الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


البرلمان المصري وتحصين العقود

احمد البهائي

2016 / 1 / 14
مواضيع وابحاث سياسية


تنص المادة 156 من الدستور المصري على أنه "إذا كان مجلس النواب غير قائم، يجوز لرئيس الجمهورية إصدار قرارات بقوانين على أن يتم عرضها ومناقشتها والموافقة عليها خلال 15 يوما من انعقاد المجلس الجديد، فإذا لم تعرض وتناقش، أو إذا عرضت ولم يقرها المجلس زال بأثر رجعي ما كان لها من قوة القانون"، حيث أصدر كل من الرئيسين، السابق المستشار عدلي منصور، والحالي عبد الفتاح السيسى ما يزيد على 400 قانون، واعتبر خبراء أنه يستحيل على البرلمان مراجعتها فى تلك الفترة، ما يضع المجلس في مأزق حقيقي، ويتوقع محللون وخبراء سياسيون أن يتم تمرير معظم القوانين.

من القوانين التي صدرت في عهد عدلي منصور، قانون تحصين العقود الإدارية للدولة من الطعن، فقبل صدور هذا القانون أصدرت محاكم مجلس الدولة أحكاماً متعلقة ببطلان خصخصة شركات عمر أفندي وطنطا للكتان والنيل لحليج الأقطان، وكذلك بطلان عقد مدينتي وبالم هيلز، ما وضع الحكومة وقتها في مأزق، وطاردت أحكام الحبس رئيس الوزراء لعدم تنفيذه الأحكام، كما حدث مع رئيس الوزراء السابق، هشام قنديل.

قانون تحصين العقود يمنع أي طرف ثالث من الطعن فى العقود المبرمة بين الحكومة والمستثمرين، بزعم دعم اقتصاد البلاد المتعثر، في تنظيم إجرائي جديد، ينطلق من رغبة الدولة في استعادة الثقة في تعاقداتها وإرسال رسالة طمأنة للمستثمرين والممولين، وغيرهم من الراغبين في التعاقد مع الدولة، في إطار المشروعية وسيادة القانون. وهنا نأتي إلى الأهم، ما قد يؤدي إلى إسقاط الدعوى القضائية التي تطالب ببطلان عقد حصول شركة "سنتامين" على حق إدارة منجم ذهب السكري فى الصحراء الشرقية.
من هنا نقول إن قانون منع الطعون صدر في غفلة من الشعب المصري، وهو مخالف للدستور، ويهيئ لتفكيك أصول مصر وبيعها، أي بيع مصر بالقطعة، فهذا القانون المثير للجدل يعيدنا بالذاكرة إلى فرمان 1867 الذي منح الأجانب حق تملك الأراضي في مصر، ولم تقتصر ملكية الأجانب على الأرض، بل ملكوا أيضا المباني والبيوت والمصانع والشركات، وأصبحت الأعمال المالية كلها في أيديهم، بامتلاكهم وسيطرتهم على البنوك.

يوجد في مصر من ينتمون إلى المدرسة القديمة التي عفا عليها الزمن، وبلغت من الكبر عتياً، إذ تجدهم يهاجمون الاحتكار والرأسمالية المتوحشة، وبعد دخول المطبخ تجدهم أول من يصدرون قوانين وتشريعات لحماية المحتكر والمسيطر الأجنبي، ففترة الخمسينات والستينيات كانت ليست فقط فترة تحرر التراب الوطني من الاحتلال، بل تحرير الاقتصاد الوطني من السيطرة والاحتكارات الأجنبية أيضا، وذلك بصدور قرارات وقوانين مصيرية كثيرة حاولت إعادة الاقتصاد، ليكون وطنياً في خدمة الجمهور، أي منه وإليه. ولكن سرعان ما عاد النفوذ والاحتكار للاقتصاد، بفعل تحالف البورحوازية الكبيرة مع البورجوازية الإدارية، لتتشابك مصالحهما مع مصالح المحتكر الأجنبي، تحت مسمى الانفتاح الاقتصادي والرأسمالية السوقية والخصخصة، فمع مرور الوقت، اتضح أن ما يحدث في مصر هو صراع اقتصادي بامتياز، فالاقتصاد الوطني مازال يرضخ تحت احتلال السيطرة الأجنبية، السيطرة التي تمثلت في ثلاث مشاهد: الأول الديون التي تنشأ غالباً عن القروض المالية. والثاني تملك الأراضي الزراعية والعقارية، والثالث الاحتكارات الأجنبية في مجال الصناعة والتجارة والمال. وهذا أخطرهم، ويدور حوله الصراع في مصر الآن بشدة، إذ يحاول المحتكر التوغل أكثر لتزداد السيطرة وحشيةً، ليس فقط في زيادة نسبة رؤوس الأموال الأجنبية مقابل رؤوس الأموال المصرية التي تكاد تكون معدومة، لتكون أضعافاً مضاعفة فحسب، بل الامتلاك والإنفراد باستغلال مرافق معينة من دون وجود مزاحم لها، تمكّنها من فرض إرادتها على الجمهور فرضا، أي المرافق التي لها صفة المنفعة العامة، والتي لها صلة وثيقة بحياة الجمهور وصحته ومعاشه، كالكهرباء وماء الشرب والنقل وغيرها، حتى ملح الطعام، فتلك القوانين وكيفية التعامل معها تعتبر بمثابة أول اختبار حقيقي للمجلس.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غانتس يهدد بانسحاب حزبه من حكومة الائتلاف ما لم يصادق نتانيا


.. مراسلتنا: استهداف موقع الرمثا الإسرائيلي في مزارع شبعا |#الظ




.. السعودية تشترط مسارا واضحا نحو إقامة دولة فلسطينية مقابل الت


.. الجيش الإسرائيلي يواصل تصعيده ضد محافظات رفح والوسطى وغزة وا




.. إلى ماذا تؤشر عمليات المقاومة في رفح مستقبلا؟