة الموجودة في الطبيعة البشرية و تريدين أن تصلي لنتيجة مفادها أن هذه النزعة ستخرج في الظرف الذي يُحررها من كوابحها، و أعتقد أن هذا صحيح فلنا في أعصار كاترينا في أمريكا و ما صاحبه من نهب و قتل و شغب الملاعب في بريطانيا و غيره أمثلة واضحة.

- خوف الأوروبي من العرب له ما يبرره، فازدياد حوادث الإرهاب التي سببها عرب يُنتج بالضرورة تميزا ً ضدنا، أتفق معك ِ أنه لا ذنب للمواطن الأوروبي من أصل عربي لكن يا سيدتي النفس البشرية لا تعمل بالمثاليات و الفضائل إنما تستجيب للخبرات الحسية و المؤثرات الخارجية، و لذلك معك حق أن تحاربي هذه العنصرية و معهم حق أن يخافوا، هذا هو الواقع بكل برودته و قسوته.

يتبع


3 - الأستاذة سندس القيسي - 2
نضال الربضي ( 2016 / 1 / 14 - 06:36 )
تابع من تعليقي الأول

- الدول الغربية توصلت بقوة تفاعلاتها التاريخية إلى نبذ الخلافات و الصراعات و الاقتتالات الداخلية لتكون سوق أوروبية مشتركة لها عملة واحدة و حدود مفتوحة لدرجة أنك ِ حين تجتاز الحدود في القطار لا تعلم أنك أصبحت في الدولة الأخرى سوى عندما ترى شبكة الموبايل قد تغير اسمها على جهازك، هذا مثال صغير يؤشر على مستوى رقي و حضارة كبير و لك ِ أن تقيسي على ذلك.

- لن يكون أبدا ً في أي بلد للمواطن نفس معاملة الوافد حتى في الرواتب و الحوافز، هذا جزء من طبيعة البشر سيدتي، و مرة أخرى أقول: لك ِ الحق أن تطالبي بالمساواة، و لهم الحق أن يميزوا ابن بلدهم بمعاملة خاصة، مرة أخرى إنه الواقع بقسوته و برودته.

- كعرب أرى أننا نتفوق على الأوروبين في موضوع واحد فقط لا أرى غيره و هو شرقيتنا الجميلة التي تتبدى في الأسر المُجتمعه المتماسكة و الرغبة في الإنجاب و بناء البيت العامر بأصوات الجدة و الجد و الأم و الأب و البنات و الأولاد و الأحفاد، هذا يجب ُ أن يتعلموه منا و هو لعمري شأن ٌ ليس بقليل و أمر ٌ ليس بالهزيل!

أتمنى لك ِ النجاح َ في مسعاك ِ للمساواة و العدالة، و أقدم احترامي الموفور لحضرتك!


4 - ليس الغربيين وحدهم يؤثرون ولا يتأثرون!
متابع حواري ( 2016 / 1 / 14 - 07:29 )
.. وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا(قرآن)

أغلب زملاء هذا الموقع الحوار المتمدن اليساري معجبون بالغرب وبالمرأة ،لكنهم ينظرون لمزاملتك لهم شزرا وأيضا يمنون أنفسهم بأن تتأثرين معهم بالغرب الامبريالي ( و ماما أميركا ربيبة الصهيونية العالمية و اللوبي اليهودي المتسلطة على أسرتنا الدولية )، إنهم متطرفون في تعصبهم ( لدينهم !) وينكرون على الآخر ( داعش ) تطرفه، ينشرون لأسماء بعينها حتى الهراء اليومي العنصري أعلى صفحة الموقع ويحجبون الآخر أو يجعلونه تكملة عدد التحديث اليومي أسفل صفحته

ويجأرون بالشكوى المرة كضحية من حجب الجلاد البدوي

السعودي لموقعهم الالكتروني الافتراضي، وآل سعود الأسرة الفاسدة ما زالوا دولة لها أسبابها في كتم الفم الأعجم .

إني متابع كنت أول كاتب حواري مع انطلاق الموقع في سنة أولى ألفية ثالثة 2001م

أرحب بك.


5 - ادلة دامغة على عنصرية الغربيين
nasha ( 2016 / 1 / 14 - 08:28 )
ما يلي أخبار تثبت وقوع ظلم شنيع وعنصرية فجة ضد المسلمين في الغرب الكافر.

انتخبت الهولندية من أصل مغربي خديجة عريب الأربعاء 13 يناير/ كانون الثاني 2016، رئيسةً لمجلس الشيوخ في البرلمان الهولندي وهي المرّة الأولى في هذا البلد الذي يبلغ عددُ سكانه 17 مليون نسمة ويضم حوالي 380 ألف نسمة من أصول مغربية

.
اعتبرت وزارةُ الخارجية الإسرائيلية الأربعاء 13 يناير/ كانون الثاني 2016، وزيرةَ الخارجية السويدية مارغو فالستروم غير مرحَّب بها في إسرائيل بعد طلبها إجراء تحقيق معمَّق حولَ ظروف قتل فلسطينيين برصاص القوات الإسرائيلية خلال الأشهر الأخيرة.


6 - الاخ الحبيب نضال الربضي
nasha ( 2016 / 1 / 14 - 09:01 )
تحياتي استاذ نضال الربضي وكل عام وانت والعائلة بالف خير وصحة وسلام.
عزيزي استاذ نضال انت انسان طيب الى ابعد الحدود ولكن صدقني الواقع عكس ما تدعيه بنت بلدك الكاتبة .
ولو كان الله صاحي ومو سكران عندما كتب القرآن لكان كتب هذه الاية
(وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ)
بالشكل التالي
وَلَن يرْضَى عَنكَ الْدواعش حَتَّى يَفْرِضْو مِلَّتَهُمْ عَلْى ألعْالَمُ او يُدَمَّروا وَيُدَمِروا
مهادنة العنصرية والفاشية الاسلامية خطأ فادح.
تحياتي الحارة يا اخ نضال الورد


7 - ادلة دامغة على عنصرية الغربيين
nasha ( 2016 / 1 / 14 - 10:57 )
نشر المصري أحمد جويلي والد نجوى جويلي أصغر نائبة في برلمان إسبانيا عدة صور لها وهي تترأس الجلسة الافتتاحية للبرلمان الإسباني.

وقال جويلي إنه فخور ومعتز بابنته نجوى، واصفا إياها ببنت ثورة ٢-;-٥-;- يناير في مصر حيث دعمتها وساندتها ووقفت بجوار شبابها قائلا: -إن نجوى أشرفت على انتخاب رئيس المجلس في أولى جلسات مجلس النواب الإسباني-.

وأضاف أن ابنته أدارت الجلسة الافتتاحية لسببين الأول أنها أصغر الأعضاء سنا من مواليد العام 1991 وتبلغ من العمر 25 عاما، والثاني باعتبارها أكثر النواب حصولا على الأصوات خلال الانتخابات.


8 - ??????????!!!!!!!!!!!!
ملحد ( 2016 / 1 / 14 - 12:43 )
??????????!!!!!!!!!!!!


9 - العزيز Nasha
نضال الربضي ( 2016 / 1 / 14 - 20:05 )
أخي الحبيب تحية سلام و محبة!

مفتاح فهم أي موضوع هو وضعه في نصابه و رؤيته كما هو بالتجرد من الأفكار المسبقة و النوايا المبيتة و الستيريوتايبس، و بناء ً عليه فمن الواضح أن الأستاذة الكاتبة تتكلم عن العنصرية التي تطال العرب بسبب أفعال الإرهابين السلفين التكفيرين و لا تتحدث عن أوروبا كقارة عنصرية أو كقارة بدوية، هذا أبعد ما يكون عن قصدها.

أرجو مراجعة تعليقي السابقين عن استخدامها لمفهوم البداوة بدلا ً من التوحش فلربما هذا هو منشأ سوء الفهم.

لا يجب التوقف عند آية معينة في القرآن مثل لن ترضى عنك اليهود و النصارى. فهم الدين لا يتم باختزاله هكذا، هناك المنشأ و الدافع و البيئة و دلالة النص و تطور الاعتقاد و الممارسة عبر العصور اللاحقة و الثقافة المنبثقة عن الدين.

بالنسبة لي لست ُ طيبا ً إلى حد السذاجة أو البله أو التعامي أو المهادنة، و قطعا ً لست ُ صبورا ً أمام العنصرية، لكن الأستاذة الكاتبة عبرت عن إحباطها من مُلاقاة ما هربت منه في الوطن العربي في أوروبا، أولسنا أخي كلنا نبحث عن السلام و الحب و الالتقاء و هو ما تريده الكاتبة أيضاً؟

علمني رهبان الفرير مبدأ القوة الهادئة يا صديقي.

دمت بود!

اخر الافلام

.. الفلسطينيون في الضفة الغربية يحيون الذكرى الـ 76 للنكبة


.. خلافات داخل الحكومة الإسرائيلية حول مستقبل قطاع غزة بعد الحر




.. من هو صلاح الدين الأيوبي برأي ريم بسيوني؟ • فرانس 24


.. تهريب سجين وقتل 3 حراس في فرنسا




.. الجيش الإسرائيلي: مقتل 5 جنود وإصابة 16 آخرين في تفجير مبنى