الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العرب ومازق التشرذم

عبدالله العبادي
الكاتب الصحافي

2016 / 1 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


العرب ومازق التشرذم
لعل المتتبع للأحداث الجارية في العالم العربي يتساءل عن الدور الدي يمكن ان تقوم به الدول العربية لحل الخلافات الحاصلة ووقف الحروب والازمات التي تعصف ببعض شعوبها، والتي تؤدي مجتمعاتها ثمن ذلك بالمزيد من الانقسامات واعمال العنف والانهيارات السياسية والاقتصادية وتفاقم الاوضاع الاجتماعية المأساوية، في غياب مؤشرات الانفراج والحلول السياسية لتهدئة الوضع والخروج من النفق المظلم.
الوضع في سوريا يعتبر الأسوأ على الاطلاق، ازمة لاجئين، حصار مدنيين، حرب اهلية شرسة وتدخل اجنبي ينقل الحرب على الارهاب وتضارب المصالح الاجنبية الى الاراضي السورية. كما ان الاوضاع ليست بأفضل الاحوال في كل من اليمن والعراق وليبيا، دون ان ننسى القضية الفلسطينية قضية العرب الاولى وصراع الفلسطينيين من اجل الارض والكرامة.
امام كل هاته التحديات والمخاطر المحدقة بالوطن العربي يبدو غياب الوعي العربي عن استيعاب ما يحدث بالمنطقة وغياب وجهة نظر موحدة سواء من طرف النخبة السياسية أوالنخبة المثقفة، فالأولى يغلب عليها طابع المصلحة الذاتية في حين ما يجمع المثقفين العرب اقل بكثير مما يفرقهم لضيق مساحات التفكير والخلفيات الايديولوجية وانعدام مشروع فكري شامل يأخذ بعين الاعتبار الماضي ووقائع الحاضر من اجل بناء منظومة فكرية متكاملة لمستقبل الشعوب العربية.
في هدا الصدد وفي اطار العمل المؤسساتي، يتشبت العرب –ويأملون- دائما بالجامعة العربية كأداة لتفعيل العمل العربي المشترك وتنظيم الشؤون الاقليمية وبث الانسجام وتوحيد الاهداف بين الدول الاعضاء.
لكن الجامعة العربية كمنظمة تفتقر الى التنظيم الاقليمي الفعال، رغم الجهود المبدولة والتي بدلت من اجل الوحدة العربية وكذا الرأسمال المادي والمعنوي الدي وظف من اجل الوحدة. فالخلافات وضياع الرؤية الموحدة وغياب التنظيم الناجع حال دون ترجمتها الى واقع، فضلت بدلك الجامعة العربية مؤسسة لا فاعلية لها ولا تأثير في الاوضاع والصراعات الحاصلة بين الاقطار العربية.
ورغم التحولات الحاصلة في المنطقة لازالت الجامعة العربية كما كانت مند عقود تنقصها الرؤية الشمولية والتاريخية والمستقبلية القادرة على توحيد الصفوف وكذا المصالح المتناقضة ولم الشمل وتحديد الاهداف المشتركة ووسائل العمل على تحقيقها وبلورتها على ارض الواقع. ولدلك فهي بحاجة الى انتاج رؤى واضحة بعيدة عن تضارب المصالح الضيقة، رؤى ومشاريع تنظر الى الواقع ليس كقدر محتوم بل كتحديات يجب تكاثف الجهود لمواجهتها والخروج من الوضع الحالي ووضع برنامج عمل بعيد المدى يضع المصلحة العامة فوق كل اعتبار.
فالجامعة العربية بحاجة الى اعادة النظر في مشروعها واهدافها واطارها السياسي والقانوني وفاعلية جدول اعمالها لتوحيد المصالح المتناقضة والمتباينة للدول الاعضاء من اجل خلق تكتل اقتصادي واستراتيجي على غرار مناطق اخرى من العالم.
انها بحاجة الى نخبة سياسية مثقفة تتمتع بحسن وبعد النظر وجرأة الدفاع عن القضايا العربية وكدا التعامل معها بكل موضوعية في اطار المصلحة العامة بعيدا عن الحسابات السياسية الضيقة والتي لا تزيد الا من تأزم الوضع الراهن. نخبة قادرة على جمع شمل كل الاطراف والاطياف وتغليب المصلحة العليا وقادرة ايضا على صياغة حلول انية وبرمجة افكار لصياغة مشروع عربي وموقف عربي موحد يحظى باحترام الداخل والخارج، ويعطي للمؤسسة دورا رياديا لحل المشاكل والخلافات الراهنة والمستقبلية.
وفي المقابل يبقى وجود هده المؤسسة في الضمير العربي حاضرا، وقد يجسد في اللاوعي العربي حلم الوحدة حتى وان لم يتحقق ابدا. لكن على الاقل هناك اجماع على بقاءها، ربما يعطي لرجال السياسة انطباع الاطمئنان والالتقاء بين الفينة والاخرى، حتى ولو كانت اللقاءات فارغة الاطار والمضمون.
عبدالله العبادي. كاتب وباحث








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماذا بعد سيطرة إسرائيل على معبر رفح وما موقف القاهرة ؟| المس


.. أوكرانيا تعلن إحباط مخطط لاغتيال زيلينسكي أشرفت عليه روسيا




.. انتفاضة الطلبة ضد الحرب الإسرائيلية في غزة تتمدد في أوروبا


.. ضغوط أمريكية على إسرائيل لإعادة فتح المعابر لإدخال المساعدات




.. قطع الرباط الصليبي الأمامي وعلاجه | #برنامج_التشخيص