الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأرهاب أم حوادث الطرق

طاهر مسلم البكاء

2016 / 1 / 14
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


رغم خطورة الأرهاب وتفننه يوميا ً في اصطياد الأبرياء بمختلف وسائل الموت ،كالمفخخات واللواصق والأحزمة التي يحملها انتحاريون مجندون بطرق مختلفة ،واستخدام الأسلحة المباشرة في قصف الأحياء الآهلة بالسكان ، واحتلال مدن وهتك الأمن والأعراض ،غير ان آخر احصائيات تشير الى ان ضحايا حوادث الطرق في العراق منذ عام 2003 ولحد الآن ،تفوق حوادث الأرهاب وبشكل ملفت للنظر .
تفنن الأرهاب وتنوعت مصادره بين الأرهاب الناشئ محليا ً والأرهاب الأقليمي والدولي وبرز بشكل واضح في العراق بعد عام 2003 ،وهو بداية الأحتلال الأمريكي ،حيث ادى غياب الأمن بسقوط الدولة المركزية الى قطع الطرق بأعمال قتل وخطف وسلب ونهب ،تطورت الى ماهو أخطر حيث دخل العراق في مواجهات مذهبية ،غير واضحة الجهات التي عملت على تأجيجها رغم انها لم تكن موجودة في البلاد قبل ذلك وكان جميع العراقيون يعيشون متجاورين متصاهرين بأمن وسلام ، غير ان فهم طبيعة الصراع لاحقا ً ،كشف عن الوجوه القبيحة لأغلب اللاعبين الذين كانت لبعضهم أحقاد ضد العراق ولبعضهم الآخر أطماع في أراضي العراق و ثرواته .
حوادث الطرق أخطر من الأرهاب :
ترجع حوادث الطرق الى العديد من الأسباب ،من أهمها :
- عدم وجود اي دراسة منطقية تبحث حالة الطرق المتوفرة ،واعداد السيارات في العراق المستمرة بالدخول بشكل تصاعدي ،وهذا ادى الى زيادة غير منطقية بأعداد السيارات لاتناسب وضع الطرق البائس ، فالطرق أغلبها من التي انشئت وقت النظام السابق، قبل 1990 حيث تعرض العراق بعد ذلك الى حروب وحصار شل قدرته الأقتصادية وأدى الى توقف المشاريع المهمة ، ومنها أنشاء الطرق ،ولم تعطي الحكومات التي جاءت بعد 2003 أهمية كبيرة لتوسيع الطرق وفتح منافذ وطرق حديثة وواسعة تتناسب مع أعداد السيارات التي كانت تغذيها التجارة والأرباح الخاصة بقوة ،دون إيلاء المصلحة العامة اي أهتمام يذكر .
- كما وقفت الدولة عاجزة ازاء الأرهاب ، فانها عجزت ان تقدم اي برنامج ناجح للحد من حوادث الطرق ،او على الأقل التقليل منها ، فليس هناك اي بحوث أو دراسات او خطوات جدية لدراسة الأسباب المؤدية لحوادث السيارات والعمل على معالجتها ،بل ان الجهات الحكومية تكتفي بالموقف السلبي المقتصر على تسجيل الحادث ،ونقل الجرحى و المتوفين من جراءه ،الى المستشفيات القريبة وكفى .
- عدم استغلال توفر السيولة النقدية بعد عام 2003وخصوصا ً وقت ارتفاع اسعار النفط ،في انشاء ومد شبكة طرق حديثة سواء في داخل المدن أو تلك التي تربط المدن العراقية مع بعضها ،بل أكتفت الدولة بالترقيع الذي لايغني ولايشبع من جوع ،بسبب انشغال مكوناتها بالفساد المالي والأداري والذي ادى الى ضياع ثروات العراق ووصوله الى حاله من الأفلاس مطلع عام 2016 .
- يبدو النظام المروري في البلاد نظاما ً مهزوما ً وضعيفا ً حاله حال مرافق الدولة الأخرى ،وعجز عن موائمة التطورات الجديدة وازدياد أعداد السيارات ،ففي وقت يتقدم العالم ،نجد ان أغلب طرقنا غير مقسمة مروريا ً ،وبعضها تستخدم الممر الواحد في الذهاب والمجئ ،وليس هناك أي اشارات مرورية أو اشارات تحديد السرعة أو أجهزة مراقبتها ، كما ان هناك المئات ممن يقودون السيارات على الطرق بدون اجازات سوق أو معرفة بأشارات وعلامات المرور .
- انعدام الرقابة والمتابعة من الأجهزة المعنية ،يتيح للسواق فرص التهور والسير بسرع خطرة لاتتناسب مع وضع الطرق البائس ،وانعدام مستلزمات السلامة فيها ،كما ان هناك من السواق من يستخدم الطريق وهو في حالات سكر .
تحصل حوادث المرور في أغلب دول العالم سواء أكانت متقدمة أم متأخرة ،ولكن بنسب متفاوتة تعكس مقدار تقدم تلك الدول ومدى إتباعها السبل والتطورات العلمية في الحد من هذه الظاهرة ومدى خطورتها على ارواح مواطنيها وعلى الممتلكات العامة .
ان الدول التي تستجيب للدراسات حول الأسباب والمسببات ومتابعة الأحصائيات ، وتضع المعالجات والحلول اللازمة لتفادي تكرار مثل هذه الحوادث والأقلال منها ان لم يكن بالأمكان منعها نهائيا ً،تنخفض لديها نسب الحوادث الى أقل ما يمكن حيث تنحصر بالتهور وفقدان السيطرة جراء المسكرات أو الأمراض وما شابه ذلك .
ونحن اليوم بأحوج مانكون لتظافر وتكاتف جهود الجميع من سياسين ورجال مرور وسواق ومواطنين ومنظمات لأشاعة ثقافة السلامة من اجل الوصول الى هدف منع الحوادث وبالتالي منع الوفيات والأصابات الناتجة من جراءها .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. خبراء عسكريون أميركيون: ضغوط واشنطن ضد هجوم إسرائيلي واسع بر


.. غزة رمز العزة.. وقفات ليلية تضامنا مع غزة في فاس بالمغرب




.. مسيرة إسرائيلية تستهدف سيارة مدنية شمال غرب مدينة رفح جنوب ق


.. مدير مكتب الجزيرة في فلسطين يرصد تطورات المعارك في قطاع غزة




.. بايدن يصف ترمب بـ -الخاسر-