الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السومرية الجميلة

محمد الذهبي

2016 / 1 / 16
الادب والفن


السومرية الجميلة
محمد الذهبي
اشارت اليه ان يقترب لتودعه، لم يكن يعلم انه الوداع الاخير، لا لن تذهبي ايتها السومرية الجميلة، لايمكن ان تتركيني بمفردي، ساشعر بالضياع والشيخوخة، انا معك طفل يحبو، لن انظر في المرآة لارى شيخوختي مادمتِ معي، لن ترحلي، لا اريد الوداع، انت وريثة القصب الذي يقف بوجه الريح لفصول، لايمكن ان ينال منك المرض، ستقهرينه انا اعلم، مثل كل مرة، اشارت بيدها الموشومة بنقوش قديمة، ربما تكون كتابة لتعاويذ الالهة السومرية القديمة، اجتلبه صوت خارج الغرفة ، انه مشفى، وكثيرون يموتون بفعل الشيخوخة والمرض، ونقص الخدمات الطبية، لكنني ساقف عند الباب، ارادت ان تقول له شيئا، وتوصي به فهو ابنها البكر، يتذكر كم كانت تحبه وتفضله على الجميع، عاش حياة رغيدة بظلها، لكنها تمتمت بصوت منخفض فيه لوعة الفراق الآتي:
( كلمن عرف داره ونزلها.... وديارنه غيّاب اهلها)
عندها فقط شعر انها على وشك الرحيل، فجرت دموعه تتسابق لتبلغ حافة السرير ، ولتقع على وجنتيها فتنتفض، وتعود الى غيبوبة، الضغط صفر لم تكن غيبوبة هذه المرة.
اندفع باكيا بكل قوته، وتعالت الاصوات من كل جانب ، الهواتف تعمل بلا انقطاع، لم يكن مصدقا مايحدث، وضع اذنه عدة مرات على صدرها ، علّه يسمع دقة خفيفة او قوية، مهما تكن على قلبها ان يعمل لايمكن ان تتركني وترحل، هزه اخوه واحتضنه، هدأ من روعه، لم يتزوج، بقي بلا عائلة، كانت امه وكل شيء في حياته، صديقته وعائلته التي صادرها الزمن عبر احداث مريرة شغلته وسرقته من هواجسه الاولى، هكذا بقيت بمفردي، يبكي كالطفل الصغير، ويتوجع كثيرا، الجميع لاحظ ذلك، لايمكن لاي احد ان يعترض، الجميع اعطوه الحق في حزنه الكبير، رحلت وهاهو البيت يفرغ كأنه بلا سكان، يتراجع حين تطأ قدمه اولى المربعات في غرفتها.
ويعود ثانية يلمح فراشها من بعيد، في اي دروب اضعت بوصلتي يا امي الحبيبة، في اي وقت تناهى الى سمعي رحيلك الاخير، لا ادري ربما سيمر هذا الكابوس، واستيقظ ثانية لاراك بطلعتك البهية، وبكلماتك الدافئة، لايمكن ان تنتهي الحياة بمجرد ان ينام الانسان كما نمت في المشفى، ستستيقظين ثانية ، انا متأكد، لايمكن للقوة الكبيرة التي اوجدتنا ان تكون لاهية، لايمكن لها ان تحركنا هكذا، وتفرقنا هكذا بدون لقاء آخر، لكنني اشعر باليتم، انا يتيم الآن، وكذلك اشعر اني شخت كثيرا، لن انظر بالمرآة لارى شيخوختي، لم تكن صادقة معي تلك المرآة، اغرتني كثيرا وتاهت بي في طرق شتى، كأنني لا ارى احدا يا امي، بالرغم من وجود الجميع.
نعم لا ارى احدا، انا بمفردي اعد الايام برحيلك ومازلت اتمنى ان يكون الامر مجرد كابوس، الا يمكن لله ان يعيدك ثانية، الم يعد اليعازر من قبل، هل هو نوم من نوع ما، وهل من الممكن ايقاظك؟ نعم انا لا اشك، سنستيقظ انا وانت صباحا، وسادخل المطبخ ثانية واسمعك ترددين:
( انهجم بيتها الدنيه خراريف.... تفرج وليفٍ من وليفْ
وليف المربيته على الكيفْ).








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مقابلة فنية | المخرجة ليليان بستاني: دور جيد قد ينقلني إلى أ


.. صانع المحتوى التقني أحمد النشيط يتحدث عن الجزء الجديد من فيل




.. بدعم من هيئة الترفية وموسم الرياض.. قريبا فيلم سعودي كبير


.. المخرج السعودي محمد الملا يتحدث لصباح العربية عن الفيلم الجد




.. الناقد الفني أسامة ألفا: من يعيش علاقة سعيدة بشكل حقيقي لن ي